موسم الامتحانات … بين تقويم الغش وغش التقويم

الحسين سوناين

ككل موسم امتحانات يعود الحديث عن الغش ، والتلويح كل مرة بأن إجراءات قد اتخذت للحد من هذا السرطان الذي أتى على مصداقية الشهادة التعليمية في بلادنا. فما أن تحل مواعيد إجراء الامتحان إلا وتتكرر نفس الممارسات: تلاميذ يدخلون قاعة الامتحان مدججين بهواتف ، يصورون الموضوع ليرسل لجهات خارج المؤسسات لتُتمم الدور الموكول إليها… وتختلف الوسائل بين جد متطورة وعادية لكنها تفي بالغرض في جميع الأحوال. ويتحول المراقب الذي بدل السهر على توفير الجو الملائم لإجراء الامتحان وضمان تكافؤ الفرص بين الممتحنين إلى آلة تقنية تتعقب الهواتف الذكية الملصقة بأجساد البعض مما يضعه في موقف حرج ، بل وهذا ما يحدث في الغالب، بعرضه للتهديد والوعيد.

بالمغرب فاعلون في مجال الاتصال لهم الوسائل التقنية لإيقاف هذا السلوك من خلال عزل مراكز الامتحان عن شبكة الاتصال، لكنه إجراء لم يفعل ولن يفعل. فكما صرح أحدهم : لو تم هذا الإجراء لانحدرت نسبة النجاح إلى ما دون العشرين بالمائة وهذا يناقض هواية الأرقام التي تستطيبها الحكومة.
إذا تتبعنا الأرقام المعلن عنها كل سنة فإن ما يفوق 80 بالمائةمن الناجيحين في امتحانات الباكالوريا يتوجهون للجامعات ذات الاستقطاب المفتوح ليدخل هؤلاء في معركة شرسة مع السكن والنقل والمنحة….. مما يجعل أكثر من النصف يعجز عن مواصلة دراسته الجامعية ، هذا مع الإشارة إلى افتقاد الأغلبية لآليات (لغة- منهج…) التحصيل الجامعي
لم الإصرار على اعتماد العتبة في انتقاء المرشحين في الجمعات والمدارس ذات الاستقطاب المحدود؟ لم بلقنة هذه المؤسسات العليا بين وزارات متعددة بدل أن تكون تحت إشراف ورزارة التربية الوطنية والتعليم العالي
محاربة الغش لن يكون وليد إجراء إداري زجري ولن يتحقق بإمضاء التزام مصادق عليه . سيظل الغش قائما ما دام يستشري في كل القطاعات ، التلميذ الذي يرى ويسمع بالغش في المشافي في السلع في البناء والطرقات ….. لن يكون ملاكا وسط هذه الغابة الغاصة بالوحوش . محاربة الغش جزء لا يتجزأ من إصلاح منظومة التربية والتكوين عبر إخضاع نظام التقويم برمته لإعادة النظر في آلياته ومكوناته وأهدافه . والمنظومة بدورها لن تُصلح إلا بإرادة سياسية تقطع مع الهاجس الأمني والمالي في القطاع.
بطيعة الحال هناك كوة أمل يجسدها العديد من تلامذتنا المجدين الذين حصلوا على نتائج مبهرة عن جدارة واستحقاق .
ملاحظة أخيرة : ثبت إذن أن برلمانيا ضبط في حالة غش حسب تصريحه (بلاغة). وهذه الواقعة المشينة تكشف لنا من أين نبدأ محاربة الغش.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى