دول الخليج العربي : المواجهة والاندماج

كاسة البشير – مونبليي

حدثان كبيران غيرا وجه المنطقة العربية ، النكبة سنة 1948 وحرب الكويت سنة 1990-1991 والتي اهدمت النظام العربي الرسمي .
فبعد اجتياح الكويت أقيمت ندوة نيويورك حول مستقبل المنطقة وطرحت سيناريوهات متعددة حول مستقبل الكويت ومنطقة الخليج العربي ما بعد الحرب ، فالولايات المتحدة الامريكية ترى في القادة العرب السياسيين المترهلين عقبة استراتجية امام اعادة بناء المنطقة وفق منظور جيوسياسي اكثر برغماتية ومنسجم مع مشروع شرق أوسطي جديد الذي أطلقت عليه إدارة بوش الابن على لسان وزيرة خارجيته كوندليزا رايس مشروع الفوضى الخلاقة ، الزعماء العرب أصبحت فاعليتهم السياسية واستمرارهم طويلا في حكم المنطقة مصدر قلق للإدارة الامريكية وأكثر خطرا على مصالحها الاستراتجية وقواعدها العسكرية في المنطقة ،فالبحث عن حلفاء استراتيجييين من الأهمية بما كان لإعادة ترتيب المتطقة والاشتغال على صناعة قادة سياسيين جدد ودفع شعوب المنطقة الى التصالح مع السياسية الخارجية الامريكية ،فبعد إعدام صدام حسين انهارت الأنظمة السياسية العربية ،فسقط مشروع التحكم في تونس وهرب الرئيس بن علي وقامت الثورة في ليبيا وأنهت معمر القذافي ثم أتت على مصر بلد المؤونة والرجال وردمت مبارك وبنية في واقعة الجمل واشتعلت الجبهة السورية والتي تعيش حربا أهلية حتى يومنا هذا ، سقوط اليمن في يد الحوثيين الذين أعدموا حليفهم علي عبد الله صالح . اصبح المشهد اكثرماساوية وعنفا ، والأفق السياسي اكثر ضبابية ، و تشكل تحالف سياسي جديد على محورين ، الاول بين السعودية والإمارات والولايات المتحدة الامريكية وامتد وتغول عسكريا وسياسيا في اليمن والبحرين واطلقوا عليه درع الجزيرة وعاصفة الحزم ، والثاني بين تركيا و الولايات المتحدة الامريكية و روسيا وهو اكثر فاعلية وحساسيته الاستراتجية اكثر حدة، لانه مطلوب منه ان يكون مشروع يالطا جديد لإعادة توزيع الأدوار الاستراتجية في المنطقة وإعادة بناء نظمها السياسية وافتكاك اسيا من المجهول القادم .
الفكرة المحورية الثانية في الندوة، مستقبل دول الخليج العربي ، بعد الانسحاب العراقي من الكويت فان المنطقة ستتعرض لأكبر تهديد استراتيجي من ايران وضغط نفسي وسياسي من الولايات المتحدة من اجل تأمين خط النفط للحفاظ على هيمنتها وإدارتها للقوى الطامعة في الاستحواذ على موارد الطاقة .
يمكن الإشارة الى حدثين هامين يشكلان مصدر قلق هذه الدول ،الاول احداث ظفار بسلطنة عمان 1964-1976 اذ ان اندلاع النزاع المسلح مع الجبهة الشعبية لتحرير عمان ودوّل الخليج ، كاد ان يبعثر دول المنطقة لولا الالتفات الى الدور الجيوستراتيجي لإيران في السلطنة و دعوة الشاه الى التدخل العسكري وبذلك سحق الطيران الحربي الإيراني القوات المتمردة بجنوب السلطنة ، والتي تربطها بهذه الاخيرة علاقة خاصة وميول سياسي وثقافي ولهما ادوار سياسية متبادلة وحس عملياتي مشترك بالمنطقة، الامر الذي لفت الانتباه الى هذا المحور داخل المنطقة.
الحدث الثاني. النشاط الإيراني في جزر دهلك التي اكترتها من دولة إريترية على البحر الأحمر والتي جعلت منها قاعدة عسكرية للحرس الثوري لتدريب الحوثييين في اليمن ومدهم بالاسلحة الثقليلة وتدريب شباب دول الخليج المرتبطين بالمذهب الجعفري الاثنى عشري .
فالعمق الاستراتيجي الإيراني في منطقة الخليج العربي وما تملكه هذه الدولة من إمكانات مالية واسترايجية هاءلة ،وأطماعها في خط النفط الخليجي ،وتأجيجها للقلاقل السياسة(اليمن) وخلخلة الاستقرار السياسي والثقافي (منطقة القطيف بشمال السعوية) بدر الشقاق الطائفي (احداث البحرين ) ، يشكل مصدر انزعاج إقليمي لدول الخليج العربي .
لمواجهة هذا الغول الاستراتيجي و دفعه خارجا الى تغيير مساره نحو دول جمهوريات اسيا الوسطى، فان دول الخليج العربي امام خيارين استراتيجيين ، فإما الاندماج الكونفدرالي وضم دولة اليمن، عملة وسياسة خارجية وجيش ووزارة نفط واحد .او دمج دولة الإمارات لسلطنة عمان، ودمج قطر والبحرين للسعودية ،وإلحاق الكويت بالعراق .

كاسة البشير – مونبليي
22/02/2020

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى