عيد الأضحى 2025: فرصة للفرح والرواج الاقتصادي رغم غياب الأضحية

بقلم: مصباح عبد الحليم، رئيس جمعية رواج لتنمية التجارة الداخلية – وجدة، 24 ماي 2025
في ظل ظرف استثنائي يعيشه المغرب هذا العام، يأتي عيد الأضحى 2025 حاملاً رسالة واحدة: تحويل التحديات إلى فرص للفرح والتضامن الاجتماعي.
فقد أجمعت الأمة المغربية، استجابةً للتوجيهات الملكية السامية، على الحفاظ على الثروة الوطنية من قطيع الأغنام، مما قد يؤدي إلى غياب شعيرة الأضحية هذا العام. لكن هذا الإجماع لا يعني الجمود أو الانكماش، بل هو دعوة لإبداع طرق جديدة للاحتفال بالعيد، تعزز الرواج الاقتصادي وتنشر البهجة في ربوع الوطن.
غياب الأضحية لا يعني غياب روح العيد. فالقيمة المالية التي كانت تُخصص لشراء الأضحية لا تزال موجودة، وهي ثروة يمكن استثمارها لخلق دينامية اقتصادية واجتماعية. بدلاً من تجميد هذه الأموال، يمكن للمواطنين توجيهها نحو شراء الملابس للأطفال والعائلات، تقديم المساعدات للفقراء والأرامل، وكسوة الأيتام.
هذه المبادرات الفردية، إذا توحدت، ستتحول إلى مشروع جماعي ينشط الأسواق المغربية، يحرك الدورة الاقتصادية، ويعزز عمل المصانع واليد العاملة.
إن التاجر المغربي، بمساهمته في هذه العملية، يصبح شريكًا أساسيًا في إنجاح هذا التحول. من خلال تقديم عروض تجارية جذابة ومنتجات محلية ذات جودة، يمكن للقطاع التجاري أن يلعب دورًا محوريًا في تحقيق هذا الهدف، مما يجعل العيد مناسبة ليس فقط للفرح، بل لدعم الاقتصاد الوطني.
أدعو الجهات الرسمية والهيئات المهنية إلى تشجيع الأنشطة التجارية من خلال تدبير محكم يراعي الظرفية الاستثنائية. يجب أن تكون هناك خطط لتحفيز التجارة المحلية، مثل تنظيم أسواق موسمية أو تقديم حوافز للمنتجين المحليين.
كما أناشد السلطات بمحاربة المضاربة، خاصة في أسعار اللحوم، لتجنب تكرار ما حدث في طنجة العام الماضي، حيث بلغ سعر الكيلوغرام الواحد 300 درهم. على المواطنين أيضًا الامتناع عن شراء المنتجات بأسعار مرتفعة والتبليغ عن أي تلاعب بحقوقهم.
وفي هذا السياق، يلعب الإعلام دورًا حاسمًا في نشر الوعي المجتمعي. أدعو المنابر الإعلامية، الرسمية وغير الرسمية، إلى تعزيز ثقافة التضامن والإبداع في التعامل مع هذه المناسبة، من خلال تسليط الضوء على المبادرات الإيجابية وتشجيع المواطنين على تبني سلوكيات استهلاكية تدعم الاقتصاد المحلي.
عيد الأضحى هذا العام هو فرصة لإثبات قدرة المغاربة على تحويل الأزمات إلى لحظات إبداع وتضامن. إن غياب الأضحية لا ينبغي أن يطغى على روح العيد، فالشرع الحنيف قد وسّع على من حالت بينه وبين الشعيرة ظروف استثنائية، من خلال فتاوى مثل الإنابة الشرعية. لكن الأهم هو أن نجعل من هذه المناسبة لحظة لإظهار الفرح والسرور بطرق مبتكرة، سواء من خلال العطاء أو دعم الأسواق المحلية.
نحن أمة قوية، متجذرة في عقيدتها، متماسكة بروابطها الوطنية. سيمضي العيد بفضل الله وكرمه، وسيبقى الشعب المغربي مثالاً في الصبر والثبات والإبداع.
فلنجعل من عيد الأضحى 2025 مناسبة لنثبت للعالم أننا قادرون على تحويل التحديات إلى فرص، وأن الفرحة يمكن أن تولد من التضامن والعمل الجماعي.