منظمة “العفو الدولية” تروج تقارير مغلوطة لأجندة مشبوهة تحت غطاء حقوق الإنسان

إعداد:عبد الرحيم باريج
في إطار حروب الجيل الرابع،التي تهدف لتدمير منطقة الشرق الأوسط بأيدي بعض أبنائها،لتبقى “إسرائيل” هي الواحة الوحيدة الآمنة ويظل العرب يسفكون دماء بعضهم البعض،تستخدم الدول الكبرى الاستعمارية وسائل مختلفة للدجل والشعوذة السياسية،ومن أهم هذه الوسائل هذه الكيانات المشبوهة المسماة بمنظمات حقوق الإنسان،التي تصدر بين الحين والآخر بيانات تتلقفها أجهزة الميديا الدولية وتطبل وتزمر لها،فتقوم بتحويل الباطل إلى حقيقة.ومن أشهر دكاكين الدجل السياسي في هذا المجال منظمة العفو الدولية،التي يتعامل البعض مع بياناتها بنوع من الاهتمام وكأنهما بالفعل منظمة شرعية لمجرد إضافة لقب “الدولية” إليها،وهذا الأمر يحتاج الى توضيح بسيط لكشف هذه الخدعة التي تنطلي على بعضنا بل وبعض حكوماتنا أيضا مع شديد الأسف.
وتعتبر منظمة العفو الدولية نفسها أول المدافعين عن حقوق الإنسان وتسعى إلى تحرير سجناء الرأي،لكن تغاضيها عن انتقاد ممارسات بعض الدول لأسباب سياسية يؤثر بشكل سلبي على مصداقيتها عالمياً،والشكوك لا تتوقف عند عدم مصداقية تقاريرها فقط فهي منظمة غير رسمية ومن الوارد أن تكون لديها أجنداتها المحددة.وفي ظل تعاظم دورها،وتأثيراتها فإن تقاريرها المكذوبة تمثل خطرًا على السلام العالمي عبر التشويش المتعمد ومن ثم تلويث بيئة العلاقات الدولية،كما أنها تمثل إشانة سمعة لمن تستهدفه.ومن هنا تبدو الحاجة ماسةً لأن تتبنى الأمم المتحدة إن كانت حقًا مهمومة بالسلام العالمي معايير صارمةً ضد أي خروجٍ على إطار الجادة والتجرد والمصداقية في تقارير “أمنستي” التي تعتبر تابعة لبعض الأطراف التي تمولها.
إن ما يرد في تقارير منظمة العفو الدولية عن المغرب،يأتي ليصور للعالم،صورة خاطئة عن بلادنا،من خلال معطيات مغلوطة،وكلام فارغ يهدف لتشويه سمعة المغرب بين الأمم،بزرعها لإتهامات خطيرة لا أساس لها من الصحة،وهي التي كان من المفروض أن تدافع وتناضل من أجل حقوق الإنسان وتحسين المستوى،لكنه انحرفت عن مسارها،وعلينا وضع النقاط على الحروف معها،لإبراز مكانة المغرب التي كان ولا زال بلد له مكانته بين الأمم،وعلينا جميعا التبرأ منها،فلا قيمة لها ولا تستحق أن نحترمها،ومستوانا أكبر بكثير من مستواها.ولا تصدقوا مثل هذه الكيانات المشبوهة التي ترفع شعار حقوق الإنسان،ككلمة حق يراد بها باطل،ولا تسمحوا لممثليها بدخول بلادنا،ولا توافقوا على استقبالهم في دوائر القرار الحكومي،فمهما قدمنا لهم من حقائق سيحولونها إلى أكاذيب،لأنهم خبراء في صناعة الأكاذيب.
التأسيس لإثارة الفتنة
أسس بيتر بينيسن واسمه الفعلي هو بيتر جيمس هينري سولومون منظمة “العفو الدولية” حسب موسوعة “ويكيبيديا”،وأى باحث يتعرض لتاريخ الحركة الحقوقية وتحديداً منظمة “العفو الدولية” يجد نفسه لا إراديًا يضع خطًا باللون الأحمر وعلامة استفهام حوله،والشكوك سببها أن أجهزة الاستخبارات ليست بعيدة عن منظمات حقوق الإنسان،واتهام منظمة العفو الدولية بأنها أحد أذرع المخابرات البريطانية فى المجال الحقوقى الدولى ليس بالجديد،وهو اتهام دائم ارتبط بخلفية مؤسس المنظمة نفسه بالمخابرات البريطانية.وعملت المنظمة منذ ظهورها على كشف الانتهاكات الحقوقية فى الدول الشيوعية،كان ذلك تقريبا فى نفس توقيت اختراق المخابرات المركزية الأمريكية للثقافة والإعلام من أجل مكافحة الشيوعية وفق ما كشفه لنا كتاب “من الذى دفع للزمار؟ الحرب الباردة الثقافية” من تأليف ف.س.سوندرز.
وبيتر بينيسن سياسي سابق من حزب العمال البريطاني ومحام،ولد في 21 يوليو عام 1921 في مدينة أكسفورد وتوفي في 25 فبراير من عام 2005.وانتقل بعد مدة إلى جامعة باليول في أكسفورد،لكن الحرب العالمية الثانية كانت عائقا لمواصلة دراسته،ومن 1941 إلى 1945 عمل حسب نفس الموسوعة في بلاتشلاي بارك وهو منزل كان مقر الاستخبارات البريطانية خلال الحرب العالمية الثانية.أي أن مؤسس هذا الكيان كان يعمل في المخابرات البريطانية،وهذا يفسر تركيز تقارير هذه المنظمة على الدول العربية فقط،وهي تقارير تسعى لإثارة الفتنة في أوقات يتم اختيارها بعناية،فقبيل سباق الفورمولا تبدأ المنظمة المشبوهة في بث سمومها بالحديث عن مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان،من دون إشارة واحدة عن حوادث التفجير والحرق وقتل رجال الشرطة،ففي مصر تقلب الحقائق وتحول المتطرفين القتلة إلى ضحايا في السجون،وفي الوقت الذي تتحدث فيه عن جرائم نظام الأسد في سوريا،تنتقد تعامل لبنان مع اللاجئين،كما تتهم قطر بالإجحاف في حق العمال الأجانب،وتتهم الإمارات بكتم حرية التعبير وتنسى مدى الرفاهية التي يتمتع بها الشعبان الإماراتي والقطري.
وهكذا تستمر عملية بث السموم في كل اتجاه،لتشويه صورة الأوضاع في العالم العربي،أما “إسرائيل” والولايات المتحدة فلا تنالهما إلا تقارير تبدو كذر الرماد في العيون.
كيف سمحت “العفو الدولية” باختراقها من طرف التنظيم العالمي للإخوان المسلمين
تمكنت ياسمين حسين الإخوانية زوجة وائل مصباح القيادى فى التنظيم الدولى للإخوان المسلمين،من الحصول على وظيفة قيادية فى منظمة العفو الدولية تمكنها من التأثير المباشر على تقارير المنظمة ورؤيتها لتيار الإسلام السياسى حول العالم.ويعلم “لوبى” الإخوان الدولى جيدًا أهمية منظمات حقوق الإنسان الدولية،حسب ذ.محمود بسيوني في سلسلته الشهيرة “المصيدة”،وأن هذه المؤسسات وتقاريرها تصلح دائمًا لتبييض وجه الجماعة وإخفاء هدفها الحقيقى عن الغرب،ومكنها هذا الوجود الواسع من حصار دول منشئها وصنع مظلومية الإخوان،فلا يمر يوم دون بيان أو تقرير حقوقى يدين أى تحرك تقوم به تلك الدول فى مواجهة الإرهاب،وخطتهم فى العمل واضحة وهى تشوية دولهم وتكريس فكرة القمع وغياب الديمقراطية فيها وتمرير هذا الخطاب إلى الإعلام الغربى.
وحسب نفس المصدر في مقاله “الإخوان يخترقون منظمة العفو الدولية بـ«ياسمين»”،كانت العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش،لسنوات عديدة،هى خط الدفاع الدولى الأول للجماعات الإسلامية فى مواجهة أجهزة دولهم،دون أن يكشف أحد العلاقة الخفية بينها،فمع كل حملة أمنية ضد أفرادها كانت تصدر التقارير والتحذيرات الدولية المنحازة للإخوان،دونما التحقق من صحة الاتهامات الموجهة ضد الجماعات،وحتى بعثاتها الوافدة للعديد من الدول العربية كانت تشن هجومًا حادًا عليها،مستندة إلى المعلومات التى توفرها لها الجماعات دون الاعتداد بما تقوله تلك الدول،وهو ما كشفته جريدة “التايمز” فى تحقيقها عن ياسمين الإخوانية التى حضرت إلى مصر فى مهمة خلال رئاسة الراحل مرسى،وباتت ليلة فى منزل مستشاره حسن القزاز ثم اجتمعت بأحد مسؤولى الحكومة فى اليوم التالى قبل أن تعود إلى لندن.
ما كشفته “التايمز” البريطانية عن عميلة الإخوان فى العفو الدولية لم يكن جديدًا فى حد ذاته،لكن الجديد أن الإعلام البريطانى قرر مواجهة الإخوان فى بريطانيا وكشف تحركاتهم وعلاقتهم بالجماعات المتطرفة،رغم رفض الحكومة البريطانية تصنيفها كجماعة إرهابية،إلا أن كشف علاقتها السرية بالمؤسسات المدنية فى لندن ومتابعة حركة أموالها أصاب الجماعة بالفزع،فكشف المخفى سيشل حركة الجماعة وتوغلها فى المجتمع البريطانى كما سيكشف علاقتها الخفية بالتنظيمات الإرهابية النشطة سواء فى الشرق الأوسط أو أوروبا.وتصنيف زوج ياسمين كإرهابى مشتبه به خلال محاكمة جنائية فى دولة الإمارات العربية المتحدة،وزيارتها لمصر خلال حكم الراحل مرسى،ومبيتها فى منزل حسن القزاز خلال مهمة خاصة لمنظمة العفو فى القاهرة،كانت الخيوط الاولى التى كشفت المستور والإشارة الخضراء إلى البحث خلف علاقة العفو الدولية والجماعة.
ووفقًا لما هو معلوم عن تحركات الجماعة فى مؤسسات المجتمع المدنى وحقوق الإنسان الدولية،البداية تأتى دائمًا من منظمة الإغاثة الإسلامية،فياسمين وصلت إلى الأمم المتحدة والعفو الدولية عبر عملها فى الإغاثة الإسلامية عبر العالم فى منصب مدير الاتصالات والعلاقات الخارجية والدفاع،حيث كانت مسئولة عن التعامل مع جهود الإغاثة الطارئة والتنمية،وتطوير استراتيجية الدعوة العالمية والضغط على الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والحكومات،ووصل نفوذها إلى درجة تواجدها ضمن قائمة أكثر 100 آسيوى نفوذًا فى بريطانيا.
ويكشف ستيفن إمرسون،الصحفى الأمريكى المتخصص فى شؤون مكافحة الإرهاب،فى إحدى دراساته عن الإخوان،أن مؤسسة الإغاثة الإسلامية وجميع المنظمات التابعة لها الموزعة على شكل جمعيات ومنظمات وهيئات مستقلة هدفها التأثير فى الجوانب الثقافية والعلمية والاجتماعية والدينية،وهى فى مجموعها واجهات إخوانية تشارك فى صناعة تيار عالمى له أبعاد سياسية مدروسة تسعى لتمكين الجماعة من حكم دول عديدة حول العالم.
تقارير ساوت بين الجلاد “الإسرائيلي” والضحية “الفلسطيني”
رفضت المقاومة الفلسطينية عام 2013 اتهامها غير المنصف والمفتقر إلى الموضوعية من طرف منظمة “العفو الدولية” في غزة بارتكابها جرائم حرب بحق “المدنيين الإسرائيليين”،خلال الحرب على قطاع غزة.بعد أن ساوى تقرير “أمنيستي” بين المقاومة المشروعة المدافعة عن المدنيين الفلسطينيين،والمجرم “الإسرائيلي” الذي تعمد قصف وقتل المدنيين الفلسطينيين،وتناسى أن الاحتلال من بدأ هذه الحرب.وتعارض تقرير المنظمة مع كافة التقارير الأخرى التي ذكرتها مؤسسات حقوقية ودولية زارت غزة،وأكدت عدم وجود معتقلين سياسيين في سجون الحكومة بغزة.وبيّن أن حديث “أمنيستي” عن اعتقال المعارضين وتعذيبهم والتنكيل بهم،لا يستند إلى أي مصداقية أو معلومات حقيقية على الإطلاق.كما أن ما ورد في تقريرها حول حصار قطاع غزة،وأحوال سكان الضفة المحتلة،والأسرى الفلسطينيين،قليل جداً مقارنةً بما يجري على الأرض من استيطان وعدوان وخطف واعتقال وجرائم حرب ضد الإنسانية وانتهاك للقانون الإنساني الدولي.
المشكلة هي أن “أمنستي” تزرع التضليل في إطار بياناتها الرسمية.أما الحقائق،بالطبع،فمختلفة.ولكن مع مثل سجلها،سيكون صعبا التعاطي بجدية مع منشوراتها.لأنه من الواضح أنها تخضع للضغوط الإسرائيلية والأمريكية،وهذا يمثل انحيازاً للاحتلال الصهيوني على حساب ضحايا الشعب الفلسطيني.فالمقاومة هي حق مشروع حسب القانون الدولي واتفاقيات جنيف الرابعة،وأن الشعب الفلسطيني واقع تحت الاحتلال ويحق له أن يدافع عن نفسه بكل الطرق والوسائل بما فيها العسكرية،وهذا الأساس هو الذي يجب أن يستند عليه أي تقرير حقوقي،وليس قلب الحقائق،التي تؤكد على عدم دقة ومصداقية روايات المنظمة الدولية التي تستقيها من الروايات الإسرائيلية.
ونشرت جريدة “هآرتس” الإسرائيلية فى مارس 2017 تقريرا مطولا عن استخدام إسرائيل لفرع محلى لمنظمة “العفو الدولية” كواجهة لوزارة الخارجية الإسرائيلية فى أواخر الستينيات والسبعينيات.وفى تقريرها الذى استند إلى وثائق رسمية أفرجت عنها وزارة الخارجية الإسرائيلية،أشارت “هآرتس” إلى أن بعض رؤساء أفرع منظمة “العفو الدولية” فى إسرائيل كانوا على اتصال منتظم بوزارة الخارجية الإسرائيلية منذ أواخر الستينيات وصولا إلى منتصف السبعينيات من القرن الماضى،وكان هؤلاء المسؤولون يبلغون نظراءهم فى وزارة الخارجية عن أنشطتهم المختلفة عدا عن تلقيهم عددًا من التعليمات لتنفيذها.وحصلت الجريدة على الوثائق من معهد “أكيفوت لبحوث الصراع الإسرائيلى الفلسطينى” وأشارت الجريدة إلى أنها تبين كيف حاولت إسرائيل التأثير فى نشاط منظمة “العفو الدولية” من الداخل وتحدثت عن تلقى مكتب “العفو” فى إسرائيل أموالًا ومساعدات مادية نقلت عبر وزارة الخارجية لتغطية الرحلات الجوية إلى الخارج والبدلات اليومية ورسوم التسجيل والمبالغ المستحقة عن مقر المنظمة.ويشير التقرير أيضاً إلى أن الفترة الذهبية لازدهار العلاقات بين وزارة الخارجية الإسرائيلية،ومكتب منظمة “العفو” كان فى الفترة ما بين عام 1974 و1976 عندما تولى يورام داينشتاين مسؤولية إدارة مكتب المنظمة.ويذكر أن دينشتاين كان يعمل سابقاً فى وزارة الخارجية الإسرائيلية وعمل كقنصل إسرائيلى فى نيويورك ووفقاً لإحدى الوثائق المكشوفة،فإن أحد الضباط العاملين لدى وزارة الخارجية الإسرائيلية حضر اجتماع تعيين دينشتاين وكان على اتصال دائم به خلال فترة رئاسته للمنظمة.
توفير التمويل معيار أوحد لتولّي المناصب القيادية في “أمنستي”
أصدرت الشبكة الدولية للحقوق والتنمية بالنرويج في الشهر الأخير من عام 2013 بيانا تطالب فيه “أمنستي” بالتزام المعايير المهنية،حيث أعربت “عن استنكارها واستغرابها الشديد إزاء قيام منظمة العفو الدولية بتعيين مايكل أبراهام ليفي عضوا في مجلسها الدولي”،ودعتها إلى إعادة النظر في قرار التعيين.ولفتت “النظر إلى ضرورة عدم التكرار في الأخطاء التاريخية التي ارتكبتها وما زالت تلاحقها،مثالا رفضها لاعتبار المناضل الأممي نيلسون مانديلا سجين رأي،ونعته بالإرهابي.تضيف منظمة العفو الدولية مأساة أخرى إلى التداخل السياسي في سجلها المهني،وذلك بتعيين شخصية جدلية سيشكل وجودها في موقع قيادي لديها الكثير من التساؤلات حول التوجهات المستقبلية للمنظمة،وتأثرها المباشر،وخاصة مراكز صنع القرار فيها بآراء متطرفة”.وأكدت “أن ليفي المولود عام 1944 هو من أكبر الداعمين للاستيطان والمؤسسات المتطرفة في إسرائيل،ويقف خلف تبرعات ضخمة تدعم وتعزز فكرة الإحتلال،كما أن فترة عمله مستشارا لرئيس وزراء الحكومة البريطانية الأسبق توني بلير لتسعة أعوام قد شهدت سياسات معادية لحقوق الإنسان،سواء أكان على مستوى دعم الإحتلال الإسرائيلي أم مشاركة تلك الحكومة في العدوان على العراق وارتكاب جرائم ضد الإنسانية،ويدرك الكثيرين في العالم مدى تشدد وتطرف الآراء الاستشارية لليفي في تلك الفترة وخطورتها على الأمن والسلم في العالم،حيث يُعدُّ أحد مؤسسي التوجه للإعتداء على الحريات الأساسية في سبيل المصالح العليا للدول”.
ورأت الشبكة الدولية للحقوق والتنمية “أن وجود شخص بهذا السجل يضرب مصداقية منظمة العفو الدولية،ويضع توجهاتها وسياساتها أمام تساؤلات يمكن أن تقود منظمات حقوق الإنسان في بلدان العالم المختلفة إلى مقاطعتها”،وأكدت “استنكارها لموقف منظمة العفو الدولية في تعيين ليفي أحدَ صُنّاع السياسات لمنظمة حقوق إنسان دولية”،وأن “منظمة العفو الدولية مُطالبة بتقديم توضيحات فورية لآلاف الأعضاء في أرجاء العالم حول الأسس المهنية التي تم الإستناد إليها في التعيين والإختيار لشخصية تُصنّفُ في الكثير من المحافل الحقوقية على أنها معادية لحقوق الإنسان”،وأن “اعتبار توفير التمويل معيارا أوحد لتولّي المناصب القيادية في المنظمات الدولية لهو بداية الإنهيار الأخلاقي الذي يضربُ مبادئ تأسيس أي منظمة حقوقية،ولذا نجد كل الحق كوننا شركاء في صنع مستقبل الإنسانية في دعوة منظمة العفو الدولية للتراجع الفوري عن قرارها الذي يبتعد عن النضج المطلوب في منظمة ذات ثقل دولي مثلها”.وأضافت الشبكة الدولية للحقوق والتنمية “أن مبادئ التسامح والعفو تعطي الحق لكل إنسان للمشاركة الفعلية في العمل الحقوقي إن هو أقرّ بمبادئها،وهو ما لم يفعله السيد ليفي لا قولا ولا فعلا”.
وفي نفس السياق،وحسب وكالة قدس نت للأنباء،أعلن وقتها رئيس مجلس الإدارة الإقليمي للجمعية الفلسطينية لحقوق الإنسان (راصد) عبد العزيز طارقجي،انسحابه من منظمة “العفو الدولية”،في بيان نشره على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي”فيسبوك”،وكان يشغل طارقجي أيضاً منصب سفير “المركز العربي الأوروبي لحقوق الإنسان” و”القانون الدولي للنوايا الحسنة” في الشرق الأوسط. وقال طارقجي إن الكثيرين في العالم يدركون مدى تشدد وتطرف الآراء الاستشارية لـ”ليفي” في تلك الفترة وخطورتها على الأمن والسلم في العالم،حيث يُعدُّ أحد مؤسسي التوجه للاعتداء على الحريات الأساسية في سبيل المصالح العليا للدول.وأضاف طارقجي “إن مبادئ التسامح والعفو تعطي الحق لكل إنسان للمشاركة الفعلية في العمل الحقوقي إن هو أقرّ بمبادئها،وهو ما لم يفعله السيد ليفي لا قولا ولا فعلا.
وللإشارة،لم تتمكن “العفو الدولية” من إخفاء قناعها طويلا بعدما رفضت الدفاع عن المناضل الإفريقى نيلسون مانديلا باعتباره سجين رأى،عقب اعتقاله من قبل سلطات الفصل العنصرى فى جنوب إفريقيا عام 1961،وظل ذلك العار يلاحق المنظمة إلى أن كرمته عام 2006 فى محاولة لتبييض تاريخها.
الرغبة في إباحة الدعارة والقوادة
“ماذا لو كانت من تدعي أنها أبرز منظمة مدافعة عن حقوق الإنسان على وجه الأرض،قد قررت التغاضي عن مهنة القوادة في الدعارة؟ لا يمكنكم تصور ذلك؟ أليس كذلك؟ ولكن هذا هو ما حصل عندما وضعت منظمة “العفو الدولية” وثيقة تدعو إلى إباحة الدعارة قانونا”،وهو ما أكدته الصحفية والشاعرة الأمريكية المعروفة روبن مورغان والناشطة في مجال المجتمع المدني وكانت عضو رئيسي في الحركة النسوية وقيادية في الحركة النسائية الدولية،في مقال لها نشر بالموقع الأمريكي “سي إن إن بالعربية”،وهذا ما جاء فيه:
“قاومت الحركة النسائية العالمية لمدة نصف قرن،كل أشكال بيع وشراء البشر والتي نطلق عليها “العبودية”.ومنذ عقود تدعو منظمات الدفاع عن المرأة إلى تجريم الوسطاء وعدم تجريم النساء اللائي يتم بيعهن،وتمكينهن من خدمات مساعدة ودعم بدءا من توفير ملجأ آمن إلى العلاج من الإدمان إلى التعليم والتربية والتدريب على المهارات،وتعزيز المنظومة القانونية التي تضيق الخناق على الوسطاء والقوادين وملاك بيوت الدعارة والجنس.ولطالما كان الجواب على ذلك بسيطا،تلك الإجراءات لن تصلح مطلقا.كما أن العاملين في ميدان صناعة الجنس ردوا الفعل وبطريقتين،الأولى علنية بالقول إنّ الأمر يتعلق بأقدم مهنة في التاريخ وبتحرر جنسي،والثانية بطريقة خفية من خلال تحويل الدعارة إلى وظيفة يطلق عليها “عاملة في الجنس” بتمويل المجموعات التي تصوّر الأمر على أنه اختيار قد يجلب السعادة لمن تقبل بذلك.فهل صادف أن قابلتم طفلة في الثامنة من العمر تقول إنّ حلمها هو أن تكبر حتى تصبح عاهرة؟
ويماثل عدد النساء اللائي دفعن للدعارة ويعانين من “اكتئاب ما بعد الصدمة” نفس عدد المكتئبين من قدامى المحاربين واللاجئين من الدول التي تبيح التعذيب.كما أنهن،وبكيفية غير متناسبة،ناجيات من الاستغلال الجنسي للطفولة،والتحرش الجسدي والاغتصاب والاختطاف والاعتداءات بسلاح قاتل،وكذلك الإدمان على المخدرات أو الخمر أو كليهما.وترى الناشطة في ميدان مناهضة الدعارة،فدنيتا كارتر،وهي ناجية سابقة من هذه العبودية،أنّ كل فتاة على علاقة بالدعارة،تمّ في الحقيقة إجبارها على ذلك “حتى لو بدت أنها اختارتها عن طيب خاطر”.كما أن العنصرية والعنف والفقر حاضرة في ظاهرة صناعة الجنس،وهو ما يجعل من النساء الفقيرات والملونات صاحبات الحضور الأكبر فيها.ورغم الحقيقة فإنّ عبارة “صناعة الجنس” أصبحت متداولة بكيفية عادية ضمن بعض أوساط تعتقد أن هذه الكلمة تمنح الاحترام للنساء اللائي على علاقة بهذا الميدان،في الوقت الذي في الواقع تمنح مشروعية للإطار الذي تجد فيه نساء أنفسهن تجاهدن للبقاء بصعوبة على قيد الحياة،أو إطار يحاولن الفرار منه.
وعلى أية حال فإن تحقيق تقدم يبدو ممكنا،فالسويد والنرويج وإيسلندا أقرت قوانين تحاسب الحرفاء وتلقي عليهم بالمسؤولية في شراء خدمات العاملين في هذا الميدان،فيما أصبح يطلق عليه “مثال الشمال” في مكافحة الظاهرة.كما أن البرلمان الفرنسي صوت نهاية عام 2013،لمحاكاة المثال السويدي،تماما مثل بلجيكا وأيرلندا وإسكوتلندا وكندا والبرلمان الأوروبي.لذلك فمثلما تلاحظون فإنّ هذا النمط يعمل،ومنذ بدء السويد العمل بالقانون انخفضت دعارة الشوارع إلى النصف كما تقلص نسق المتاجرة بالبشر.وخلصت دراسة حديثة إلى أن الدول التي تبيح قوانينها الدعارة،تشهد أعدادا أكبر فيما يتعلق بضحايا التجارة بالبشر.
وفي الوقت الذي تبدو الحكمة بصدد الانتصار،تبدو واحدة من أبرز منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم،منظمة “العفو الدولية”،خارج فهم صناعة الجنس.ذلك أن وثيقة ل”أمنستي” تنص على “عدم تجريم العمل في صناعة الجنس” داعية إلى ضرورة أن “يبقى القوادون والسماسرة بمنأى عن تدخل الحكومات” و”أن يتمتعوا باستقلاليتهم”.
وتقول الوثيقة أنه على الحكومات أن توفر “بيئة تسمح للقوادين بأن يمارسوا نشاطهم بحرية في ما يتعلق بتشغيل” هؤلاء النسوة حتى “لا يتم تهديد الحق في الصحة وعدم التمييز والعدالة والخصوصية وسلامة الأشخاص”.
كما أن الوثيقة تقدح في فئة ذوي الاحتياجات الخاصة،من خلال الزعم بأنّ هذه الفئة تتطلب التمتع بمثل هذه الخدمات من أجل تحقيق “الاستمتاع بالحياة والكرامة”.
وقالت المنظمة إنّ الأمر يتعلق بمشروع بيان وأنه مازال في طور المناقشة،ولكن ممثلين عنها ظهروا في يناير 2014 أمام البرلمان الإيرلندي الشمالي،لحشد التأييد ضدّ مشروع قانون يجرّم محترفي هذه الصناعة.
كما أن الأكثر إثارة للدهشة أنّ أحد أعضاء “أمنستي” السابقين يدعي بفخر “شرف” أنه أول من بادر بوضع موضوع تقنين عمل القوانين وأصحاب محلات الدعارة،للنقاش داخل المنظمة،وهو ما أفضى،حسب قوله،إلى الخروج بالتوصيات.كما أنه أحد الداعمين للاتحاد الدولي للعاملين في الجنس،وهو يقدم نفسه “عاملا في صناعة الجنس” يدير مع شريكته،شركة بارزة “للمرافقة”.غير أن “أمنستي” نفت أي علاقة لها بمشروع الوثيقة،قائلة إنّه “لم يكن لها أي دور فيها”،فما الذي جلب اسم المنظمة للوثيقة ؟
لقد استغرق الأمر عقودا،قبل أن تنجح الحركة النسوية العالمية في إقناع “أمنستي” بأن حقوق الإنسان ليست محجوزة فقط للرجال.وها هي “أمنستي-لندن” وكأنها تردّ الفعل بطريقتها،من خلال دراسة تتبنى انتهاك صادم للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.لكن المعترضات على وثيقة “أمنيستي” وجدت دعما من حكومات وطنية أثبتت صحة وجهة نظرها وأنقذت حياة الكثير من النساء،وطالبن أنه ينبغي الاستماع لأصوات الناجيات من هذه الصناعة.وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة عام 2014،تم تنظيم مسيرات ضدّ “أمنستي” كما تمّ إطلاق صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتجاج على هذه المنظمة.وتأمل أن تستعيد “أمنستي” رشدها وتعرف أن حقوق هؤلاء الناجيات هي نفس حقوق المرأة وهي نفس حقوق الإنسان”.
التحرش الجنسي والعنصرية والإذلال العلني داخل إدارة منظمة العفو الدولية
عرض فريق إدارة منظمة العفو الدولية تقديم استقالته،بعدما خلص تقرير مستقل إلى وجود “ثقافة مسمومة من التنمر والتحرش بالعمل داخل المنظمة”،وفق ما ذكرته هيأة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”،بتاريخ 23 فبراير 2019،والتي كشفت أن سبعة أعضاء في مراكز قيادية بالمنظمة أقروا بوجود مناخ من التوتر وانعدام الثقة،مضيفة أن التقرير المستقل يشير إلى وجود أدلة على التنمر والتحرش والتمييز على أساس الجنس والعنصرية في جميع أنحاء المنظمة.وتعيش المنظمة منذ عام 2018 وقتا عصيبا،بعدما أقدما اثنان من موظفيها على الانتحار،أحدهما في باريس ويدعى “روز ميكرجور”،والآخر في لندن ويدعى “جايتان موتو”،إذ كشفت عائلتيهما تعرضهما لضغوط هائلة في العمل مرتبطة بسوء إدارة المنظمة.وأعلنت منظمة العفو الدولية حينذاك في ردها الرسمي عن حالتي الإنتحار،عن فتح تحقيق مستقل،وهو الذي أسفرت نتائجه عن عزم فريق الإدارة الاستقالة كاملا،غير أن الأمين العام كومي نايدو،أعلن أن خمسة فقط من الأعضاء السبعة في الإدارة العامة سيغادرون مناصبهم حتى شهر أكتوبر 2019.وتحدث الموظف المنتحر في رسالة كتبها قبيل انتحاره،عن ضغط عمل لا يطاق.وتحدث تقرير حول الموضوع في فبراير 2019،عن مناخ عمل “مسمومة”،مليء بالإجهاد،و”التنمر والإذلال العلني كأداة للسيطرة”،وعن غياب الثقة،وتدني مستوى التقدير بين الموظفين والقادة،كما أبلغ الموظفون عن إساءة استخدام السلطة والتمييز.وقال ما يقرب من 40 في المائة من المستجوبين البالغ عددهم 475 إنهم عانوا من مشاكل عقلية وجسدية بسبب عملهم في منظمة العفو الدولية.
وكتبت الصحفية البريطانية،شايستا عزيز،في صحيفة الغارديان صيف 2018 “ما يربكني كثيراً هو التناقض بين صورة المنظمات،التي عملت لديها والأجواء المسمومة هناك”.وقالت عزيز أنه خلال فترة عملها في تقديم المساعدة الإنسانية،تعرضت “لأسوأ أشكال العنصرية والتمييز الجنسي والتحرش الجنسي”.وأضافت أنه ولفترة طويلة،كانت المنظمات الإنسانية تركز على صورتها الإنسانية والحقوقية في العالم،من دون الرغبة في الخوض في سلبياتها ونواقصها.
المراجع
معلومات مؤسس منظمة العفو الدولية
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A8%D9%8A%D8%AA%D8%B1_%D8%A8%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%B3%D9%86
مقال جريدة “هأرتس” الإسرائيلية التي فضحت علاقة منظمة العفو الدولية ب”دولة إسرائيل”
تقرير ووثائق معهد “أكيفوت لبحوث الصراع الإسرائيلى الفلسطينى” عن علاقة منظمة العفو الدولية بالجهات الرسمية الإسرائيلية ويتضمن الوثائق التي تثبت ذلك
حقوقي فلسطيني ينسحب من “العفو الدولية” احتجاجا على تعيين مؤيد للاستيطان
الشبكة الدولية للحقوق تستنكر تعيين مايكل ليفي عضوا بمنظمة العفو الدولي
رأي: هل ترغب منظمة العفو الدولية في إباحة الدعارة؟
https://arabic.cnn.com/world/2014/03/10/opinion-prostotution-amnesty
Accused of bullying staff, top brass at Amnesty International …
Amnesty loses five bosses after report on ‘toxic workplace’ – BBC