الحكومة والبرلمان ومحاربة الفساد بالفساد..

تساءل مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة، المكلف بالعلاقات مع البرلمان، عن تقارير المجلس الأعلى للحسابات قائلا ” هل يمكن أن نجعل الفساد، خاصة قضايا الفساد المتعلقة بالمال العام عناوين كبرى نثير بها الرأي العام، ونربطها بقوانين معينة؟” وكان ذلك في جلسة مناقشة التقرير السنوي لهذا المجلس بمجلس المستشارين، واستحضر الناطق الرسمي الحكومي المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية، رقم 2.22.431 المتعلق بالصفقات العمومية، ليعوض آخر مرسوم يعود إلى سنة، لكنه لم يأت بأية قيمة مضافة على مستوى المراقبة والتتبع والمحاسبة وتقييم الجودة في العمل، وانسجام المطلوب مع المنتوج. إنما فقط يسعى إلى إعطاء المقاولات الوطنية حظا أكثر في إطار المنافسة، ولم ينص على حماية المقاولة من الابتزاز والرشوة ومن الشطط الإداري الذي تعاني منه المقاولات بكل أصنافها مما يجعلها تغادر الورش أو تلجأ الى الغش في الإنجاز.

هذا المسؤول هو الناطق الرسمي للحكومة، إذن فهو يردد خطابها الذي من شأنه تبخيس عمل المجلس الأعلى للحسابات، وثانيا معتبرا بأن الفساد ليس في حاجة إلى نص قانوني. وهذا مجرد تبرير للخطأ الحكومي لما سحبت مشروع قانون الإثراء غير المشروع من البرلمان حتى يبقى أصحاب الشكارة في البلاد مطمئنين على أرصدتهم غير المشروعة، وأيضاً تجميد اتفاقية مكافحة الفساد والرشوة ومشروع قانون التصريح بالممتلكات.

إنها قوانين أيها الناطق الرسمي تجسد مقدمة التصدي للفساد ونهب المال العام والإفلات من العقاب، وهي مقدمة عتق رقبة البلاد من أغلال الفساد التي جعلته يتبوأ المراتب الدنيا على مستوى التنمية البشرية وعلى مستوى التعليم و الصحة وعلى مستوى الخدمات الاجتماعية و محاربة الرشوة.

فلماذا تنزعج الحكومة من تقارير المجلس الأعلى للحسابات؟ كمؤسسة دستورية التي يجب تقديرها، والأخذ بعين الاعتبار ما كشفت عنه من اختلالات مالية في التسيير والتدبير؟

إنها تريد إقصاء الدور الدستوري لهذا المجلس ككل، حماية لأهلها من المحاسبة ومن المساءلة القانونية ومن المتابعة القضائية خاصة وأن أغلبهم دخل قبة البرلمان أوقصر الحكومة على جواد المال المنهوب. وإن محاولة رئيس البرلمان تهميش مؤسسة دستورية حتى لا تؤدي واجبها الرقابي والمحاسباتي وحماية لمالية الدولة والكشف عن مصادرها وقانونيتها وعن مجالات صرفها ومدى قانونيتها، إنما يريد بذلك حماية نفسه، لأنه جاء لرئاسة البرلمان من أجل الحماية من التبعات القانونية ومن التهرب الضريبي.

و بدل أن يجتهد من أجل حماية البلاد من مظاهر الفساد وحماية الطبقة الوسطى من الشطط الضريبي والاقتطاعات المتعددة ومن خطورة الريع والقطاع غير الهيكل. فضل حماية نفسه أولا، شأنه في ذلك شأن وزير العدل وهبي.

فالسؤال المركزي المطروح في الموضوع، هو لماذا الحكومة وأغلبيتها ومعارضتها المعينة تسعى إلى تبخيس عمل المجلس الأعلى للحسابات وتسعى إلى مخالفة الأعراف الدولية وقوانينها المتعلقة بمكافحة الفساد والرشوة ومنها اتفاقية مكافحة الفساد التي أقرتها الأمم المتحدة سنة 2003 وهي وثيقة قانونية دولية ملزمة، وتضم أكثر من 187 دولة ومنها المغرب الذي صادق عليها بتاريخ09/12/2003 والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

وكذلك محاولة تجاوز الباب الثاني عشر من الدستور المغربي لسنة 2011 حول الحكامة الجيدة (الفصول: 154 الى 171).؟ إنهم يريدون حماية أنفسهم والحفاظ على مصالحهم ومصالح أبنائهم وذويهم والاغتناء غير المشروع والتهرب الضريبي والإفلات من العقاب، فما تقوم به الحكومة وأغلبيتها ومعارضتها المعينة من تجاوز الدستور الذي هو أسمى قانون في البلاد ومن سوء تنزيله والتملص من الاتفاقيات الأممية التي يعتبر المغرب من الموقعين عليها، حتى لا يخرج عن الصف الأممي، هي أخطاء قاتلة تصيب جسم الدولة المغربية في حاضرها وفي مستقبلها وفي وحدتها الترابية وتحول دون بناء دولة الحق والقانون، دولة المساواة والعدالة الاجتماعية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى