تفاهة اليوتوبرات تتجاوز الحدود إلى الطعن في الدين.

الطيب الشكري

لا يمكننا اليوم أن نبقى مكتوفي الأيدي، نقف موقف المتفرج مِنْ مَنْ يعتبرون أنفسهم أو يصنفون في خانة ما بات يصطلح عليه ” يوتوبرات ” ونحن نرى ونشاهد يوميا خرجاتهم على العديد من مواقع التواصل الإجتماعي التي تفتقد لكل ما هو أخلاقي.

عشرات من هذه النماذج لم يعد لها من شغل سوى الجلوس وراء شاشات هواتفهم بالساعات ينفُثون سمومهم على العلن ودون خجل أو حياء، أسلوبهم سُوقِي ، كلماتهم بذيئة ساقطة تفتقد الحس الأخلاقي والوازع الديني تنهل من قاموس هو أقرب للقاذورات منه للكلام الرزين المتعقل، حركاتهم مبتذلة متجردة من كل إحترام.

يَحْضون بنسب مشاهدة عالية هدفهم في هذا هو إفساد الذوق العام وجرِّ العديد من اليافعين والمراهقين إلى الإقتداء بهم وتقليد كل ما يقومون به على مستوى الحركات وأسلوب الحديث، عشرات الأسماء إن لم نقل المآت ممن اختاروا أن يكونوا يوتوبرات والتي أضحت الطريقة السهلة للشهرة وجمع المال الذي يبقى الهدف الأساسي لهؤلاء.

فلا يخلوا يوما واحدا دون أن ترى أو تشاهد واحدا من هؤلاء الوجوه التي تعج بها العديد من صفحات مواقع التواصل الإجتماعي بدعوتهم علنا إلى الإنحراف والتجرد من الأخلاق وعدم إحترام الآخر وخدش الحياء والتهكم على الناس وقفذهم بأقدح النعوت بلا خوف أو حياء وكأننا نعيش وسط غابة الكل فيها مباح ولا يخضع لقانون ولا يحرك ضمير، أمر زاد من انتشار عدد من هذه الكاءنات التي أصبح لها متابعين يدافعون عنهم ويحاربوا كل من ينتقذهم وينتقذ طريقتهم وأسلوبهم في الكلام وإيصال رسائل بأن لا أحد يستطيع إيقافهم مستغلين فضاء الحرية التي استغلوها بشكل سلبي دفع بالبعض منهم إلى تجاوز كل الخطوط وذهب البعض الآخر إلى أخطر من ذلك بالإساءة إلى الدين الإسلامي الحنيف عبر تحريف آيات من القرآن الكريم في مشهد استفز مشاعر المغاربة الذين هبوا لإدانة إقدام بعض الغربيين إلى حرق نسخ من كتاب الله معبرين عن غضبهم لهذا الفعل الشنيع.

فخرج من بينهم وفي لحظة انفلات إعلامي من يحرف آيات كريمة وبشكل علني دون أن يخجل من نفسه ولا من تبعات إقدامه على فعله البئيس هذا الذي يضعنا اليوم في مواجهة ظاهرة خطيرة تنتشر كالنار في الهشيم تتوسع بشكل سريع وتغزوا مجتمعنا الذي يعج بالعديد من المظاهر المشينة التي أصبحت قاعدة لدى البعض منا، من روتيني اليومي الى فضائح التيك توك وصولا إلى تفاهات اليوتوبرات وتطاولهم على الدين أصبحنا نعيش وسط مزبلة من الانتاجات الإعلامية التي غطت على كل القيم الحقيقة التي ظل المجتمع المغربي محافظا عليها بعد انزواء مثقفينا من الرواد ومن الجيل الحالي إلى الزاوية الضيقة وتسليمهم بالأمر الواقع بعد أن أضحت أخبار هؤلاء مادة دسمة لقنواتنا الإلكترونية التي ساهمت إلى حد ما في انتشار هذه الوجوه بعد أن فتحت لها صفحاتها لتمرير سمومها وإفراد مساحات مهمة لها وهذه مسألة يجب مراعاتها في المستقبل القريب وعلى القائمين على إدارة بعض المواقع الإلكترونية أن تتحمل مسؤوليتها في هذا الأمر وتلتزم بالميثاق الأخلاقي الذي يلزمها باحترام المتلقي وعدم السماح بمرور هذا الخبث الذي وَجَد له موْطن قدم لتعميم التفاهة وخلق جيل من التافهين.

كما أن مسؤولية الدولة قائمة في ما يحدث فلا يعقل أن شخصا ما يقوم بتحريف آيات من القرآن الكريم وبشكل مستفز ومع ذلك يترك دون أن تطاله المساءلة القانونية حتى يكون عبرة لأمثاله، فعندما نطالب كمجتمع وكمغاربة بالتصدي لهؤلاء فمن حرصنا على إحترام الآخر وحماية الأجيال القادمة التي شئنا أم أبينا لها ارتباط وثيق جدا بالتكنولوجات الحديثة بكل ما تحتويه من مواضيع هادفة كانت أم تافهة وأن الضرب بيد من حديد على كل متطاول على المقدسات الدينية وعلى الثوابت الوطنية كفيل بحماية جيل بأكمله من كل التيارات التي تساهم في إفساده فكريا واخلاقها وأن مطالبتنا بحماية الدوق العام لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بالتضييق على حرية التعبير أو ما شابه ذلك لأن المغاربة حرصين على إحترامها والدفاع عنها ضد كل تضييق في التعبير الحر والديمقراطي الذي ينتصر أولا وأخيرا للوطن والمواطن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى