ممرضو التخدير والإنعاش يرفضون “مراسلة” لوزير الصحة

رفض ممرضو التخدير والانعاش من خلال العديد من البيانات التي توصلت الجريدة بنسخ منها، مراسلة لوزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد أيت الطالب، معتبرين أنها تجسد وتكرس التخبط وعدم الاستقرار الذي يعيشه القطاع بالمستشفيات العمومية بشكل يومي وعبر مختلف ربوع هذا الوطن.

وأوضحت تلك البيانات أن المهنة   لاتزال تتخبط في متاهة الغموض والارتجالية في التدابير التي تتخذها الوزارة الوصية والتي لا تزيد هذا التخصص المهم بقطاع الصحة العمومي إلا تأزما. 

كما اعتبرت أنه ومن حيث الشكل “المراسلة” لم تأتي في صيغة  قانون أو قرار أو مرسوم وزاري، بقدر ما نسخت مذكرات مصلحة مماثلة دأب المدراء الجهويون ومناديب الأقاليم على الاجتهاد في إصدارها في السنوات الأخيرة. 

ومن حيث المضمون، تورد تلك البلاغات، ان الرسالة مجرد “تحصيل حاصل” لأن ممرضي التخدير والإنعاش كانوا دائما ولازالوا صمام الأمان الضامن لاستمرارية عمليات التخدير المستعجلة منها وحتى المبرمجة وبإحصائيات ممتازة ومؤشرات نجاح جد حسنة، في ظل ظروف العمل المزرية لا تخفى على الداني والقاصي. 

وأضافت ، إن ” الإشادة بكفاءاتهم العالية تفرض نفسها تلقائيا وغنية عن الشكر أو الثناء بقدر يوازي أحقيتها في الاعتراف الفعلي والقانوني بمهنتهم، وما يصاحب هذا الاعتراف من تحسين آني لوضعيتهم المادية والمهنية والاجتماعية وبالتالي التخفيف  من عمق الضغط النفسي الذي يتحمله الممرض(ة) “البناج (ة)” خلال إشرافه بمفرده على العملية الجراحية “المستعجلة” مع استحضار الحمولة الثقيلة للطابع الاستعجالي، وما يصاحبه من ظروف تزيد من خطورة عملية التخدير: نزيف.. حوادث سير نساء حوامل (وغيرهم) عمليات تجرى غالبا في الليل…

ولأن ممرض (ة) التخدير ليس بحاجة لتذكيره بنصوص القانون الجنائي فهو يعيها جيدا لأن معيشه المهني اليومي معلق ومنذ عقود بين مطرقة الفراغ  القانوني لمهنته من جهة وبين سندان المتابعة القضائية بحجة عدم تقديم المساعدة لمريض في خطر من جهة أخرى”. 

لذلك، تضيف البلاغات، ان ممرض التخذير “آثر ومنذ عقود أيضا وقبل وبعد صدور القانون 43/13 المخاطرة والتضحية في سبيل الحرص على إنقاذ حياة المرضى باعتباره واجبا إنسانيا ووطنيا ثم مهنيا وامتدت مجالات اشتغاله ليتم تنصيبه في بعض المستشفيات كمفتاح متعدد الاستعمالات للتدخل في مختلف المصالح زد على ذلك تكليفه بالمرافقة “الشبه طبية” للمرضى عند تنقيلهم بين المستشفيات.

ولا يفوتنا هنا التذكير والترحم غلى أرواح ممرضات وممرضي التخدير والإنعاش شهداء الواجب المهني الذين لقوا حتفهم في الطرقات، كما لا تفوتنا الإشادة بالدور المحوري الذي لعبه ممرضو التخدير والإنعاش وبشكل “فعلي ومتواصل” بمختلف مصالح إنعاش کوڤيد-19.”

    واستطرد الممرضون، أنه “في الوقت الذي كنا ننتظر تثمين هذه الجهود وتحصينها من خلال توفير الموارد البشرية والظروف التقنية اللازمة من أجهزة ومعدات وأدوية وبنوك الدم وسيارات إسعاف وسد الفراغ القانوني للمهنة الذي يعرض ممرضي التخدير للمسائلة القضائية وتحديد المهام والأعمال المسندة لممرض التخدير والإنعاش بصيغة قطعية لا بصيغة فضفاضة قابلة للتأويل حسب مزاج البعض والانكباب على مراجعة التعويضات المادية للحراسة والإلزامية والرفع من قيمتها وإرفاقها بتعويض على المردودية والإنصاف في التعويض عن الأخطار والاهتمام بالتكوين المستمر، جاءت “مراسلة” السيد الوزير 68/11 الترقيعية لتزكي سياسة فرض الأمر الواقع  والهروب إلى الأمام وترك أمور ممرض التخدير على ماهي عليه بل وتحميله ما يفوق الطاقة ولا يعادل الجزاء”. 

ورفض ممرضوا التخدير والانعاش أن يتم تحميلهم تبعات فشل المنظومة الصحية بالبلاد، وما جاءت به هذه “المراسلة” لأنها لم تغير شيئا في الواقع المختل الذي يشتغل في ظله أصلا ممرضو التخدير والإنعاش بل لم تقم إلا بوضعهم في فوهة المدفع وتركهم لمواجهة مصيرهم رسميا، حيث لم تترك لهم مجالا للتعبير عن تخوفهم أو عدم قدرتهم على القيام ببعض التدخلات التي تتطلب بشكل ملح القيام بذلك تحت إشراف الطبيب المختص في الإنعاش والتخدير.

وهنا نسجل ان بيان ج. و. ص إ. م. ش بجهة الشرق، اضاف إن لجوء الوزارة لاعتماد مثل هذه المراسلات غايته هو تكريس سياسة البريكولاج خاصة بالنسبة لممرضي التخدير و الانعاش في غياب أطباء هذا التخصص وهوما قد يتم مستقبلا للقابلات كذلك في غياب العدد الكافي لأطباء التوليد أو الممرضين/ت بالمراكز الصحية ومستعجلات القرب التي تفتقر الى وجود أطباء عامين ، وبعض تقني/ات المختبر والأشعة الذين يعملون في غياب أطباء مختصين لفترات محدودة أو ممتدة

كما حذرت البلاغات من مغبة الالتفاف على “المراسلة” على علاتها، ومحاولة استغلالها خارج السياق الذي يتم “التضليل” بأنها أخرجت من أجله، مساءلة وزارة الصحة عن مصير العمليات المبرمجة التي يفرض على ممرضي التخدير والإنعاش “عبر اجتهادات داخلية” القيام بها في غياب إشراف أطباء التخدير والإنعاش في بعض المستشفيات، خصوصا وأنها تركت الباب مشرعا لتصنيف الحالات المستعجلة، وما يمكن أن ينتج عنه التوتر في العلاقات المهنية.

كما نبه الممرضون إلى عدم تأطير “المراسلة” للحالات الخطيرة التي يمكن أن تتدهور وكيفية مواجهتها؟ وبمن يمكن الاتصال؟ أو من يتدخل؟. وكذلك الأمر بالنسبة لحديثي التعيين، مستغربة عدم الاستعداد لربط مزاولة مهام التخدير “بصفة مؤقتة” دون طبيب مختص بالتكوين المستمر خصوصا في استعمال بعض المواد والمجالات الحصرية للطبيب، وكذلك في الإنعاش، ولو في حدود معينة. فضلا عن عدم تخصيص أي تعويض في هذا الشأن.

واعتبرت البلاغات أن “المراسلة” بمثابة “ورقة رسمية” يسجلها التاريخ كشهادة على الأعباء الحقيقية التي يتكبدها ممرضو التخدير والإنعاش، مسجلة بأن وزارة الصحة وهي “تحتم على كافة ممرضات وممرضي التخدير والإنعاش التابعين للقطاع العام وبشكل مؤقت تأمين التدخلات الاستعجالية” تكرس التهرب من عدم أتخادها للتدابير التحفيزية من أجل وقف نزيف هروب أطر التخدير والإنعاش نحو القطاع الخاص والرفع من عدد مناصب التكوين المفتوحة في هذا التخصص، وعدم الوقوف على التوزيع العادل والمعقلن لأطر التخدير والإنعاش عبر ربوع الوطن، وقد تسعى الى أن يتحول شكل التحتم “المؤقت” إلى أبدي.

كما اعتبرت أن التنزيل الأمثل لورش إصلاح المنظومة الصحية ببلادنا يمر أساسا عبر الإنصاف الجدي للأطر الصحية بمختلف فئاتهم، مشيدة بممرضي وممرضات التخدير والإنعاش لاتخاذ الحيطة والحذر مما تستوجبه الظرفية الراهنة من إكراهات ومخاطر، والتعبئة من أجل صون الكرامة واكتساب الحقوق المشروعة وفي مقدمتها التأطير القانوني الفعلي والفعال للمهنة وسن التحفيزات والتعويضات المرافقة لها وتوفير الحماية الضرورية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى