رفضٌ قانونيٌّ وأخلاقيٌّ لقرارات المجلس الوطني الفدرالي

الرباط – 5 نوفمبر 2025
في رسالةٍ مفتوحةٍ موجهةٍ إلى رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، أعلن عبد الله البقالي رفضه المطلق لمجمل القرارات التي اتخذها المجلس الوطني الفدرالي في اجتماعه الأخير (السبت فاتح نوفمبر 2025)، معتبراً إياها «فاقدةً للشرعية القانونية» و«خرقاً فظيعاً» للنظام الأساسي وللأعراف النقابية. ويُعدُّ البقالي، الذي كلّفه المؤتمر الوطني التاسع برئاسة لجنة التحكيم والأخلاقيات، صوتاً قانونياً مدوّياً يُنذر بأزمةٍ حكاميةٍ داخل أكبر هيئةٍ تمثّل الصحافيين المغاربة.
1. تعطيلٌ ممنهجٌ لأهمِّ مؤسسةٍ نقابية
يُسجّل البقالي، أولاً، أن المجلس الوطني الفدرالي لم يعقد سوى اجتماعين اثنين خلال سنتين كاملتين، واجتماعاً واحداً فقط طوال عام 2025. ويستند إلى الفقرة الأخيرة من الفصل الرابع عشر من النظام الأساسي التي تنصّ صراحةً على وجوب عقد دورةٍ عاديةٍ كل ستة أشهر.
«هذا الإخلال القانوني أعطّل عمل المجلس وجعل قراراته باطلةً شرعاً».
2. صلاحياتٌ تأديبيةٌ مزعومةٌ لا أساسَ لها
يتفاجأ البقالي بقرارات تأديبية (تجميد عضويات وغيرها) اتخذها المجلس، مع أن النظام الأساسي لا يمنحه أيّ صلاحيةٍ تأديبية. ويذكّر بأن المسطرة القانونية الوحيدة تفرض إحالة الشكايات إلى لجنة التحكيم والأخلاقيات للاستماع للأطراف واتخاذ التدابير الملائمة.
«تجاوزٌ خطيرٌ يُفرغ ضمانات حقوق الدفاع من مضمونها».
3. لجنةٌ استشاريةٌ أم رقابيةٌ مستقلة؟
يجدّد البقالي رفضه لحصر مهام اللجنة في دورٍ استشاريٍّ يُلحقها برئاسة النقابة ويُفقدها استقلاليتها.
«لا مراقبةَ دون استقلال، ولا مصداقيةَ دون حياد».
4. سنةٌ كاملةٌ من التعطيل المتعمد
سبق للرئيس أن تعهد، في ختام الاجتماع الثاني (قبل سنة)، بكشف أعضاء اللجنة خلال أيامٍ قليلة، فلم يفعل، مما أدّى إلى شلّ عملها لسنتين متتاليتين.
5. غيابُ التنسيق الأخلاقي
تجاهل الرئيس إجراء أيّ مشاوراتٍ مسبقةٍ مع رئيس اللجنة بشأن تشكيلتها، مخالفاً بذلك عرفاً نقابياً راسخاً.
6. تنافٍ صارخٌ في التشكيلة
من بين الأعضاء المعيّنين السيد خالد الكيراوي، عضوٌ فاعلٌ في الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين، حضر جمعها العام كناشرٍ واستقبل كلمةَ رئيس النقابة.
«كيف نُدين انتماءَ صحافيٍّ أجيرٍ إلى تنظيمٍ آخر، ثم نُشرّع بابَ الناشرين داخل لجنةٍ أخلاقية؟».
7. قراراتٌ فرديةٌ خارج القانون
يُدين البقالي التنسيق مع كياناتٍ سبق للمجلس حظرُ التعامل معها لضمّها منتحلي صفة، وربط اتصالاتٍ دوليةٍ دون تفويض.
خاتمةٌ تحذيرية
«لكلِّ هذه الأسباب وغيرها، أرفضُ التعاملَ مع هذا الوضع غير القانوني، وأطالبُ بتصحيحٍ عاجل. فإن لم يُستجب، سأضطرُّ إلى اتخاذِ ما يقتضيه القانونُ من تدابير».
بهذه اللهجةِ القانونيةِ الحاسمةِ يضع عبد الله البقالي النقابةَ أمام مفترقٍ طرق: إما احترامُ النظام الأساسي واستقلالِ مؤسساتها، وإما أزمةُ شرعيةٍ قد تهزُّ كيانَها برمّته.
فيما يلي نص الرسالة :
الرباط في 3 نوفمبر 2025
السيد رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية
الموضوع / إخبار و استفسار
تحية طيبة
و بعد :تناهى إلى علمي أن المجلس الوطني الفدرالي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية في اجتماعه المنعقد يوم السبت الماضي، اتخذ مجموعة من القرارات التنظيمية ، ضمنها تشكيل لجنة التحكيم و الأخلاقيات و التي سبق للمؤتمر الوطني التاسع للنقابة أن كلفني برئاستها .
و بالنظر إلى الأهمية البالغة التي تكتسيها القرارات المتخذة فإنني أحرص على إبداء الملاحظات التالية :
أولا : أسجل عدم احترام المقتضيات القانونية خصوصا النظام الأساسي للنقابة في التعامل مع مؤسسة المجلس الوطني الفدرالي ، بما يمثل تجاوزا خطيرا ، ذلك أن الفقرة الأخيرة من الفصل الرابع عشر للقانون الأساسي للنقابة تنص صراحة على عقد دورة عادية للمجلس الوطني الفدرالي مرة كل ستة أشهر ، و الحال أن المجلس لم يعقد إلا اجتماعين في سنتين ،و اجتماع واحد فقط خلال سنة 2025 .و بالتالي فإن الإخلال بهذا المقتضى كان سببا في تعطيل أهم مؤسسة في النقابة، مما يجعل من قراراته فاقدة للشرعية .
ثانيا : علمت أن اجتماع المجلس الوطني الفدرالي المنعقد يوم السبت الماضي اتخذ قرارات تأديبية ، من تجميد عضوية و غيره ، و الحال أنه لا يوجد أي مقتضى قانوني في القانون الأساسي للنقابة يخول هذه الصلاحية التأديبية للمجلس الوطني الفدرالي .
و أعتقد أنه لا يغيب عليكم أن التأديب منظم بمسطرة قانونية تضمن حقوق جميع الأطراف إذ تفرض إحالة ما يتوصل به المكتب التنفيذي من شكايات و تظلمات، مرفقة بالحجج، و تجاوزات إلى لجنة التحكيم و الأخلاقيات التي تتكلف بمعالجة ما يحال إليها بما في ذلك الاستماع لأطراف القضية ، و اتخاذ ما تقدره ملائما طبقا لقوانين النقابة ، لذلك فإني أعلن لكم أنني فوجئت بهذا الخرق الفظيع و التجاوز الخطير ، و بالتالي أعلن رفضي المطلق لما اتخذ من قرارات فاقدة للشرعية القانونية .
ثالثا : سبق لي في الاجتماع الثاني للمجلس الوطني الفدرالي الذي انعقد قبل سنة أن أعلنت عدم موافقتي على حصر مهمة لجنة التحكيم و الأخلاقيات و في إطار استشاري يفرغ هذه المؤسسة من أي محتوى ويجردها من أية مصداقية و يحولها إلى ملحقة تابعة لرئاسة النقابة ، و يفقدها الاستقلالية و تصبح فيها قيادة النقابة منفلتة من المراقبة ، و مرة أخرى أجدد لكم هذه القناعة .
رابعا : سبق لكم أن أعلنتم في نهاية أشغال الاجتماع الثاني للمجلس الوطني الفدرالي أنكم ستكشفون عن أعضاء لجنة التحكيم و الأخلاقيات في غضون الأيام القليلة التي تلت ذلك الاجتماع . و الحال أنكم لم تمتثلوا لهذا الالتزام و بالتالي تسببتم في تعطيل عمل هذه اللجنة لمدة سنة كاملة ، بما مثل تعطيلا متعمدا لعملها، إنضافت إلى سنة أخرى منذ انعقاد المؤتمر .
خامسا : جرت الأعراف و التقاليد أن يجري رئيس النقابة مشاورات و تنسيقا، مسبقا، مع رئيس اللجنة فيما يتعلق بتشكيلها و تسمية اعضائها ، و الحال مرة أخرى أنكم لم تفوا بهذا الالتزام الأخلاقي بما يمثل تجاوزا لرئاسة اللجنة ، و هذا ما لا يمكن قبوله .
سادسا : عينتم ضمن تشكيل لجنة التحكيم و الأخلاقيات شخصا يوجد في حالة تنافي ،و يتعلق الأمر بالسيد خالد الكيراوي الذي هو عضو فاعل في الجمعية الوطنية للإعلام و الناشرين ، و تتذكرون أنكم عاينتم مشاركته، كمؤتمر بصفته ناشرا، في الجمع العام للجمعية قبل أكثر من سنة، و الذي ألقيتم خلاله كلمة باسم النقابة في جلسته الافتتاحية . و أستحضر في هذا السياق أنكم كنتم وراء إلغاء عضوية أعضاء من النقابة تبث انتماءهم إلى تنظيمات مهنية أخرى، خاصة وأن الأمر يتعلق بمالك مقاولة وليس أجيرا .
لذلك لن أقبل بعضوية شخص ناشر ينتمي إلى تنظيم خاص بالناشرين ، ليس إلى لجنة التحكيم و الأخلاقيات ، و لكن الانتماء إلى النقابة أصلا .
سابعا : تابعنا باستغراب كبير جدا تعمدكم الإقدام على اتخاذ العديد من التدابير و القرارات الهامة بصفة فردية و دون احترام لمقتضيات القانون الأساسي للنقابة ، كان آخرها التنسيق مع تنظيمات سبق للمجلس الوطني الفدرالي و لجميع أجهزة النقابة حظر التعامل معها لأنها تضم أشخاص غير مهنيين و هم بذلك مصنفون في خانة منتحلي الصفة، وربط اتصالكم بمنظمات دولية في موضوع لا علاقة لها به .
لكل هذه الأسباب و غيرها كثير فإني أعلن لكم رفضي المطلق التعامل مع هذا الوضع الغير قانوني ، و أنتظر منكم تصحيحا عاجلا لها و إلا سأكون مضطرا لاتخاذ ما يقتضيه الأمر من تدابير و قرارات .مع خالص التحية
عبدالله البقالي
عضو المجلس الوطني الفدرالي و الرئيس السابق للنقابة الوطنية للصحافة المغربية








