غموض وتساؤلات تهزّ عالم الجيدو المغربي: إقالة مبارك اشنيور تُثير الجدل

وجدة، 15 ماي 2025
في خطوة هزّت أركان الوسط الرياضي المغربي، أصدرت الجامعة الملكية المغربية للجيدو وفنون الحرب المشابهة، يوم 9 ماي 2025، قرارين صادمين: تجميد مهام مبارك اشنيور، رئيس عصبة جهة الشرق، وإحالته إلى اللجنة التأديبية، مع توقيفه عن رئاسة العصبة في انتظار مثوله أمام اللجنة الوطنية للأخلاقيات. هذه القرارات، التي حصل الزملاء في “20 دقيقة” على نسخة منها، أشعلت عاصفة من التساؤلات، وسط غموض كثيف يكتنف الأسباب الحقيقية وراء هذا القرار المفاجئ.
زلزال إداري في قلب الجيدو
مبارك اشنيور، الاسم الذي ارتبط بمسيرة حافلة في تطوير رياضة الجيدو بجهة الشرق، وجد نفسه فجأة خارج دائرة القرار، في خطوة وُصفت بـ”الغامضة” و”المثيرة للجدل”. الرجل، الذي كان يُعدّ ركيزة أساسية في تعزيز مكانة الجيدو محليًا وإقليميًا، فوجئ بقرار الإقالة، التي جاءت دون مقدمات واضحة، لتفتح الباب أمام سيناريوهات متعددة: هل هي خطوة قانونية مشروعة أم تصفية حسابات داخل أروقة الجامعة؟
في تصريح حصري لـ”20 دقيقة”، كشف اشنيور عن تفاصيل لقاء مثير عقد يوم 18 فبراير 2025 بالمستشفى الجامعي الشيخ زايد بالدار البيضاء، بحضور رئيس الجامعة وأعضاء المكتب المديري. وصف اللقاء بأنه كان “صادمًا”، حيث واجهه رئيس الجامعة -حسب قوله- بكلام “جارح” ووصف “غير لائق”، دون توضيح أو سابق إنذار. “كنت أتوقع نقاشًا بناءً، لكن ما حدث كان بعيدًا عن اللياقة والمنطق”، يقول اشنيور بنبرة تخفي خيبة أمل عميقة.
إرث اشنيور: إنجازات تحت المجهر
لم يكن اشنيور مجرد إداري عابر، بل شخصية محورية ساهمت في وضع جهة الشرق على خارطة الجيدو المغربي. تحت قيادته، شهدت عصبة الشرق نهضة رياضية واجتماعية، تجسدت في سلسلة من المشاريع الرائدة التي أثارت إعجاب المتابعين. من بين هذه الإنجازات:
- شراكة مع مجلس جهة الشرق والمديرية الجهوية للصناعة التقليدية، لتزويد الأطفال المحتاجين ببذلات رياضية، في خطوة عززت الدمج الاجتماعي.
- إنشاء أول “دوجو أفريقي” للجيدو بالتعاون مع جامعة محمد الأول، ليكون نموذجًا للتكوين الرياضي في القارة.
- شراكات اجتماعية مع جمعيات مثل “الطفولة السعيدة“، و”متقاعدي الأمن الوطني“، و”الجمعية الخيرية بوجدة“، لدمج الأيتام والمحرومين في رياضة الجيدو، مما منح الرياضة بعداً إنسانيًا.
- مشروع قاعة رياضية في منطقة بني زناسن، مع تأطير تقني مباشر من العصبة، لدعم المواهب الشابة.
ولم تتوقف طموحات العصبة عند هذا الحد. كان اشنيور يُعدّ لتنظيم دوري دولي ضخم للجيدو في مدن وجدة، تافوغالت، والسعيدية، تزامنًا مع الذكرى 22 لميلاد صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله. “كنت على تواصل مستمر مع الكاتب العام وأعضاء المكتب المديري للترتيب لهذا الحدث الاستثنائي”، يروي اشنيور، مضيفًا أن القرار جاء كصاعقة في ذروة التحضيرات.
قانون تحت الاختبار
ما يزيد من حدة الجدل هو الطريقة التي تم بها التعامل مع القضية. يشير اشنيور إلى أن القرار اتُخذ دون استماع مسبق إليه، في خرق واضح -حسب رأيه- للمادة 24 من القانون رقم 30.09، التي تفرض استدعاء الشخص المعني والاستماع إلى دفوعاته قبل أي إجراء تأديبي. “كل ما نطلبه هو احترام القانون، لا أكثر”، يقول بنبرة حازمة، مؤكدًا أنه لم يكن يطمح لأي منصب إداري، بل كان يفكر جديًا في تقديم استقالته قبل هذا القرار “المجحف”.
القراران، اللذان أُصدرا في يوم واحد، تركا الشارع الرياضي في حالة ذهول. فمن جهة، يُنظر إلى اشنيور كشخصية أسهمت في تحقيق قفزات نوعية للجيدو بجهة الشرق، ومن جهة أخرى، تثير السرعة والغموض المحيطان بالقرار شكوكًا حول وجود دوافع أخرى، ربما تتعلق بصراعات داخلية أو تصفية حسابات بعيدة عن الأعين.
الكرة في ملعب الأخلاقيات
في انتظار ما ستكشف عنه جلسات اللجنة التأديبية واللجنة الوطنية للأخلاقيات، يظل السؤال يتردد في أوساط عشاق الجيدو: هل كان إعفاء اشنيور قرارًا قانونيًا يهدف إلى حماية مبادئ الرياضة، أم أنه حلقة في سلسلة صراعات خفية تهدد استقرار الجامعة؟
الأيام المقبلة ستحمل الإجابة، لكن ما هو مؤكد أن هذه الأزمة ستترك أثرًا عميقًا في المشهد الرياضي المغربي.
بين شغف الجيدو وصرامة القانون، تبقى عيون المتابعين معلقة على القادم، في انتظار أن يرفع الستار عن الحقيقة، أو يزداد الغموض تعقيدًا.