إبادة جماعية… وغياب تفعيل وسائل القمع الجزائي

ذة. سليمة فراجي – محامية بهيئة وجدة

تتواصل عمليات الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، من قتل وتقتيل وتعذيب وتهجير جماعي وقتل الاطفال والشيوخ والنساء وتدمير المنازل ونهج سياسة الأرض المحروقة ومحو عائلا ت بأكملها من السجل السكاني ، وانهيار المنظومة الصحية بسبب استمرار القصف الاسرائيلي على غزة دون أدنى مراعاة لقواعد القانون الدولي الإنساني ومواثيق حقوق الإنسان، على اعتبار أن الأمر يتعلق بتطهير عرقي وديني وإبادة جماعية ومختلف الانتهاكات الجسيمة لأبسط الحقوق المتعارف عليها، إذ لم نعد نواجه سوى بالرعب والتفنن في انتهاج أساليب التنكيل والانتصار للدمار والفظاعة التي يشيب لها الرضع. بل حتى القوافل الانسانية للمساعدات تعرضت للقصف ،

من حقنا أن نتساءل عن جدوى القانون الدولي الإنساني، الذي يسعى إلى خلق التوازن والتناسب بين الضرورة العسكرية والاعتبارات الإنسانية، وقانون حقوق الإنسان وآلياته؟

ونتساءل عن جدوى اختصاص المحكمة الجنائية الدولية في ملاحقة المجرمين الذين ثبتت في حقهم بالصوت والصورة انتهاكات اتفاقيات جنيف، خصوصا اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين أثناء النزاع المسلح والاحتلال الحربي، والهجمات العشوائية في بؤر التوتر، واقترافهم الأفعال المنصوص عليها في المادة السابعة من نظام روما؛

ناهيك عن جرائم القتل والتعذيب والتنكيل والتسبب في معاناة شديدة وأذى خطير لاحق بالأجسام وبالصحة العقلية ، لان من فقد فلذات كبده او عائلته لا يمكن ان يبقى عقله سليما لذلك، فلا الشعارات تمكنت من إيجاد حماية للأطفال الأبرياء والمدنيين العزل،

ولا التهديدات والتنديدات والبيانات حالت دون ارتكاب المجازر في حق الإنسانية، ولا القانون الدولي الإنساني تمكن من إيجاد مظلة أمان لهؤلاء الأبرياء، ولا المحكمة الجنائية الدولية تمكنت من ملاحقة مجرمي الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، بالرغم من كون تكلفتها فاقت مليار دولار وأنها لم تصدر سوى أربعة أحكام على مدى أربع عشرة سنة، شهد العالم فيها أبشع صور التنكيل والتعذيب، خصوصا إذا اعتبرناها سلاحا في يد الأقوياء لتأديب الضعفاء..

أين هي منظمات الغوث الدولي، أين هي الجمعيات غير الحكومية ولجنة الصليب الدولي ووسائل الإعلام قصد فضح وتعرية ما يجري من جرائم فظيعة في حق الإنسانية؟،

وفي غياب أساليب الضغط الدولي على اسرائيل من أجل صدها وإرغامها على وقف المجازر وتهجير سكان غزة والضغط على الأمم المتحدة لإنقاذ المدنيين العزل لان التصريحات الاممية وغيرها تشخص الوضع دون اقتراح وصفة العلاج وأمام صمت وعجز المنتظم الدولي، خصوصا لما يتعلق الأمر بالمسلمين، وعدم جدوى القانون الدولي الإنساني المكلل بالمحكمة الجنائية الدولية التي هلل الحقوقيون لها، وكنا نعتقد جازمين أنها كجهاز قضائي مستقل، خطوة جبارة في ميدان القمع الجزائي لا أحد يفلت من العقاب بوجودها وتشفي غليل ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان خلال النزاعات العدائية؛ لكن يبدو أنها لا تعدو أن تكون وسيلة الأقوياء لترهيب المعتبرين ضعفاء!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى