ألعاب القوى : عصاميان يدخلان المغرب لائحة الفئزين في الالمبياد

إدريس الأندلسي

انتصر رياضي عصامي منضبط خلوق وذو عزيمة قوية على واقع ألعاب القوى ببلدنا الحبيب. لاحظت نظرة حزن لديه بعد انتصاره، ولاحظت تدفق دموعه وقرأت فيهما أسفا على تاريخ مغربي رياضي رفع في كافة مراحله العلم المغربي خفاقا منذ عشرات السنين. كانت المسافات المتوسطة والطويلة حكرا على ثلاثة مدراس تضم المغرب وإثيوبيا وكينيا. حطم سعيد لعويطة تواجد الإنجليز في 1500 متر وتهاوت الأرقام القياسية في عهده وفي عهد هشام الكروج لتجعل من بلادنا مدرسة متميزة في ألعاب القوى. وصل التوهج إلى درجة أصبح معها التدريب في مدينة إفران قبلة لكثير من الأبطال الرياضيين بجانب المغاربة. 

والآن غاب الإشعاع واستمر الغياب بعد حضور عالمي لافت لأبطال مغاربة في كافة مسافات التجاري. وهل من الغلط أن نقول أن التدبير الرياضي لهذه الرياضة لفترة طويلة هو السبب؟ وهل يمكن القول أن تراجع النتائج  وتردي الترتيب المغربي في المحافل الدولية لألعاب القوى سببه سياسي أو مرتبط بأحوال الطقس  أو بالبورصة أو بغياب تدبير جيد وفي المستوى لرياضة وصلت بالمغرب إلى أعلى المراتب عالميا. لا أظن أن المشكل مرتبط بالتمويل ولكن بسوء التدبير على العموم. الأمر والوضع الحالي يشرح استجابة الكثير من الأبطال المغاربة للتجنيس الرياضي في إسبانيا. جلهم يصرح بغياب الإهتمام بهم كسبب مباشر للهجرة وحمل قميص غير القميص الوطني. 

حين كان المغرب على موعد مع النجاح، كان هناك نساء ورجال يبحثون على التميز وعلى الارتقاء بمستوى المغرب إلى مصاف عليا ومراتب تضع راية المغرب فوق كل مجد شخصي. دموع البقالي نداء لكي ينسحب من يدبرون الفشل ويراكمون النتائج السلبية. نفس الدموع تغمر عيون هشام وسعيد ومولاي ابراهيم وصهيب ونزهة نوال وداودة وقادة واللائحة تطول. لا تنقصنا الأموال ولكن تنقصنا إستراتيجية وتنقصنا، على الخصوص، الثقة في أبطالنا وفي الكفاءات الكبرى التي صنعت الأمجاد  والتي تم وضعها على هامش القرار الرياضي بعد أن أصبحت بعض الشركات وبعض رجال الأعمال وصاة على التدبير الرياضي. 

والآن أقول على لسان كل مغربي “واش ما بقا لينا غير البقالي؟ و”فاطمة الزهراء كردادي”. الجواب هو أن المغرب مصنع للأبطال ولكن عن طريق أصحاب الكفاءات والمؤمنين بقدرة أبناء على كسر حواجز الكسل وغياب التكوين العلمي للأبطال. عشت كالكثير من المغاربة عبقرية لعويطة الذي أطلق إسمه من طرف المغاربة على أول قطار سريع بين الرباط والدار البيضاء. كان عريسا للقاءات العصبة الماسية وأصبح المغاربة يتابعونه خلال كافة مشاركاته  عبر العالم. ولم ينسى هؤلاء المرأة الذهبية نوال المتوكل و وضعوا الورود للإحتفال بنزهة بيدوان التي حملت المشعل لسنين طويلة  وحملت معه راية الوطن. هشام الكروج أدخل البهجة إلى قلوب مواطنيه لسنين وهو العبقري الذي جعل من عثرة  نقطة بداية للصعود إلى مراتب المجد.  وقبلهم كان السكاح  وبوطيب وغيرهم  وغيرهن ممن رفعوا راية البلاد في كافة المحافل الدولية. عجاف هي سنوات مضت  وتواضع فيها الأداء. وكدنا نرضى بالاحتفاء ببطولات جهوية لا ترقى إلى العالمية. 

كثيرة هي الأسماء النسوية والرجالية التي صنعت نفسها  أو استفادت من تأطير وطني في المعهد الوطني المجاور لمركب مولاي عبد الله. وفجأة تعطل مسلسل التوهج والتألق والحصول على الميداليات العالمية. سؤالي “غير العلمي” هو لماذا تراجعنا  وأصبحنا نكتفي بالقليل بعدما كنا من الأوائل إفريقيا وعالميا. تحية للبقالي  الذي  بنى مجده من منطلق حبه للوطن و بالاعتماد على جهد جهيد. وكرسالة متواضعة لجامعة ألعاب القوى، أقول لماذا حملت جامعة كرة القدم مشروعا كبيرا، رغم عدوانية من بعض الأطراف الخارجية، وكانت لها القدرة على القيام بدورها بمستوى عالمي ومفرط في محبة الوطن. ولماذا تراجعت نتائج ألعاب القوى في تربة وطن ولادة للأبطال. 

لقد حان الوقت لكي تفكر السلطات العمومية الرياضية في سبب تراجع مرتبتنا عالميا في ألعاب القوى. لدينا الموارد ولكن لا أفهم لماذا أصبحت جامعة ألعاب القوى ومن يدبرون أمورها  من الثوابت التي لا تعرف أن دوام الحال من المحال وأن استمرار أسلوب القيادة، دون نتائج،  تعنت وإفراط في التشبث بالمراكز.  نريد النتائج من خلال مخطط إستراتيجي. والمغرب أغلى من كل طموح شخصي. وشكرا لسفيان البقالي  ولفاطمة الزهراء كردادي على حملهما  للعلم الوطني في أكبر محفل رياضي عالمي لألعاب القوى.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى