الدار البيضاء: على الموت أن تأتي داخل أجل اوقات عمل ادارة المقبرة

عبد الرحيم أريري (صحفي/ تدوينة)

لا يخضع الأحياء فقط لجحيم “التسخسيخ” داخل المرافق العمومية المحلية، بل التحق بهم الأموات الذين بات لزاما عليهم أن يسلموا الروح قبل الثالثة زوالا إذا أرادوا أن يصدق عليهم الحديث الشريف “إكرام الميت دفنه”.، وإلا ظلوا دون كرامة وارتفعت ريحهم، وتبهدلت جثامينهم. ذلك أنه الوقت الذي يؤكد فيه العديد من الفقهاء وعلماء الدين على ضرورة الإسراع بدفن الميت، فإن هذه الدعوات لا تجد لها أي صدى في مقبرة الغفران بالدار البيضاء، إذ يجد العديد من المواطنين أنفسهم في حيرة من أمرهم بسبب عدم السماح لهم بإكرام موتاهم، بذريعة أن إدارة المقبرة تغلق أبوابها في الثالثة والنصف زوالا في شهر رمضان والخامسة في باقي الشهور، وكأن للموت ميقات معلوم، والحال أن ساعة الموت من علم الغيب، ولا يعلم الغيب إلا الله، كما جاء في القرآن الكريم: “إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ”.

فهل يعلم منتخبو البيضاء وإدارة مقبرة الغفران ذلك علم اليقين، كما توضحه الآية بتفصيل، أم أنهم ضربوا صفحا عن إكرام الموتى بدفنهم، وهي الوظيفة التي أسندت إلى المنتخبين حسب الشرع والقانون؟ وهل تدري إدارة مقبرة الغفران أن “وقت الإغلاق” يتسبب في مشاكل لا حصر لها، والتي يمكن الاستغناء عنها بالقليل من الالتزام الوظيفي والأخلاقي؟

لقد أصبحت المشاكل التي تعرفها مقبرة الغفران حديث المقبل والمدبر، وهي المشاكل التي ترتبط بالعديد من الشوائب المستدامة (التسول، الكلاب الضالة، الأزبال، ممرات متآلكة، أسوار مهدمة.. إلخ). غير أن هذه المشاكل تعمقت مؤخرا على نحو كبير، بسبب عدم تشكيل مجلس مجموعة التعاون في هذه المقبرة، وهو المجلس الذي يضم عادة أربعة منتخبين ينتمون إلى مجلس جماعة البيضاء وثلاثة من منتخبي جماعات إقليم مديونة، ما يعني أن منتخبي الدار البيضاء الكبرى فاشلون ليس فقط في تدبير أمور الأحياء، بل ناجحون في إهمال شؤون الأموات، وفي إخراجهم من أي حساب.

عدم الاتفاق لحد الساعة على تشكيل مجلس التعاون جعل هذه المقبرة تعيش العديد من مظاهر الفوضى، بالإضافة إلى الكثير من المشاكل التي يعانيها العديد من المواطنين أثناء مراسيم الدفن، خاصة بعد الساعة الثالثة والنصف زوالا في شهر رمضان والخامسة في باقي الشهور، حيث بمجرد ما تغلق إدارة المقبرة أبوابها لا يمكن دفن الموتى، ما يدخل العديد من أقارب الموتى في حالة من الحيرة والتيه. لولا أن السلطة المحلية بإقليم مديونة، الممثلة في باشوية المجاطية والقيادة، تتدخل في كل حين لتنوب عن المنتخبين المتقاعسين، وتحل محلهم لتباشر كل المساطر لتسهيل دفن أموات المسلمين !

فهل في البلد حكيم ليحفظ لأموات البيضاء حرمتهم وكرامتهم ؟!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى