الصحافة في مواجهة غضب الأطباء و وزيرهم في الصحة

بقلم : الطيب الشكري

خلقت الشكاية التي تقدم بها وزير الصحة ضد الصحفي محمد عمورة على خلفية برنامجه الإذاعي ” أحضي راسك ” الذي يبث على أمواج الإذاعة الوطنية كل سبت و تطرق في إحدى حلقاته لما أسماه ” الخيانة الطبية ” و هي الحلقة التي تسببت في غضب الأطباء الذين وجهوا انتقادات لاذعة و فتحت نقاشا حادا و تفاعلا من رواد مواقع التواصل الإجتماعي كشكل تضامني متفرد مع الصحفي ضد الوزير و الذي رأى فيه العديد من المتتبعين انحيازا من طرف مسؤول حكومي كان المفروض فيه الدفاع عن المنظومة الصحية و الانكباب على تصحيح الاختلالات التي تعتريها و التي أقر الوزير نفسه بوجودها و كذا استغلاله لمنصبه الحكومي للتضييق على حرية التعبير و محاولة إخضاع الصحافة لرقابة تمنع المواطن من حقه في المعلومة و في التعبير الحر متناسيا أن الصحافة قبل أن تكون مهنة فهي إلتزام أخلاقي و تعاقد بين المتلقي و الصحفي الذي يشتغل وفق ضوابط مهنية و أخلاقية تتسم بالصرامة و باستحضار الضمير المهني الذي غاب و يغيب عن كثير من الهيئات التي من المفروض فيها تحكيم الضمير المهني و الوازع الأخلاقي في عملها و تعاملها مع المواطن خاصة في ظل واقع يحكمه كل ما هو مادي .

اليوم و من خلال هذه الواقعة التي كشفت عن حقيقة العلاقة بين الصحفي و المسؤول الحكومي و التي وصفت بالمتجنشة خاصة بعد الرسالة شديدة اللهجة الواضحة الكلمات التي وجهها الصحفي محمد عمورة باعتباره صاحب البرنامج إلى السيد أنس الدكالي وزير الصحة باعتباره الوصي على القطاع و ليس على الأطباء و بعد بيان النقابة الوطنية للصحافة المغربية و التي من خلاله أعلنت تضامنها مع الصحفي محمد عمورة و كل العاملين بالإذاعة الوطنية و مطالبتها من وزير الصحة بسحب مراسلته إلى الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري و انسحابه من القضية و ذلك بعد تسجيل استغرابها من ردود الفعل التي تعتبر مسا خطيرا بحرية الصحافة و النشر و ضرب أحقية المواطن في إعلام يقدم خدمات عمومية وفق الضوابط الحقوقية و الأخلاقية و المهنية ، أصبح لزاما على الجسم الصحفي و منتسبيه التحرك في إتجاه منع تكرار مثل هذا الأسلوب مع صحفي أو منبر إعلامي من قبل مسؤول سلطوي أين كان منصبه لأن الأمر يتعلق بسلطة رابعة لم تتعد في أي وقت من الأوقات على حرية أية سلطة من السلطة الثلاثة بل الأكثر من ذلك ناصرتها في عدد من المواقف حين تعرض منتسبو هذه السلط إلى حيف أو ظلم و لم تقف موقف المتفرج و لم تطالب بمنع كالذي مارسه وزير الصحة في شكايته إلى الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري و الذي إلتمس من رئيستها منع الحلقة الثانية من برنامج ” أحضي راسك ” الذي خصصها الزميل عمورة لبعض مظاهر الاختلالات التي تطال المنظومة الصحية و هو الأمر الذي استغربه الجميع خاصة و أننا نتحدث اليوم عن دخول سياسي و إجتماعي حارق بعد الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى العشرون لعيد العرش و الذي أكد فيه جلالته على أن ” المغرب يتسع لكل أبنائه و يتمتع فيه الجميع دون إستثناء أو تميز بنفس الحقوق و نفس الواجبات في ظل الحرية و الكرامة الإنسانية ، فقد كان الأجدر بالسيد الوزير تحمل مسؤوليته في ما تقدم به الصحفي محمد عمورة و طرحه على الهواء و البحث في مدى حقيقة و صحة هذا الطرح من عدمه لكن سيادته فضل أسلوب الترهيب و الهروب إلى الأمام بمناصرته لهيئة الأطباء و هذا حقه الشخصي و بالتي أضفى مصداقية على كل ما جاء في البرنامج الإذاعي المذكور و أعطى للزميل عمورة تمريرة هزت شباك السيد الوزير بعد التساؤلات التي حملتها رسالة الصحفي إلى الوزير و التي لا زال الرأي العام الوطني ينتظر إجابات عنها من طرف الوزير الذي دخل معركة خاسرة بعد بث الحلقة الثانية من ” أحضي راسك “المخصصة لاعتلالات المنظومة الصحية و هو ما يعني ضمنيا رفض الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري لشكاية و شكوى الأطباء و وزيرهم .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى