وجدة والمنطقة الشرقية: بين الآمال المعقودة والتحديات المزمنة

عبد العالي الجابري

في إطار النقاشات الحيوية التي تستضيفها منصة “أصدقاء الشرق” تحت إشراف الإعلامي القدير محمد الهرد، طرح الدكتور فواز واريز، العضو النشيط بالمنصة، موضوعًا هامًا يعكس هموم وطموحات أهالي المنطقة الشرقية، وبالأخص مدينة وجدة، تحت عنوان: “وجدة والمنطقة الشرقية بين الآمال والتحديات – رؤية واقعية ومسؤولية جماعية”. هذا النقاش تابعته باهتمام بالغ لأنه شهد تفاعلًا كبيرًا من أعضاء المجموعة، حيث سلط الضوء على واقع الجهة، مع طرح أسئلة جريئة حول أسباب التهميش، ضعف التنمية، وغياب الرؤية الاستراتيجية.

شكر خاص
أتوجه بجزيل الشكر والتقدير للأستاذ محمد الهرد، منسق منصة “أصدقاء الشرق”، على جهوده الحثيثة ، وكذا الدكتور فواز واريز مقترح هذا النقاش الهادف، ولجميع الأعضاء الذين ساهموا بآرائهم ومقترحاتهم القيمة، مما أثرى الحوار وأعطاه بعداً تنموياً ومجتمعياً متميزاً.
.. وحتى لا يمر هذا النقاش مر الكرام ودون تأثير يذكر سنحاول في هذا المقال توثيقه وإثارة الانتباه اليه.

واقع مرير وتحديات متراكمة

أجمع المتدخلون على أن وجدة، التي كانت يومًا عاصمة الشرق الاقتصادية والثقافية، تعيش اليوم حالة من الركود الاقتصادي والاجتماعي. فقد أشار أحد الأعضاء إلى أن المدينة، التي وصفها بـ”القرية”، لم تشهد تطورًا يذكر منذ إنشاء محطة القطار عام 1910، فيما أكد آخرون أن المشاريع التي أُعلن عنها لم تر النور، وأن البنية التحتية، بما في ذلك الطرق، المساحات الخضراء، والنقل العمومي، تعاني من إهمال واضح. كما تم الإشارة إلى أزمة النفايات، التي تتسبب في روائح كريهة وأضرار صحية، وغياب المراحيض العمومية في الشوارع الرئيسية، مما يعكس نقصًا في التخطيط الحضري.

خطاب ملكي تاريخي: أين التنفيذ؟

تطرق النقاش إلى الخطاب الملكي التاريخي الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس بوجدة، والذي تضمن خارطة طريق لتنمية الجهة. لكن المتدخلون تساءلوا: “أين وصلت هذه الخطة؟”، مشيرين إلى أن الاحتفال بالخطاب يتكرر سنويًا دون تقييم حقيقي لما تحقق أو لم يتحقق. هذا الواقع أثار استياءً واسعًا، حيث اعتبر البعض أن “لغة الخشب” و”النفاق السياسي” يهيمنان على المشهد المحلي، في ظل غياب المساءلة والشفافية.

المجالس المنتخبة تحت المجهر

ركز النقاش على أداء المجالس المنتخبة منذ 2021، حيث تم تسجيل استياء من الخلافات السياسية التي تعرقل المشاريع الكبرى. كما أُثيرت أسئلة حول دور النخب المحلية، سواء كانوا منتخبين، فاعلين اقتصاديين، أو مثقفين، في مواجهة الجمود التنموي. وتساءل أحد المتدخلين: “هل الخلل في التخطيط، الإرادة، أم غياب الرؤية؟”، فيما دعا آخرون إلى ضرورة وجود انتخابات نزيهة تفرز نخبًا كفؤة لها غيرة على الجهة.

حلول مقترحة ودور المجتمع المدني

لم يقتصر النقاش على التشخيص، بل امتد ليشمل مقترحات عملية. اقترح البعض تنظيم لقاء وطني في وجدة خلال العطلة الصيفية، بمشاركة أعضاء المنصة والمسؤولين المحليين، لصياغة توصيات تُرفع إلى الجهات المركزية. كما طالب آخرون بتخصيص أسبوع كامل للنقاش، مع التركيز على أولويات مثل تحسين البنية التحتية، معالجة أزمة النفايات، وتجديد أسطول النقل العمومي. وشدد المتدخلون على أهمية التواصل المستمر بين المواطنين والمنتخبين، إلى جانب إنشاء آليات للمساءلة لضمان تنفيذ المشاريع.

دور المجلس الجهوي: جهود وتحديات

في تدخله، أكد السيد محمد بوعرورو، رئيس مجلس جهة الشرق، التزام المجلس بتعزيز البنيات التحتية، تأهيل المراكز الحضرية والقروية، ودعم الاستثمارات والاقتصاد الاجتماعي. وأشار إلى أن هذه الجهود تتم بالتنسيق مع السلطات الولائية والجماعات الترابية، رغم التحديات والإكراهات. لكن بعض الأعضاء أعربوا عن خيبة أملهم من غياب نتائج ملموسة، مطالبين بتجسيد الوعود على أرض الواقع بدلًا من الاكتفاء بالخطابات.

نحو رؤية جماعية للنهوض

اختتم النقاش بدعوة إلى التفكير الجماعي والنقد البناء، بعيدًا عن التباكي أو تصفية الحسابات. فوجدة، بمؤهلاتها البشرية والاستراتيجية، تستحق أن تكون في صدارة المدن المغربية، لكن ذلك يتطلب إرادة سياسية حقيقية، تعاونًا بين مختلف الفاعلين، ومشاركة فعالة للمجتمع المدني. إن هذا النقاش، الذي أثبت جدية منصة “أصدقاء الشرق”، يمثل خطوة أولى نحو صياغة خارطة طريق لإنقاذ المدينة، شريطة أن تجد المقترحات طريقها إلى التنفيذ.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!