” الأمر العظيم يبدأ عظيما “

عبد السلام المساوي
1- يقول الفيلسوف الألماني هايدغر : ” الأمر العظيم يبدأ عظيما ؛ وأمر نداء الأفق الاتحادي ؛ نداء المصالحة والانفتاح بدأ عظيما ، وسيستمر عظيما ؛ بدأ عظيما قبل يوم 29 اكتوبر 2019 ، لأنه صدر عن ارادة صادقة بعناوين الوفاء ، الايمان ، البناء …صادر عن قيادة اتحادية تروم القطع مع التشتيت وتنشد التوحيد …وتنشد الوحدة ….

بدأ عظيما من قبل ومن بعد …وكان يوم 29 اكتوبر يوما عظيما ، يوما تاريخيا ، عرسا ، يوما اتحاديا احتفاليا ، يوما امتد فيه الماضي في الحاضر مستشرفا المستقبل …كان يوما ناجحا ؛ الاتحاديات والاتحاديون ، كل الاتحاديات والاتحاديين ، جاؤوا من كل زمان ومكان وفاء للتاريخ وتلبية لنداء المصالحة والانفتاح …

وكان يوم 29 اكتوبر فيصلا بين ارادة البناء والوحدة ونزوعات الهدم والتشتيت …
وكان يوم 29 اكتوبر فيصلا بين النضال والانتهازية…بين من استجاب لنداء الضمير وبين من استجاب لنداء الريع….

نداء الأفق الاتحادي بدأ عظيما وسيستمر عظيما ؛ لأنه يتضمن وعيا تاريخيا جديدا ومؤشرات لرؤية سياسية جديدة .

نداء المصالحة والانفتاح بدأ عظيما وسيستمر عظيما ؛ باعتباره يتسم بالجرأة العالية والشجاعة السياسية ، والمنهجية الواضحة في رسم الطريق للتصالح مع الاتحاديات والاتحاديين والانفتاح على المواطنين .

نداء الأفق الاتحادي بدأ عظيما وسيستمر عظيما ؛ باعتباره خلاصة لتجربة واستشرافا لوعي ، ومن ملامح هذا الوعي اعتماد مقاربة جديدة في بناء الحزب ، الحزب – المؤسسة ، توسيع دائرة الانخراط النوعي ، تجديد العلاقة مع المجتمع ، ابداع اساليب جديدة للتواصل مع المواطنين وتوسيع المشاركة السياسية ….

نداء المصالحة والانفتاح بدأ عظيما وسيستمر عظيما ، لأنه يشكل ، كما جاء في كلمة الكاتب الأول ذ ادريس لشكر خلال الاعلان عن فعاليات تخليد الذكرى الستين لتأسيس حزب الاتحاد الاشتراكي ، يشكل ” نداء العودة والرجوع والاندماج من جديد في حضن العائلة الاتحادية ؛

نداء لا يستهدف تسجيل مواقف ظرفية أو مؤقتة ، بقدر ما يستهدف اعادة بعث الروح الاتحادية في اخوان وأخوات قادتهم الظروف الى الابتعاد عن العمل السياسي ؛
نداء يستهدف الانخراط في مسلسل الانفتاح على الكفاءات التي نريدها كفؤة ونزيهة وقادرة على في التصور الاتحادي.”

نداء الأفق الاتحادي بدأ عظيما وسيستمر عظيما ، لأنه يروم تقوية صفوف الاتحاد الاشتراكي ، تصالحه مع ذاته ومع المواطنين والمجتمع …

لأنه يدعو الى فتح الأبواب ، فتح العقول والقلوب ، امام كل أبناء وبنات الاتحاد الاشتراكي ، امام كل الاتحاديات والاتحاديين الذين خاصموا حزبهم في لحظة من اللحظات ، لأسباب ذاتية او موضوعية ، والذين غادروه بصيغة او أخرى وبخلفيات مختلفة….

لقد تبين يوم 29 اكتوبر بمسرح محمد السادس ؛ ان الاتحاديات والاتحاديين ، لا يشكلون فقط حزبا ؛ انهم عائلة ، بنية نسقية متماسكة ومتناغمة ….قد يتخاصمون ، يختلفون ، يغضبون ، يرحلون ، يعتزلون وينعزلون …وهذا حال الأخوة في كل أسرة . ولكن وقت الحسم يلتحمون ويتماهون ، يتجاوزون صغائر الأمور ، ليتفرغوا ، متراصين ومتضامنين لعظائمها ….” ان حزبنا يعتبر أن الظرفية تقتضي اعادة الدفء للعائلة الاتحادية من خلال تحديد أفق اتحادي جديد قائم على المصالحة والانفتاح ، وان الذكرى الستينية تفرض علينا تحمل المسؤولية الجماعية لانجاح هذا الورش ، الذي نريده ورشا عاما وشاملا ، يصالح الذات الاتحادية مع نفسها من خلال تجميع الحركة الاتحادية ، ومع المجتمع عبر الانفتاح على الطاقات والكفاءات المختلفة .”

” انكم مدعوون الان – ايتها الاتحاديات ، أيها الاتحاديون – ، واكثر من أي وقت مضى ، الى ترصيص الصفوف وتجميع القوى لاعادة الدفء للعائلة الاتحادية بين كل من سبق ان عمل في اطار الحزب ، أو تعاطف معه ، أو دافع عنه ، أو اقتنع بمبادئه ، ومدعوون الى الانفتاح على مختلف الكفاءات والأطر النزيهة ، المتشبعة بالأفكار التقدمية وبقيم الديموقراطية والمساواة والحداثة ، والقادرة على المشاركة في تجديد الفكر الاتحادي وتطوير مشاريعه وبرامجه من أجل المساهمة الفاعلة في ازدهار البلاد وصناعة مستقبل أفضل .”

نداء المصالحة والانفتاح بدأ عظيما وسيستمر عظيما ؛ لأنه نداء من أجل الوحدة والمصالحة… ان وحدة الحزب ثقافة وسلوك ، قناعة وممارسة ، الإيمان بوحدة الحزب تبدأ اولا بالانخراط في بنائه وتقويته ، وتقوم ثانيا على القطع مع العقلية التشتيتية التدميرية وأصحابها ، وقبل هذا وذاك تقتضي الحسم مع الذات والخروج من دوائر الكسل والتذبذب واللعب على الحبال …ان وحدة الحزب مسؤولية أساسية ملقاة على جميع الاتحاديات والاتحاديين مهما اختلفت مواقعهم ، وحدة تحكمها قوانين الحزب وقوانينه ، وتؤطرها قيمه الإنسانية التقدمية المناهضة للتمييز والكراهية والحقد ، ويحصنها مشروعه المجتمعي الديموقراطي الاشتراكي الحداثي والتضامني. ان وحدة الحزب والحالة هذه ، مسؤولية والتزام ، تفرض على الجميع الانخراط الأخوي ، الواعي والمسؤول ، في إنجاز المهام التاريخية الملقاة على عاتقه في هذه الظرفية…

” غايتنا – ايتها الاتحاديات ، ايها الاتحاديون – ان نستمر في خدمة بلادنا بفعالية أكبر ، مهمتنا ان نسهم في ترسيخ الديموقراطية والتحديث ، مسؤوليتنا أن نحرص على تطوير الحزب وتقوية اليسار ، التزامنا أن نظل أوفياء للعائلة الاتحادية والمبادئ والقيم المشتركة ، رهاننا حزب بوهج جديد لاعلاء كلمة الوطن وخدمة الشعب .”

2- ونجحت المصالحة ؛ فماذا ينتظرنا ؟
ان الاتحاد الاشتراكي الوفي لتاريخه الوطني ، المتشبع بهويته التقدمية ، المستند إلى جذوره الاجتماعية – الشعبية ، ليشكل في عالم اليوم قوة سياسية ، حداثية ، تنخرط بوعي ومسؤولية في المساهمة في صنع مستقبل البلاد ، عبر مراهنتها المتبصرة ، السياسية والتنظيمية ، على دور الشباب ، ودور المرأة ، ودور الاطر الوطنية ، ودور القوى المنتجة في البلاد في استيعاب ، التحولات الإنتاجية الجارية ، واستدماج الثورات التكنولوجية المتواصلة..”

يقول الكاتب الاول للاتحاد الاشتراكي امام المجلس الوطني -29 شتنبر 2018- ( فيما يتعلق بالتجذر القوي في المجتمع ، فلا حاجة للتذكير بأن التنظيم لا جدوى منه ما لم يكن متجذرا في نسيج المجتمع ، وما لم يكن أطر الحزب ومناضلوه متواجدين في الواجهات الجمعوية ومؤطرين للحركات الاجتماعية ، وعلى اتصال دائم بالناخبين والسكان وعموم المواطنين ، في مواقع عملهم وسكناهم ، لذلك فإن خارطة الطريق لعودة حزبنا بقوة للمجتمع ، بمزيد من التجذر والحيوية ، لابد أن يتم الإعداد على مستوى المؤتمرات الجهوية والإقليمية ، حسب خصوصيات كل جهة او إقليم ، وذلك بما يضمن شروط القرب والجدوى والفعالية ، وفي هذا الاتجاه نعتزم عقد منتدى وطني الكفاءات الاتحادية ، التي تتحمل المسؤوليات في الجمعيات الوطنية ، والمنظمات غير الحكومية ، والحركات الاجتماعية ، من أجل تشخيص الأوضاع ورسم آفاق العمل بالنسبة للمرحلة المقبلة …)

وهكذا كان هذا المجلس الوطني مناسبة أكد من خلالها الكاتب الاول ، على ضرورة النظر إلى أنفسنا وتنظيمنا الحزبي ، المحلي ، الاقليمي والجهوي . من هنا دعا جميع اعضاء المجلس الوطني ، ومسؤولي التنظيمات الحزبية بالاقاليم والجهات الى تقوية الحزب تنظيميا – الرصيد الاساسي لحزب القوات الشعبية – أن على مستوى الكم او على مستوى الكيف ، وذلك بالانفتاح على المؤهلات والفعاليات المجتمعية المومنة بالمشروع المجتمعي الديموقراطي الحداثي ، بعيدا عن كل طموح ذاتي او مصلحة مادية انية . على الاتحاديين والاتحاديات ان ينتفضوا تنظيميا ويحطموا الاوهام والأصنام ، ويكسروا الانغلاق ، ليتصالحوا مع الذات ، مع المجتمع ، ، مع الكفاءات والخبرات ، مع الاطر الجدية والفاعلية ، المسؤولة والمواطنة .على المناضلين الاتحاديين التواصل الفعال مع المواطنين ، من خلال الانصات لمشاكلهم وهمومهم ، والتعبير عن تطلعاتهم ، القرب من المواطنين وفي الميدان .فالاتحاد الاشتراكي ، بتنظيمه بتنظيمه المحكم وبرؤيته الواضحة ، بمصداقية مناضليه ، وبانفتاحه على الفعاليات والكفاءات ، قادر على كسب الرهان والمساهمة في البناء والتنمية .

ان الرهان الأساسي المطروح على حزبنا ، اليوم ، هو رهان مرتبط بقدرته بقدرته على الانفتاح واستقطاب أطر وكفاءات وطاقات من شأنها أن ترفع من القيمة المضافة لحزبنا ، وأن تجعله قادرا على تقديم مشاريع ملموسة ، فعلى الاتحاد الاشتراكي ان يكون قادرا على المزج بين الديموقراطية والفعالية ، في تصوراته ومقاربته الواقع ورسم آفاق المستقبل .

جاء في التقرير السياسي للكاتب الأول امام المجلس الوطني -29 يونيو 2019 – “إن الاستحقاقات الانتخابية المقبلة تدعونا الى تكثيف جهودنا ومواصلة التعبئة التنظيمية والإشعاعية من أجل الإعداد المبكر لخوضها في ظروف أفضل أخذا بعين الاعتبار أداءنا الحزبي خلال التجربة الانتخابية السابقة . ويقتضي هذا الأمر انكباب مؤسسات حزبنا ، بمختلف مستوياته العمودية والأفقية ، على استعادة دوره الطلائعي ، وتنشيط تحركه الوازن وتقوية مواقعه المكتسبة في مختلف التنظيمات والهيئات . وفي سياق هذا التوجه التعبوي ، لا بد من الاهتمام بثلاث روافع من روافع النهوض الاتحادي :

أولا ، رافعة الاتحاديات والاتحاديين الذين ركنوا الى مواقف الانزواء والانتظار ، دون المساس بوحدة الحزب أو النيل من رصيده الوطني وصدقيته السياسية ، والذين يمتلكون التجربة النضالية والخبرة السياسية والكفاءة التنظيمية ، هؤلاء الأخوات والاخوة جدير بهم أن يضعوا اليوم ذكاءهم وخبرتهم ورصيدهم في خدمة حزبهم من أجل خدمة القضايا العادلة للوطن .

ثانيا ، رافعة النخب والمثقفين الذين لم يعودوا يجدون المكان المناسب للقيام بدورهم في الحياة السياسية والذين يتعين إعادة مد الجسور معهم من أجل المساهمة السياسية الفعلية والمباشرة ، بما يمكن من الدفاع عن المشروع المجتمعي التقدمي الحداثي .

ثالثا ، رافعة الشباب باعتباره المستقبل السياسي الواعد لبلادنا الذي علينا في مختلف المؤسسات الحزبية ان تفسح له المجال لاندماج اكبر في الفعل السياسي وتأثيره ، سياسيا وثقافيا ، على مستوى الجهات والأقاليم ، من أجل تأهيله لتحمل المسؤولية السياسية والقيادية في المستقبل للدفع بعجلة الاصلاح والتحديث .”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى