الصحافة‭ ..‬لا‭ ‬خيار‭ ‬سوى‭ ‬النجاة

كيف‭ ‬نعيد‭ ‬الاعتبار‭ ‬للصحافة،‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬ورقية‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬اصداراتها‭ ‬الالكترونية؟‭ ‬فالنوعان‭ ‬يعانيان‭ ‬ضيق‭ ‬مساحات‭ ‬الإعلان‭ ‬الداعم،‭ ‬ويواجهان‭ ‬هجمة‭ ‬السطو‭ ‬على‭ ‬حقوق‭ ‬النشر‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مقابل،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬معاناة‭ ‬ضمنية‭ ‬للصحف‭ ‬ذاتها‭ ‬مع‭ ‬كتّابها‭ ‬الذين‭ ‬نرى‭ ‬بعضهم‭ ‬لا‭ ‬يراعون‭ ‬الشروط‭ ‬الصحيحة‭ ‬في‭ ‬النشر‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬واحد‭ ‬وفي‭ ‬اطار‭ ‬رؤية‭  ‬تنمو‭ ‬مع‭ ‬الأيام‭ ‬في‭ ‬منبر‭ ‬اعلامي‭ ‬تعتاد‭ ‬عليه‭ ‬عين‭ ‬القارىء،‭ ‬اذ‭ ‬لا‭ ‬نزال‭ ‬نصادف‭ ‬مقالات‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬الصحف‭ ‬وهي‭ ‬مرسلة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬الى‭ ‬عدد‭ ‬لا‭ ‬يحصى‭ ‬من‭ ‬المواقع‭ ‬الإخبارية‭ ‬والمنابر‭ ‬الإعلامية،‭ ‬بما‭ ‬يشبه‭ ‬الحملة،‭ ‬فلا‭ ‬تبقى‭ ‬أي‭ ‬خصوصية‭ ‬وتميز،‭ ‬كما‭ ‬انه‭ ‬انتهاك‭ ‬لحق‭ ‬الصحيفة‭ ‬التي‭ ‬تنشر‭ ‬المادة‭ ‬أولاً‭. ‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬اعتماد‭ ‬الصحيفة‭ ‬كتّاباً‭ ‬معينين،‭ ‬وحين‭ ‬تفتح‭ ‬أبوابها‭ ‬لما‭ ‬يرد‭ ‬من‭ ‬المقالات‭ ‬الجيدة‭.‬

المسألة‭ ‬ليست‭ ‬اصداراً‭ ‬ورقياً‭ ‬أو‭ ‬الكترونياً،‭ ‬وإنّما‭ ‬هي‭ ‬تقاليد‭ ‬واحترام‭ ‬لشروط‭ ‬مهنية‭. ‬

كما‭ ‬انّ‭ ‬المعاناة‭ ‬في‭ ‬خضوع‭ ‬الصحافة‭ ‬بأصنافها‭ ‬لضغوط‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المرئية‭ ‬ومنصات‭ ‬البث‭ ‬التدفقي‭ ‬التي‭ ‬تغزو‭ ‬العالم،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الاستسلام‭ ‬لها‭ ‬والبقاء‭ ‬في‭ ‬طور‭ ‬البكائيات‭ ‬على‭ ‬اطلال‭ ‬صاحبة‭ ‬الجلالة‭ ‬التي‭ ‬أفل‭ ‬نجمها‭. ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬النُخب‭ ‬وهم‭ ‬بعشرات‭ ‬الالاف‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المجتمعات‭ ‬العربية‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬الرصين‭ ‬والرأي‭ ‬المنير‭ ‬والتحقيق‭ ‬والحوار‭ ‬والسبق‭ ‬وتفاصيل‭ ‬الاخبار‭ ‬وما‭ ‬وراءها‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حاجة‭ ‬أكيدة‭ ‬لفهم‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬لاتخاذ‭ ‬المواقف‭ ‬الصحيحة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬والعمل‭ ‬والعيش‭ ‬للإنسان‭ ‬العادي‭ ‬والمتخصص‭. ‬وهذه‭ ‬النخب‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬الرصين‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تتيحه‭ ‬أضواء‭ ‬المتعة‭ ‬العابرة‭ ‬في‭ ‬البث‭ ‬التدفقي‭ .‬

يقف‭ ‬أستاذ‭ ‬الترجمة‭ ‬في‭ ‬كلية‭ ‬الآداب‭ ‬ويطلب‭ ‬من‭ ‬طلبته‭ ‬ترجمة‭ ‬نص‭ ‬لمقال‭ ‬أو‭ ‬تقرير‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬عربية‭ ‬بحسب‭ ‬اختياراتهم‭ ‬من‭ ‬المنشور‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬في‭ ‬البلد‭. ‬يبدأ‭ ‬الطلبة‭ ‬بالتدافع‭ ‬بين‭ ‬حيرة‭ ‬وتساؤل‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬نص‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬وكأنهم‭ ‬سمعوا‭ ‬لتوّهم‭ ‬بوجود‭ ‬صحف‭ ‬تباع‭ ‬في‭ ‬المكتبات‭ ‬أو‭ ‬لها‭ ‬مواقع‭ ‬على‭ ‬النت،‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬رواه‭ ‬لي‭ ‬صديق‭ ‬أكاديمي‭ ‬،‭ ‬الذي‭ ‬أردف‭ ‬بالقول‭: ‬اننا‭ ‬بحاجة‭ ‬الى‭ ‬فتح‭ ‬ندوات‭ ‬نقاشية‭ ‬بين‭ ‬الصحافة‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬اجتماعية‭ ‬وثقافية‭ ‬وسياسية‭ ‬،‭ ‬والاوساط‭ ‬الجامعية‭ ‬طلبةً‭ ‬وأساتذة،‭ ‬اذ‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬هناك‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الوسط‭ ‬الفاعل‭ ‬لا‭ ‬يتعاطى‭ ‬بإيجابية‭ ‬مع‭ ‬الصحافة‭ ‬ويظنها‭ ‬أمراً‭ ‬عابراً‭ ‬وليس‭ ‬ضميراً‭ ‬حياً‭ ‬ونبضاً‭ ‬لا‭ ‬يتوقف‭ ‬مثل‭ ‬الحياة‭.‬

رأي‭ ‬هذا‭ ‬الاكاديمي،‭ ‬يمكن‭ ‬تطويره‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬صلات‭ ‬مع‭ ‬الجامعات،‭ ‬تتجاوز‭ ‬المجال‭ ‬العلمي‭ ‬البحت‭ ‬مثل‭ ‬مناقشة‭ ‬رسائل‭ ‬جامعية‭ ‬في‭ ‬الاعلام،‭ ‬الى‭ ‬فتح‭ ‬النقاش‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬الصحافة‭ ‬وماذا‭ ‬يريد‭ ‬الناس‭ ‬ولماذا‭ ‬لا‭ ‬يتابعونها‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬الحال‭ ‬سابقا‭ ‬،‭ ‬وأين‭ ‬يكمن‭ ‬التقصير‭ ‬‭ ‬ومن‭ ‬يستطيع‭ ‬التعاون‭ ‬للنهوض‭ ‬بالصحافة‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬نهضة‭ ‬المجتمع‭ ‬نفسه،‭ ‬وماذا‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬نستحدث‭ ‬لنلبي‭ ‬الاذواق‭ ‬الجديدة‭ ‬‭ ‬لأنّ‭ ‬الصحافة‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬حركية‭ ‬المجتمع‭ ‬والناس،‭ ‬فالصحافة‭ ‬تنطق‭ ‬عن‭ ‬أحياء‭ ‬لا‭ ‬أموات،‭ ‬والمجتمع‭ ‬حيّ‭ ‬لذلك‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تعي‭ ‬الصحافة‭ ‬معنى‭ ‬هذه‭ ‬الحياة‭ ‬وتتفاعل‭ ‬معها‭ ‬خارج‭ ‬نقابيات‭ ‬حجرية‭ ‬أو‭ ‬متطفلين‭ ‬أساءوا‭ ‬للمهنة‭ ‬أو‭ ‬عوامل‭ ‬روتينية‭ ‬استهلاكية‭ ‬أو‭ ‬أسباب‭ ‬خارجية‭ ‬أخرى‭. ‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى