أمسية الثقافة الشعبية – صوت الجماهير يعلو في وجه الظلم
"ما بقي الزعتر والزيتون، دمتم على العهد ماضون"

في ليلة مشتعلة بالحماس والالتزام، احتضن الحي الجامعي بالقنيطرة أمسية فنية ملتزمة نظمها الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، فصيل الطلبة القاعديين التقدميين، لتكون صرخة مدوية في وجه الظلم، ونشيدًا للحرية، وتكريمًا للشهداء والمعتقلين، تحت شعار “من أجل استنهاض وتوحيد الفعل الاوطامي على أسس كفاحية وديمقراطية والتصدي لمخطط التخريب الجامعي”، وحتى تصبح الجامعة فضاء ديمقراطي ينبض بروح المقاومة، يعبر عن هموم الجماهير، ويحيي ذكرى أبطال سقطوا في سبيل القضية، من الجيد محمد بن عيسى إلى شهداء فلسطين الأبية.
نبض الجماهير في المسرح والأغنية
على خشبة المسرح، قدمت فرقة “سيزيف الأوطامية” مسرحية “حق العودة”، وهي لوحة فنية جسدت صمود الشعب الفلسطيني وتشبثه بأرضه. الكلمات كانت سيوفًا، والإبداع كان سلاحًا، حيث عبر الطلبة عن تضامنهم اللامشروط مع القضية الفلسطينية، التي يرونها قضية وطنية بامتياز.
وفي مسرحية أخرى بعنوان “واقع التشغيل”، سخر الطلبة من نظام يفضل “ابن فلان” على حاملي الشهادات، مضيئين على معاناة البطالة التي تكبل شباب الوطن.
الأغاني الملتزمة كانت قلب الأمسية النابض. أناشيد مثل “قاوم” و”أنا اسمي شعب فلسطين” رددها الحضور بحماس، مجسدة روح المقاومة التي لا تلين. أغنية “اذكرك أماندا” للرفيق صلاح الطويل كانت نشيدًا للصمود، بينما هتاف “أشبال أوطم لن تركع” كان بمثابة قسم الوفاء للنضال.
تكريم الشهداء والمعتقلين: وصية لا تموت
في لحظات مؤثرة، أُهدي المجد لشهداء الحركة الطلابية، وعلى رأسهم آيت الجيد محمد بن عيسى، “عريس الشهادة” الذي استشهد عام 1993 في فاس، والمعطي بومالي، شهيد وجدة عام 1991. كما أُحيت ذكرى شهداء فلسطين مثل عادل الاجراوي ودبيدة خليفي، في رسالة واضحة: دماء الشهداء ليست نهاية، بل وصية للاستمرار في درب الحرية.
المعتقلون السياسيون، وعلى رأسهم ناصر الزفزافي، حظوا بتحية خاصة. “حرية وانعتاقًا” كانت دعوة الحضور لهم، مؤكدين أن المقاومة مستمرة حتى داخل “سجون الذل والعار”. هذا التكريم لم يكن مجرد كلمات، بل تجديد للعهد بالممانعة ضد القمع والظلم.
نقد النظام: صوت الحقيقة
لم تكن الأمسية مجرد احتفال فني، بل منصة لنقد النظام والاختيارات السياسية المتخذة. الأغاني والشعارات كشفت عن فساد ينهش خيرات البلاد، حيث “الوزراء الشفارة” يزيدون ملايينهم بينما ينقص الفقراء دراهم. غلاء المعيشة، نقص التعليم والصحة، والتوظيف المبني على الواسطة كانت قضايا أثارت غضب الطلبة، الذين رفعوا شعار “الثورة نهج الأحرار” كدعوة للتغيير.
جامعة موازية: فضاء الحرية
كما أن الأمسية لم تكن مجرد حدث عابر، بل تجسيد لمفهوم “الجامعة الموازية”، وهي فضاء طلابي مستقل يرفض الثقافة الاستلابية، ويحتضن الإبداع كسلاح للمقاومة.
الطلبة، بوصفهم “أبطال القضايا التحررية”، أثبتوا أن الجامعة ليست مجرد مكان للتعلم، بل منصة للنضال ضد الفساد، القمع، والظلم، وساحة للتضامن مع القضايا العادلة، وعلى رأسها فلسطين.
خاتمة: شعلة لا تنطفئ
في هذه الأمسية، كانت الثقافة الشعبية أكثر من فن؛ كانت صوت الجماهير، صرخة الحق، ونشيد الحرية. من خلال المسرح، الأغاني، والهتافات، جدد الطلبة القاعديون التقدميون العهد بالممانعة والصمود، مؤكدين أن “أشبال أوطم لن تركع”.
إنها دعوة للشباب ليحملوا شعلة النضال، متمسكين بوصية الشهداء، متضامنين مع فلسطين، وساعين نحو وطن حر ينعم فيه الجميع بالعدالة والكرامة.
“فلسطين يا أحلى جنوني، احنا جنود على درب التحرير”
فلتمضِ هذه الأمسية كشعلة تضيء دروب الحرية، ولتظل الثقافة الشعبية سيفًا في يد الجماهير، تقطع أغلال الظلم، وتزرع بذور التغيير.