الــبيجيـــدي .. مـن حـكــومــة ” لـَبْـلــوكــاجْ ” إلــى وحــلــة ” غــريــنــيـشْ “

 

مــحمــد ســعــدونــي.

 

كانت حكومة ” لبلوكاجْ” من أكثر المواضيع تداولا في الصحافة وفي الشارع المغربي، ولم يتضح من كان المسؤول الذي كان وراء عرقلة أو تأخر  تشكيل  الحكومة المغربية بعد شهرين من الانتخابات التشريعية، وفي هذا الصدد قال أحد الباحثين في القانون الدستوري  :(( إن الأحزاب السياسية تفتقد إلى ثقافة إدارة التفاوض في تشكيل التحالفات، وتغلب منطق الشقاق والخلاف والصراع، و”التنافس الصفري الذي يكرس الإقصاء المتبادل”،  و تمارس   نوعا من الحربائية السياسية، مادام أن بعض الأحزاب السياسية ترهن انضمامها إلى الحكومة باستبعاد أحزاب أخرى )).

ورغم أن حزب المصباح حقق مكاسب (…) في الانتخابات التشريعية لعام 2014، ومكاسب بلدية في انتخابات 2018، إلا أن بنكيران  بثرثرته ووعوده الوردية سقط في فخ الغرور، ولم يفلح في الانسجام مع التغييرات الدستورية ، ولم يتعلم التعامل مع القوى السياسية الأخرى ، ومن هنا  تبين أن حزب القنديل  في المغرب لم يتوصل بعد إلى ممارسة الحكم الراشد، كما اتضح  أن تخليه على الخطاب الديني ( خاصة على عهد بنكيران) لم يكن سوى خديعة، لأن نيتهم الرئيسية كانت السعي للهيمنة على الشارع، و من تم الهيمنة الشبه مطلقة على قطاعات الدولة عندما يسيطروا على السلطة، يقول أحد الباحثين :(( إن الفكرة القائلة أن حزب  “البيجيدي ” لم يسبق له أن مر عبر تجربة الحكم حتى يبرهن على انفتاحه  على باقي الأحزاب الأخرى فقد سقطت ))،  حتى أن المبادئ التي كان ينادي بها حزب القناديل والقنديلات مثل محاربة الفساد والاستبداد وحماية حقوق المواطنين فقد اختفت من خطاباتهم الديماغوجية ومن أدبياتهم العقدية، ويبقى السبب  الرئيسي في تعثر التأسيس لحكومة وطنية جادة  هو أن رئيسها العثماني  عين من صفوفه وأتباع  كل من هب ودب ، بدون الالتزام بالبرنامج الانتخابي الذي سوقوا له ولا الكفاءات الوزارية ، فهمه الوحيد وباقي الأحزاب المشاركة في الحكومة  هو توزيع الغنيمة.

وفي الوقت الذي ما زالت فيه محنة سعد الدين العثماني مستمرة في السيطرة على حكومة توافقية، انفجرت في وجهه قنبلة قرار الاستمرار بالعمل بساعة الصيف، وهو ما أجج غضب التلاميذ والطلبة،  حتى أن مطالبهم أصبحت تذكرنا بشعارات وشطحات حركة 20 فبراير، وكما هي العادة والخطير في الأمر هو أن عناصر مدسوسة وكامنة  من الانفصاليين ، ومن الطابور الخامس دخلت على الخط واستغلت الفرصة للنفخ في الاحتجاجات لتأجيج القلاقل وتسييس مسيرات التلاميذ العفوية …

وفي جانب آخر ارتفع سقف شعارات  المواطنين إلى المطالبة برحيل العثماني على اعتبار أن هذا القرار “مجحف” لأولياء التلاميذ  ولأبنائهم، كما دخلت  نقابة المحامين بالمغرب على الخط ووضعت  بين يدي القضاء طعنها في المرسوم المتعلق بالساعة القانونية للمملكة المغربية، والمنشور بالجريدة الرسمية عدد: 6720 مكرر بتاريخ 27 أكتوبر 2018، لأن هذا المرسوم  لايكمن أن يلغي قانون التوقيت الذي كان تعمل به الحكومات  المغربية منذ سنة 1962.

فزلزال  “غْـــرينــتــشْ ” الذي حرك الشارع المغربي  يشير بشكل مباشر إلى  الحزب الإخوانى الذى يقود الحكومة، كما أصبح  يواجه اليوم اختبار صعب أثر على شعبيته فى الشارع المغربى  التى كان يعتمد عليها، وهم الذين كانوا بارعين في خلق الاحتجاجات، وتنظيم المسيرات، لإحراج الحكومات السابقة، ومن تم (( إياك أعني واسمعي يا جارة )) ، ويبدو أنهم بدأوا في فقدان  مصداقيتهم أمام الشعب المغربى، بعدما تبددت الشعارات   التى رفعوها  خلال الانتخابات السابقة  التى  أوصلتهم إلى السلطة، ومن غرائب الأمور أنهم – وهم في السلطة – نظموا مسيرات لتلك التي قادتها زوجة بنكيران للتنديد بتنحية الإخواني محمد مرسي من الحكم في مصر – وهو شأن داخلي ، خلالها  صدرت من تصريحات وكلاما نابيا في حق دول عربية وشقية لنا كادت أن تتسبب لنا في أزمات دبلوماسية نحن في غنى عنها.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى