نقاش الحريات الفردية
 
  عبد السلام المساوي 
 الحرية الفردية قناعة ومكابدة ، وهي خط متواصل في التفكير وليست سوقا انتقائية نختار منها ما يلائمنا وقت الشدة فقط ، في هذه الحالة تصبح الحرية استنجادا بالعدل القيمي لتبريرانتهازية ايديولوجية مفضوحة.
 الحرية لا تختزل بحرية الصلاة والصوم ، والتجارة …حرية الشعوب اليوم عديدة ، ومتحركة . ..
 ” الحريات الحديثة ” ، ويجب أن تصر على هذا التمييز ، لا تشبه في شيء الحريات الانسانية العتيقة ….
 اليوم ، تحتاج الشعوب الى حرية المعتقد ، وحرية السفر ، وحرية التعبير ، وحرية التغيير ، وحرية تشكيل الأحزاب ، والنقابات ، والنوادي ….
 انها ، ” الشعوب ” بحاجة الى حرية الفكر ، وحرية الجسد . حرية المكان ، وحرية الزمان …
 في ما يخص الدفاع عن الحريات الفردية ببلادنا ، ازعم انها المرة الأولى التي يميل فيها ميزان القوى المجتمعي والسياسي ، ولو بشكل طفيف ، لكنه معبر ومعتبر ، لصالح النقاش حول الحريات الفردية ورفع قيودها القانونية .
 والنقاش الذي ساد الاعتقاد بأنه أغلق بعد مناظرة ” الاجهاض ” ، ها هو ينفتح من جديد ، والسبب طبيعي ومفهوم ؛ هناك قضايا مجتمعية لا يمكن ان تموت ، ولا يمكن اقبارها بتوافقات الصمت .
 وهي قضايا غير قابلة للموت مثل البشر ، لأنها نتاج مجتمع ، بتحولاته وتعقيداته ، وبالأشكال الجديدة التي تأخذها تشكيلاته الذهنية والقيمية . انها بنية تحتية تتفكك وفق المنطق الماركسي ، ولا بد لها ان تفكك ما انتجته سابقا من بنية فوقية …
 والحداثيون الذين كانوا في موقع ضعف في قضايا الحريات الفردية هم الان في موقع اكثر قوة …
 لن يتجرأ المحافظون بعد تجاربهم المريرة على نعت المدافعين عن الحريات بأنهم ينشرون ” الرذيلة ” و ” الفحشاء ” ، و ” يفسدون أخلاق الناس ” ….
 نقاش الحريات الفردية نقاش مدني يجب ان يجري في الحقل المدني وبأدوات مدنية ، ومسؤوليات مدنية …
 وحتى ان لم تنتصر الحداثة هذه المرة أيضا ، فيكفيها ان أحدثت هذا الشرخ وسط المحافظين ، ويكفيها دفوعات المحافظين بالحريات الفردية في مازقهم القانونية والأخلاقية….
 
  
 








