ذ عزيز هناوي: طوفان الأقصى بين حق المقاومة واتهامات الإرهاب.. مداخلة عزيز هناوي في ندوة وجدة

في إطار الندوة الوطنية بعنوان “الحرب على غزة: إبادة في وضع دولي بمعالم ملتبسة”، التي عُقدت يوم 14 يونيو 2025 بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة محمد الأول بوجدة، قدّم الأستاذ عزيز هناوي، الكاتب العام لمجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، مداخلة عميقة بعنوان “معركة طوفان الأقصى: بين حق الدفاع عن النفس والعمل الإرهابي، مقاربة بين القانون والسياسة”. تناولت المداخلة السياق القانوني والسياسي لعملية “طوفان الأقصى”، مؤكدة على شرعية المقاومة الفلسطينية ومنتقدة النظام الدولي المتحيز.
استهل هناوي مداخلته بالتعبير عن سعادته بالمشاركة في الندوة، التي تتزامن مع الذكرى الـ58 لنكسة 1967، واصفًا إياها بجزء من “موجات متلاحقة من الإجرام الممنهج”، بدءًا من وعد بلفور 1917، مرورًا بالنكبة 1948. وأكد أن الحرب على غزة تمثل “إبادة” في سياق دولي “ملتبس”، حيث ساهمت الأمم المتحدة، عبر قرار التقسيم 181 عام 1947، في “تشريع وجود الكيان الصهيوني”. وقدّم نفسه كممثل لمجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، التي تأسست في التسعينات لتأطير الدعم الشعبي المغربي التاريخي للقضية الفلسطينية، والذي يضم نقابات، أحزاب، وجمعيات حقوقية.
أبرز هناوي الارتباط الحضاري والتاريخي للمغرب بفلسطين، مستذكرًا مواقف علماء القرويين، الحركة الوطنية، والسلطان محمد الخامس، إلى جانب مشاركة الهاشمي القنوني في حرب 1948. وأشار إلى دور المغرب الريادي في رئاسة لجنة القدس منذ 1975 وإنشاء وكالة بيت مال القدس عام 1998، كدليل على التزام المغرب الثابت بالقضية الفلسطينية.
ركز هناوي على عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر 2023، مؤكدًا أنها ليست جريمة، بل “رد فعل طبيعي” على الاحتلال الإسرائيلي، الذي وصفه بـ”الجريمة الأصلية”. ورفض بشدة السردية الغربية التي تصف العملية بـ”الإرهاب”، بينما تبرر جرائم إسرائيل بـ”حق الدفاع عن النفس”. واعتبر مصطلح “الإرهاب” أداة أيديولوجية تستخدم لتشويه المقاومة وتبرير العدوان، مشيرًا إلى أن الغرب يستند إلى “نظرية الهولوكوست” لمنح إسرائيل حصانة من العقاب.
وأكد أن “طوفان الأقصى” كان قرارًا فلسطينيًا خالصًا، دون تدخل من إيران أو حزب الله، وجاء نتيجة 100 عام من وعد بلفور، 77 عامًا من النكبة، 17 عامًا من حصار غزة، و30 عامًا من اتفاقيات أوسلو التي انتهت إلى “التنسيق الأمني”. وأشار إلى أن الفلسطينيين انتخبوا المقاومة (حماس) في 2006 بنسبة 84%، مدركين كلفتها، مما يعزز شرعية نضالهم.
انتقد هناوي النظام الدولي، واصفًا إياه بأنه “أُنشئ لتشريع وجود الكيان الصهيوني” كـ”كيان وظيفي” مدعوم أمريكيًا. ورغم ملاحقة إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، إلا أنها لا تزال تتمتع بحصانة. وهاجم اتفاقيات التطبيع بعد 2020، واصفًا إياها بـ”القاتلة” لتجاوزها حل الدولتين واعترافها بالقدس “عاصمة موحدة” لإسرائيل. كما انتقد “التواطؤ” و”التكاذل” العربي، محذرًا من محاولات ربط غزة بقضايا مثل “البوليساريو” للتشويش على الدعم الشعبي.
شدد هناوي على أن المقاومة الفلسطينية حق مشروع لا يمكن تجريمه، مؤكدًا أن أي شعب يسعى للاستقلال يدفع ثمنًا. وأشار إلى أن “طوفان الأقصى” كشف هشاشة الكيان الصهيوني، الذي وصفه بأنه “مترف” ويعاني من “هجرة معاكسة” وانقسامات داخلية. وانتقد تعتيم إسرائيل على هذه الحقائق. كما دعا إلى ملاحقة قانونية للمجرمين الصهاينة، بمن فيهم حاملو الجنسية المغربية، معربًا عن أسفه لحفظ القضاء المغربي لهذه الدعاوى.
اختتم هناوي مداخلته بالتأكيد على أن “طوفان الأقصى” لم يكن سببًا لتشتت المشهد الفلسطيني، بل نتيجة لغياب العدالة وسياسات الاحتلال والتطبيع. ودعا إلى صمود مستمر في النضال من أجل التحرر، مؤكدًا أن القضية الفلسطينية تبقى قضية الأمة الأولى. مداخلته لم تكن مجرد تحليل قانوني وسياسي، بل دعوة لتضامن شعبي وعالمي لدعم المقاومة ومواجهة الظلم الصهيوني.