ماكرون:على أوروبا أن تقلل اعتمادها على واشنطن

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه يتوجب على أوروبا أن تقلل من اعتمادها على الدولار الأمريكي خارج “الحدود الإقليمية”، وتتجنب الانجرار إلى مواجهة بين بكين وواشنطن بشأن تايوان.
وأضاف ماكرون خلال تصريحات نقلتها صحيفة “بوليتيكو” وعدد من الصحفيين الفرنسيين على متن طائرته عائدا من زيارة للصين استمرت ثلاثة أيام، ونشرت اليوم الأحد، إنه “يتعين على أوروبا تقليل اعتمادها على الولايات المتحدة وتجنب الانجرار إلى مواجهة بين الصين والولايات المتحدة بشأن تايوان”، مؤكدا على نظريته حول “الحكم الذاتي الاستراتيجي” لأوروبا، التي من المفترض أن تقودها فرنسا، لتصبح “قوة عظمى ثالثة”، بحسب تعبيره.
وتابع قائلا: “الخطر الكبير الذي تواجهه أوروبا هو أنها عالقة في أزمات ليست من شأننا أو أزماتنا مما يمنعها من بناء استقلاليتها الاستراتيجية”.
وشدد ماكرون على أن الأوروبيين يجب ألا يكونوا أتباعا للولايات المتحدة في أزمات لا دخل لأوروبا بها.
بالمقابل لفت ماكرون إلى أن أوروبا زادت من اعتمادها على الولايات المتحدة في مجال الأسلحة والطاقة وبالتالي يتوجب على أوروبا الآن التركيز على تعزيز الصناعات الدفاعية الأوروبية.
كما دعا ماكرون إلى ضرورة أن تقلل أوروبا من اعتمادها على الدولار “خارج الحدود الإقليمية”.
وقال أستاذ العلاقات الدولية حامد فارس، إن تصريح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حول استقلالية أوروبا ليس جديدا، حيث ضجرت أوروبا الحالة الاقتصادية، والابتزاز الأمريكي للقارة العجوز.
وأضاف فارس: “خير مثال على ذلك هو العقوبات التي وقعت على روسيا بعد الأزمة الأوكرانية التي كانت كمن يطلق النار على قدميه.. فماكرون في ديسمبر الماضي وجّه تحذيرا شديد اللهجة إلى أوروبا من أنها ستصبح ضحية للتنافس التجاري بين واشنطن وبكين، واتهم الإجراءات التي اتخذها الرئيس بايدن بأنها عدوانية فيما يخص تعزيز الصناعات الأمريكية على حساب أوروبا وبأن هذه الإجراءات ستؤدي لا محالة إلى تفتيت الغرب.”
وقال أستاذ العلاقات الدولية إن الرئيس الفرنسي اتهم شركات النفط والغاز الأمريكية ببيعه إلى أوروبا بأ4 أمثال سعر حصولهم على الغاز الروسي، ودعا في وقت سابق لإنشاء “جيش أوروبا الموحد” بعيدا عن الناتو وقال إن الناتو قد مات سريريا..
وتابع أستاذ العلاقات الدولية أن هذه التصريحات المتفرقة التي حدثت في الكثير من المناسبات تظهر لنا أن أوروبا لن تسير مغمضة العينين خلف أمريكا خاصة أن أوروبا شعرت بحجم الخطأ الاستراتيجي الذي اقترفته في السير خلف واشنطن فيما يخص روسيا سواء بإحداث فجوة كبيرة في العلاقات الأوروبية الروسية أو بتوقيع عقوبات اقتصادية كبيرة على روسيا كان المتضرر الأول منها الشعوب الأوروبية التي تعاني بشكل كبير الآن على كافة المستويات، وبالتالي فإن هذه التصريحات تظهر التحول الكبير من قبل أوروبا تجاه الاعتراف بأن الصين أصبحت قطبا مهما في العالم بالإضافة إلى روسيا وأمريكا.
أوروبا لن تخسر علاقتها مع الصين
وأردف في هذا الجانب: “وبأن أوروبا لن تسير في نفس الاتجاه التي دفعتها فيه أمريكا لمواجهة روسيا ولن تخسر علاقتها مع الصين من أجل أمريكا التي أدرك الغرب أنها حليف غير موثوق به. أماالصين فهي الشريك التجاري الأول لأوروبا ولا يمكن الاستغناء عنها، وبالتالي هناك إرادة سياسية أوروبية لإعادة ترتيب علاقتها معها.”
فرنسا تبحث عن دور أكثر قوة
وبناء على ذلك بحسب فارس، تكون الصين “همزة الوصل” في إعاده العلاقات الروسية الأوروبية لسابق عهدها بعدما انتهجت الولايات المتحدة سياسة عدائية تجاه روسيا بدافع الحقد التاريخي نحوها ومحاولة استمرار هيمنتها على كرسي رئاسة العالم بشكل منفرد، وبالتالي هذه الزيارة وما تضمنها من تصريحات هي رسالة واضحة بوجود عالم متعدد الأقطاب وبأن فرنسا تبحث عن دور أكثر قوة في النظام العالمي الجديد بعيدا عن الهيمنة الأمريكية التي أضعفت الاوروبي بشكل كبير، وبالتالي ترى في التقارب مع الصين مصلحة أكبر من استمرار تقاربها مع أمريكا.