الوضعية الكارثية لجوانب السكك الحديدية ومداخل المدن المغربية: ضرورة التأهيل البيئي والجمالي

الرباط – 17 يونيو 2025
في إطار سؤال شفوي وكتابي موجه من السيد النائب البرلماني عن دائرة وجدة، عمر اعنان، إلى السيد وزير النقل واللوجيستيك، يبرز القلق المتزايد إزاء الوضعية الكارثية لجوانب السكك الحديدية، مداخل المدن، والمناطق المحيطة بالمحطات السككية. هذه الفضاءات، التي تُعد واجهات حضرية رئيسية، تحولت إلى مساحات مهملة تسودها الفوضى، تراكم النفايات، والتشوهات البصرية، مما يسيء إلى صورة المدن المغربية، خاصة مدينة وجدة، ويعكس تناقضًا بين الاستثمارات الكبيرة في قطاع السكك الحديدية وإهمال محيط هذه المنشآت الحيوية.
يُشكل القطار نافذة حضرية تعكس هوية المدن وتكوّن الانطباع الأول لدى الزوار والسياح. ورغم الإنجازات الملحوظة في تطوير البنية التحتية للسكك الحديدية، مثل القطارات الحديثة والمحطات المتطورة، إلا أن الجوانب البيئية والجمالية للمناطق المحيطة تظل مهملة. فتراكم الأزبال، انتشار الأوساخ، وغياب التنسيق الحضري يشوهان صورة مدن مثل وجدة، التي تُعتبر بوابة شرقية للمغرب، مما يستدعي تدخلاً عاجلاً لمعالجة هذا التدهور.
إن تأهيل هذه الفضاءات يمثل فرصة لتحويلها إلى معالم إشعاع حضاري وثقافي. يمكن استغلال جوانب السكك الحديدية ومداخل المحطات لإنشاء جداريات فنية، تصاميم جمالية، ولوحات تعكس التراث المحلي لمدن مثل وجدة، التي تتميز بتنوعها الثقافي والتاريخي. هذه المبادرات قادرة على تحسين المشهد الحضري، تعزيز الوعي الجمالي لدى المواطنين، ودعم السياحة من خلال تقديم واجهات تليق بالهوية المغربية.
إن معالجة هذا الوضع تتطلب مقاربة شمولية تجمع بين جهود وزارة النقل واللوجيستيك، المكتب الوطني للسكك الحديدية، والجماعات المحلية. فمن الضروري اتخاذ تدابير مستعجلة لتنظيف هذه الفضاءات، تحسين إدارة النفايات، ووضع خطط صيانة دورية. كما ينبغي تطوير رؤية طويلة الأمد تشمل التشجير، الإضاءة الجمالية، والتصاميم الفنية التي تجمع بين الأصالة والحداثة، مع التركيز على خصوصيات كل مدينة، بما فيها وجدة.
نجاح هذه المبادرات يعتمد على التعاون بين الجهات المعنية، بما في ذلك إشراك المجتمع المدني والفنانين المحليين لضمان عكس الهوية الثقافية لكل مدينة. كما يمكن للشراكات مع القطاع الخاص أن تسهم في تمويل مشاريع التأهيل وجعلها مستدامة. وفي هذا السياق، يبرز السؤال البرلماني كدعوة لتحمل المسؤولية المشتركة لتحسين هذه الفضاءات.
إن الوضعية الكارثية لجوانب السكك الحديدية ومداخل المدن، خاصة في وجدة، تمثل تحديًا حضاريًا يستدعي تدخلاً عاجلاً. إن تأهيل هذه الفضاءات لن يعزز جاذبية المدن فحسب، بل سيعكس التزام المغرب بتقديم صورة حضارية تليق بتاريخه وطموحاته. فهل ستستجيب الجهات المعنية لهذا السؤال البرلماني برؤية واضحة وتدابير فاعلة لتحويل هذه الفضاءات من رمز للإهمال إلى معالم للإبداع والجمال؟ إن وجدة والمغرب يستحقان ذلك.