حديث الشجاعة والوضوح

عبد السلام المساوي
ونحن في عز موسم التعديل الحكومي ، الذي فرضه خطاب العرش – الحدث ؛ أغلب القادة والزعماء السياسيين ، ان لم اقل كلهم ، لزموا قاعة الانتظار ؛ يترقبون بكثير من الحيطة والحذر والخوف ؛ سكتوا عن الكلام المباح وغير المباح ؛ لا تصريح ولا حوار ” وكم من حاجة قضيناها بتركها ” و ” الصمت حكمة ” !!!
طبعا ، وفي غياب شبه مطلق لهؤلاء الفاعلين السياسيين ،وفي غياب تواصل واضح وصريح مع الرأي العام عبر وسائل الاعلام التي لا تحصى نوعا وعددا ؛ كان لا بد على هذه الوسائل ؛ مواقع الكترونية وصحف …ان تشتغل ، ان تقوم بعملها ، وهذا حقها ، فتكتب وتنشر ما تشاء استنادا الى ” المصادر الموثوقة والمطلعة جدا ” ، مستعينة بتحاليل ” الخبراء ” و ” الفقهاء ” ….وتاه الراي العام في خضم الحكايات المنسوجة والتي تقاوم انسحاب من وجب عليه الكلام … وحده الأستاذ ادريس لشكر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، شكل استثناء ، وهو الاستثناء القاعدة ، كسر الصمت والانسحاب ، رفع اللبس والغموض …حاور وتواصل ، تكلم وتحدث ؛ فهذه مهمته وهذه مسؤوليته ؛ تكلم بدون ” خوف ” ، تحدث بجرأة سياسية وشجاعة ادبية …
ادريس لشكر الذي حل ضيفا على برنامج حديث مع الصحافة على القناة الثانية يوم الأحد 22 شتنبر 2019 ‘ تحدث بثقة في النفس ؛ ثقة مؤسسة على وضوح الرؤية ووضوح المشروع ، تحدث بلغة واضحة التي تجسد وضوح الفكر ؛ ناقش وعالج مختلف القضايا التي تشغل الرأي العام في الفترة الدقيقة و ” الحرجة ” والتي وضعت بين قوسين في انتظار من يعلق الجرس …لشكر رفع القوسين ونال تحية المتتبعين ؛ فصفقنا وعلى ” الصائمين السلام !
ان حديث الكاتب الأول مع الصحافة على القناة الثانية حديث متماسك ومتناغم. تحكمه وحدة الفكر ووحدة الرؤية ….مؤسس على ثوابت مبدئية وقناعات سياسية …
حديث أصيل.و متأصل يجمع مكوناته ناظم مشترك هو المشروع الاتحادي ؛ الاشتراكي الديموقراطي الحداثي… اساسه هو الارث الاتحادي النضالي وبوصلته هو التفكير الاتحادي المبدع والمستقبلي…
حديث. عقلاني ، بعيد عن حماس وانفعالات اللحظة حديث عقلاني واعي وهادف يحاصر الشعبوية التي تروم السيطرة على الوجدان بخطاب عاطفي مغالطي والذي تأثيره مؤقت في الزمان والمكان …
حديث متناسق منطقيا ، يشكل بنية… موحد من حيث الثوابت التي تحمي من الوقوع في التناقض …التناقض الذي وقع ويقع فيه الكثير من الزعماء السياسيين الذين يسقطون في التناقضات من مناسبة الى أخرى….
الكاتب الاول للاتحاد الاشتراكي لا يلغو ؛ يتكلم ولا ينسى انه يفكر ، يفكر ولا ينسى انه يتكلم مستلهما تاريخ الاتحاد الاشتراكي في المسار والصيرورة ومستحضرا التجربة الذاتية الضاربة جذورها في السبعينيات ….
ان حديث الكاتب الاول حديث عميق لأنه ، اولا، صادر عن الاتحاد الاشتراكي وعن كاتبه الاول ، ولأنه ,ثانيا ، يأتي في سياق سياسي واجتماعي دقيق ، ولأنه ، ثالثا يروم رفع الجمود والرتابة التي أصبحت تهيمن على حياتنا السياسية ، ولأنه رابعا يتوخى السمو على لغة التهريج ، تبادل التهم والسب ويتوخى القطع مع لغة الشعارات الفضفاضة والوعود الشعبوية….
ان حديث الكاتب الاول صادر عن رؤية تحليلية ونقدية ، رؤية اتحادية لتنمية الانسان والمجتمع….انه رؤية بنيوية وجدلية للسياسة والمجتمع ..للتشخيص والبديل..الاختلالات والاقتراحات…انه ، اذن رؤية بنيوية وجدلية ؛ برؤية بنيوية لانه يشكل نسقا فكريا منسجما تفكيرا وبناء ، نسقا بعناوين كبرى ( التعديل الحكومي ، مغرب الكفاءات ، الاتحاد الاشتراكي في صلب الاستراتيجية الملكية ، الاتحاد والتفاعل مع خطاب العرش ، الحصيلة الجيدة لوزرائنا ، الهيكلة الحكومية ، مسؤولية الاتحاد اااشتراكي في الفشل والنجاح ، التمثيلية النسائية ، الحريات الفردية ،ال مصالحة والوحدة الاتحادية….) نسقا فكريا سياسيا متماسكا منطقيا ، والخيط الناظم هو المنظور الاتحادي اليساري ، الاشتراكي الديموقراطي الحداثي…رؤية بنيوية لانه خطاب يحمل الصدق داخله ، من هنا يرتقى عن لغو الكلام…
-رؤية جدلية لانه ليس خطابا نظريا يتوخى الصدق الداخلي فقط ؛ انسجام الفكر مع نفسه…بل إنه حديث جدلي تاريخي ؛ حديث سياسي بحمولة واقعية ملموسة ، يتوخى الصدق الواقعي ؛ انسجام الفكر مع الواقع …رؤية جدلية لأن الحديث يطرح مختلف القضايا السياسية والاجتماعية والتنظيمية في ترابطها وتفاعلها وصيرورتها التاريخية….