بعد ركوع نتنياهو لبومبيو، هذا الاخير يحثه على قطع العلاقات مع الصين

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب، أمس الخميس، عن بعض خبايا الزيارة الخاطفة التي قام بها وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، إلى إسرائيل؛ وأهمها أنه رسم خطوطا حمراء عدة أمام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ورئيس الوزراء البديل في حكومته بيني غانتس، فيما يتعلق بالعلاقات مع الصين. وقد أبدى كلاهما تفهماً للموقف الأميركي، ووعدا بإعادة النظر في عدد من المشاريع. وقالت هذه المصادر، وعلى عكس ما يظهر في البيانات الإسرائيلية، إن الموضوع الصيني كان أهم المواضيع الأربعة التي بحثها بومبيو في إسرائيل. فصحيح أنه بحث بشكل معمق في القضية الإيرانية، وفي قضية «كورونا»، وفي قضية ضم الأراضي الفلسطينية وفرض السيادة الإسرائيلية عليها، إلا إن الوزير الأميركي ركز جل اهتمامه على إهمال إسرائيل تحذيرات حكومته المتكررة ضد توثيق العلاقة مع بكين. وأكدت أن بومبيو ذكّر نتنياهو بالأزمة الحادة التي خيمت على علاقات رئيس الوزراء الأسبق، إيهود باراك، مع الرئيس بيل كلينتون في سنة 2000 عندما أجبره على إلغاء صفقة تحديث طائرة «فالكون».

ووصفت هذه المصادر كلام بومبيو، بأنه «كان صارماً وحاداً ورسم من خلاله خطاً أحمر فاقع اللون، في المجال الصيني، بل يمكن القول إنها كانت عدة خطوط حمراء. لأن الوزير الأميركي طلب من رئيسي الحكومة المقبلة وقف وإلغاء مشروع تحلية مياه البحر، الذي رست فيه المناقصة على شركة صينية، وطلب الحذر في التعاون بالمجال العلمي البحثي». وقال إنه «في السنوات الأخيرة عموماً، وفي الشهور الأخيرة بشكل خاص، نشأت ظروف جغرافية استراتيجية جديدة تستوجب حرصاً زائداً في كل ما يتعلق بنقل بنى تحتية وذخائر استراتيجية وتكنولوجية عظيمة القيمة، في المستقبل إلى سيطرة العملاق الصيني».

ولم يكتف بومبيو بالحديث داخل الغرف، وتعمد إجراء مقابلة صحافية مع الإذاعة الإسرائيلية الرسمية، أمس الخميس، فقال فيها إن «هناك مخاطر حقيقية في التعاون مع الصين، ليس على أميركا وحدها، بل إن الصين تعرض المواطنين الإسرائيليين للخطر». وأضاف مهدداً: «نحن لا نريد أن يتمكن الحزب الشيوعي الصيني من الحصول على منفذ إلى البنية التحتية الإسرائيلية، وأنظمة الاتصالات الإسرائيلية. فهذه العلاقات تعرض المواطنين الإسرائيليين للخطر، وبالتالي تعرض للخطر قدرة الولايات المتحدة على العمل مع إسرائيل بشكل مشترك في مشاريع مهمة».

وقالت المصادر الإسرائيلية إن الشعور لدى من اطلع على بروتوكولات لقاءات بومبيو، هو أن الهدف الحقيقي لهذه الزيارة كان نقل الشعور باستياء واشنطن والتهديد حول الاستمرار الإسرائيلي في العلاقات مع الصين. وعندما سئل أحد مرافقي بومبيو إن كان هدفه السياسي من الزيارة هو بحث تأجيل قرار الضمّ، أجاب بغضب: «وهل تعتقد فعلاً أننا نعبر آلاف الأميال من واشنطن لتل أبيب لكي نبحث في الضمّ؟ جئنا أولاً وقبل كل شيء لنمنع تقديم مساعدة إسرائيلية للحزب الشيوعي الصيني».وكشفت الإذاعة الرسمية عن أن أحد مرافقي بومبيو نقل على لسانه أن «الردود التي تلقاها من المسؤولين الإسرائيليين على رسالته الغاضبة، قد جعلته يخرج راضياً». فيما قال مقرب من نتنياهو إنه «أوضح لبومبيو أن العرض الذي قدمته شركة صينية لتنفيذ محطة تحلية مياه البحر (سوريك2)، سيحول إلى مناقشات جديدة في لجنة الإشراف على الاستثمار الأجنبي».

وأما القضايا الأخرى التي بحثها بومبيو فكانت؛ «التهديد الإيراني»، وقد أكد فيه أن إدارة الرئيس دونالد ترمب تساند إسرائيل بشكل كامل في نشاطها العسكري ضد منظومات السلاح والقواعد الإيرانية في سوريا، وذلك من أجل استغلال ضعف طهران المتعمق، والتسبب في تسريع عملية فك ارتباطها بالأراضي السورية. كما تساندها وتشجعها في نشاطها ضد «حزب الله».

وأما في موضوع الضمّ الإسرائيلي لمناطق فلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، فقال بومبيو للمسؤولين في تل أبيب، إن الإدارة الأميركية تحرص على دعم موقف الحكومة الإسرائيلية الجديدة في هذا الشأن، وترى أن «من حق إسرائيل وواجبها أن تقرر فرض سيادتها على المستوطنات في الضفة الغربية». وأضاف أن «الحكومة الإسرائيلية ستقرر بشأن مخطط الضمّ ما إذا كانت ستنفذه وكيف ومتى سيتم ذلك». وقد سئل بومبيو حول هذا في الحديث الإذاعي وكيف سيكون رد الفعل الأميركي إذا اتخذت إسرائيل خطوة ضمّ أحادية الجانب، دون تنفيذ أجزاء أخرى من «صفقة القرن»، فتهرب من الرد المباشر، وقال: «قدمنا رؤيتنا للسلام قبل بضعة أشهر، كل من نتنياهو وغانتس وافق عليها وعلى مناقشة الفلسطينيين على أساسها».

وقال إن واشنطن تفضل أن «تتم العملية بتنسيق أقصى معها، وألا تخرج إلى حيز التنفيذ إلا بعد أن تستكمل دراسة الطواقم المشتركة للترسيم الدقيق لخرائط الأراضي التي ستندرج ضمن مجال السيادة الجديد».

https://aawsat.com/home/article/2284756/%D8%A8%D9%88%D9%85%D8%A8%D9%8A%D9%88-%D9%8A%D8%B1%D8%B3%D9%85-%C2%AB%D8%AE%D8%B7%D9%88%D8%B7%D8%A7%D9%8B-%D8%AD%D9%85%D8%B1%D8%A7%D9%8B%C2%BB-%D8%A3%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%86%D8%AA%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88-%D9%88%D8%BA%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%B3

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى