20غشت ….جلالة الملك يخاطبنا من الحسيمة

عبد السلام المساوي


1- ألقى جلالة الملك خطابه بمناسبة الذكرى السادسة والستين لثورة الملك والشعب من مدينة الحسيمة ، وللمكان أهميته ورمزيته في السياسة ، والقاء الملك خطابه من الحسيمة لم يكن اعتباطيا بل يدخل في استراتيجية وظفها رئيس الدولة لتمرير عدة رسائل لمن يهمهم الأمر سواء داخل البلاد او خارجها ، من أهمها : أولا ، تأكيد المصالحة السياسية مع الجغرافيا . ثانيا ، البرهنة على عدم وجود اي خلاف بين الدولة وساكنة الريف . ثالثا ، نهج سياسة القرب مع سكان الريف . رابعا ، اعطاء المنطقة حركة اقتصادية وتجارية بعد الكساد الاقتصادي الذي اصابها أثناء ” الحراك ” وبعده . خامسا ، ابراز قدرات المنطقة سياحيا لتتحول الى منطقة سياحية وطنيا ودوليا لما تحتويه من مؤهلات من شأنها أن تحولها الى قطب سياحي كبير ينقذ شباب المنطقة من البطالة والتهميش والتفكير في الهجرة .

انها قمة الاستثمار للمجال الجغرافي لخدمة السياسة

مدينة الحسيمة مدينة امنة كباقي مدن المغربوحده شيء أساسي ثابت في النبض ، في العرق ، في الفؤاد : حب الوطن .

2- هذه البلاد ، نعيش فيها وتحيانا ، نرى مشاكلها اليومية ، نقسو عليها احيانا ، ونتبرم ونمل ونقول كاذبين ، ” لو وجدنا التأشيرات لعبرنا الى اي مكان اخر وهربنا ” ، ثم حين الهروب حقا منها تهجم علينا كلها ، وتسكن فينا كل المسام .تدمع منا الأعين كلما ذكر اسم المغرب امامنا ، ونتمنى فقط لحظة العبور ، لكي نعود إليها ونطلب الكثير من الاستغفار ، اننا لم نعطها حقها ، وأننا لم نعرف قيمتها وأننا ساهمنا مع المساهمين في سبها ، في النيل منها ، في انتقادها في المليئة والفارغة .

لنا النماذج امامنا ، ترى ، تتابع ، تتوالى ، كلها تقول لنا الشيء الواحد ذاته : مثل هذا البلد لن نجد ابدا ، ومثل هذه القدرة على الحب لهذا الوطن ، لن نلفي وان بحثنا في كل مكان .

فقط علينا أن نجد الفوارق السبعة بين حب الوطن لوجه الوطن ، وبين حبه لانه يعطينا او كرهه لانه نسي أن يعطينا بعض الفتات .

قالها الكبير يوما في العبارة التي يحفظها الجميع ” لا تسألوا أنفسكم ماذا أعطانا وطننا بل اسألوا أنفسكم ماذا اعطيتم لهذا الوطن ”

لذلك يبدو الرهان اليوم واضحا للغاية ، غير قادر على مداراة نفسه : هذا البلد محتاج للقادرين على الدفاع عنه ، المستعدين لبنائه وتنميته والصعود به ، المفتخرين بالانتساب إليه ، المصارحين بحقائقه كلها صعبها وسهلها ، حلوها ومرها ، لكن المنتمين له لا الى اي مكان اخر .

3- غياب النضج عند من يقدمون انفسهم مناضلين ومناضلات ، خلاصة أليمة تتأكد مع توالي الأيام وتكشفها بجلاء طريقة تعاطي هذه الفئة مع أحداث اجتماعية وسياسية اقليمية او بعيدة عن المحيط الجغرافي للمغرب …

هذه الفئة التي تمنح لنفسها التدخل والدلو بدلوها في أحداث احتجاجية عرفها ويعرفها المغرب ، وهي تشرعن لهذه التدخلات من منطق الانتماء إلى ” نخبة ” ” العلم ” و ” البحث ” ، و” النضال “، تكشف عن قصر نظر غير مسبوقة ، بل انها تكشف عن ” هوس ” غريب في التأليب والتحريض .

فئة تهفو إلى ان يتحول المغرب ، الذي يدبر اوضاعه ومشاكله، مهما كانت درجتها وحدتها ، وهو يضع نصب الأعين ، الاستقرار وصيانة امن وسلامة مواطنيه ، ( يتحول ) الى بؤرة نار تلتهم كل شيء .

السقوط الذي تريده هذه الفئة ، سيكون سقوطا نهائيا الأقنعة ترتديها ، سقوطا لأحلام وخيالات تراودها في ان يتحول المغرب الى حفرة عميقة تبتلع حضارة عمرت قرونا ببساطة شديدة لانها تأسست على ركيزة الاستقرار .

هذه الفئة ، ولتعنتها وقصر نظرها وغياب حصافة فكرية لديها ، ولكونها سجينة المراهقة السياسية واليسارية الطفولية ، تتناسى ان ميزة وتميز المغرب في لحمته ، لحمة هي صمام الأمان ، الذي ترعاه الملكية وتعنى به العناية ، التي تنغص قلوب هذه الفئة تحديدا وقلوب السائرين على هواها والدائرين في فلكها .

قد يكون المغاربة غير راضين عن اوضاعهم ، لكن لن يقبلوا بأن يقدموا استقرار بلدهم حطبا لنار الانقلابات والثورات الفاشلة .

ولكل النافخين في الكير ، البرد والسلام على هذا البلد ، وعلى أهله ….

4- نشهد الدنيا انا هنا نحيا بشعار الله ، الوطن ، الملك …الريفيون مغاربة وطنيون…أوفياء للشعار …للشرعية …للمشروعية …للوطن …للملك

التاريخ سجل ويسجل …نشهد ويشهد …كانوا ، وما زالوا ، صادقين مخلصين …لم يتاجروا بالدين ولم يتاجروا بالوطن …

ما حدث في الحسيمة يدين من أجج الفتنة لأسباب سياسوية واهداف انتخابوية ولو على حساب الوطن في قدسيته الوحدوية .

…. نتقاسم مرارة الألم مع عائلات المحكومين …

التظاهر الحضاري السلمي شيء ، قصف قوات الأمن بالحجارة شيء آخر ..المطالبة بالمستشفى والجامعة واصلاح أحوال البلاد والعباد شيء ، رفع اعلام غير العلم الوطني شيء آخر..القاء القبض على المفسدين والقضاء على الفساد شيء ، التخابر مع اصحاب المخدرات وتسلم المال من الخارج شيء آخر…..

لقد اتضح أن المطلوب لم يكن التفاوض لأجل المنطقة ، ولا إجبار الحكومة على الاستماع إلى الشباب ، ولا الدفع بمشاريع التنمية بسرعة ، ولا حتى معاقبة المسؤولين عن تأخر مشروع منارة المتوسط…لا ، الهدف كان شيئا آخر ، لم يقله للشباب من دفع الشباب الى كل ذلك التصعيد ، الذين لا يهمهم لا المغرب ، ولا شباب المغرب ، ولا عائلات هؤلاء الشباب.

…ريفك يا وطني (يحلم بالورد والخبز والزيت وكتب الأطفال…. )

5-مدرسة الحركة الوطنية تركت للتاريخ واحدة من أجمل واحسن التجارب النضالية ، هي تجربة ” ثورة الملك والشعب ” ، الثورة التي خط بها أحرار المغرب بزعامة الراحل محمد الخامس ، معنى لنضال الدولة والشعب ، من أجل مطلبين فقط هما الحرية والاستقلال ، ثم الديموقراطية والحداثة ، وهما المطلبان الذين تم تضمينهما في وثيقة 11يناير 1944 , التي تعتبر ميثاقا وطنيا بين الحركة الوطنية ومحمد الخامس ، وبرنامج عمل وطني وسياسي مغربي محض ، مما أثار حنق الامبريالية التي كانت ممثلة في كل من فرنسا واسبانيا ومهد للمواجهة التي قادت إلى شن اعتقالات وإعدامات ونفي في حق الوطنيين ، ثم عزل الملك محمد الخامس عن السلطة ونفيه الى جزيرة كورسيكا ثم مدغشقر…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى