مدينة وجدة: وفي رواية أخرى، لاشيء يعجبني.

هشام زهدالي

كم كان صادقا محمود درويش يوم صدح بالقول أنه لاشيء يعجبه، “لاالراديو، ولا صحف الصباح، ولا القلاع على التلال.”

بدوري لاشيء يعجبني، بمدينة وجدة: “لاالتنمية، ولا بعض المسؤولين، ولا إيقاع الحياة”، أريد أن أبكي على واقع الحال الموسوم بالبؤس المعلق على جباه الشباب الضائع، الذي انتشرت في أوساطه الهجرة غير الشرعية في السنوات الأخيرة.

وجد نفسه مجبرا على مواجهة الأزمات الإجتماعية والإقتصادية ورفع تحديات المستقبل بالاندفاع بقوة إرادته نحو الهجرة غير النظامية بقوارب الموت، وخوضه غمار هذه التجربة الإنتحارية والمخاطرة بحياته، وإلا بقي أسيرا لصنوف التحذير الذي يجره الى الانحراف، والذي يمثل بداية الإنزلاق نحو الهاوية، والابتعاد عن الخط الصحيح، بما له من آثار سلبية ونتائج وخيمة، تجره الى الاسترسال والمضي في طريقه أشواطاً أخرى.أن تضع شخوص رواية وجدة خارج نسق المأساوية المطلقة، معناه أنك مسيلمة العصر، أو تاجر الأقنعة الزائفة ومروج المثالية المصطنعة، ومحترف المكيجة الأخلاقية.

هي المدينة التي لو سعيت فيها لتربية حمل وديع، سيخرج لامحالة مخالبا ويبدأ في الإفتراس، بالنظر إلى الشروط الغابوية المتاحة، والفضاء ذي القابلية لتسييد التسيب والفوضى.

تدور أحداث “رواية وجدة” غير الموثقة تدور عن ذاك العمى الذي أصاب السواد الأعظم، من الساهرين على تدبير الشؤون العامة بمختلف مناحيها، ليتحول المشهد إلى فوضى جامحة، فسحت المجال للوجديين لإختبار إنسانيتهم، ومعها الشعارات الرنانة التي رفعها الأوصياء عليهم، والتي تكسرت على صخرة الواقع المرير الذي لاتخطئه عين الناظر.

ما أصعب أن يتحول المواطن إلى ضحية تسقط من قاموس الأدمية، وتعلن فشلها في اختبارات درجة الإنسانية، وما أقسى أن تحولك السياسات العمومية المقيتة إلى كائن يصارع أن لاينحدر أكثر إلى درجة الحيوانية، حينما يضيق أفقه ويغدو حلمه رغيف خبز.

فعلى خلفية، الركود الاقتصادي الصارخ، وبفعل التدابير العقيمة، وكنتاج للاتعاطي الجدي مع الهموم اليومية المتراكمة، تولد البؤس في تفاصيل اليومي للوجديين، الذين يمتلكون قدرة رهيبة على التعود، على هكذا أحوال، مستبشرين خيرا في القادم من الأيام.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى