على ما أعتقد: بعض مقومات الخروج من الأزمة الحالية

عادل راشدي

مهما كان الإختلاف في تصوراتنا ومقارباتنا للوضع العام بالمغرب،لكن قد نتفق جميعا أن الوضعية الحالية هي أشبه بكثير بسياق مغرب بداية التسعينات أو مغرب عشرية برنامج التقويم الهيكلي أو مغرب السكتة القلبية.

لكن الفرق بين السياقين، ففي الأول عشنا على أمل الإصلاح في ظل الإستقرار مع إنفتاح على القوى المعارضة والإعلان عن عفو شامل سنة 1994،وإطلاق دينامية متميزة لحرية الصحافة على سبيل المثال لا الحصر البرامج الحوارية والسياسية بالقناة الثانية أنذاك وتأسيس للصحافة المستقلة ووو، لكن السياق الحالي هو مختلف تماما, حالات إنتظار قاتلة وطويلة المواعيد،المقاربة الضبطية هي السائدة وكأننا لازلنا نعيش فترة كوفيد التي أعطت للدولة إستعادة التحكم في زمام الأمور خاصة بعد رجات حراك الريف،هناك حالات التضييق وتكميم الأفواه، الفساد ومافيات الفساد تعطينا أنها حسمت الأمور لصالحها وأن هناك تبادل المصالح والأدوار بينهم وبين الساهرين على المقاربة الضبطية، وهذا يهدد على المدى المتوسط والبعيد أسس الدولة اليعقوبية بالمغرب.

إذن نتفق جميعا أن هناك أزمة متعددة الأبعاد والأركان في مغربنا، مغرب اليوم في حاجة إلى جرعات أوكسجين تتأسس على رجات عنيفة وهزات قوية من المواقف والقرارات والأفعال، مغرب اليوم في حاجة إلى إعادة بناء الثقة المفقودة عبر

1-ضرورة الإعلان عن حكومة كفاءات وطنية سياسية وليس تقنوقراطية:

لأن الوضعية هي أعمق وأدق مما نتصور لأن المعادلة ليست تقنية بل هي سياسية، إقتصادية وإجتماعية، لأن مملكة المهندسين إنتهت صلاحيتها مع حراك الريف وإعلان “النموذج التنموي الجديد”، رغم أن هناك مقاومات أو حروب بالوكالة لعرقلة تنفيذ مخرجاته.

2-حكومة تضم شخصيات وطنية نزيهة :

وذات مصداقية وصاحبة الأيادي البيضاء النظيفة قادرة على التواصل الفعال والاستماع الجيد إلى نبضات الشارع، لها:

– ما يكفي من الشجاعة لتنزيل مخرجات” النموذج التنموي”

-قوة الشخصية لضمان التنزيل السليم لمشروع التغطية الاجتماعية وقانون  الرعاية الصحية التي تعرف صعوبات على مستوى المقاربة المعتمدة أمام ضعف أداء وزير الصحة والحماية الاجتماعية الحالي، حيث أن ورش الحماية الاجتماعية أكبر منه مهنيا وفكريا، والذي يحاول فقط إرضاء شركات الأدوية المصحات الكبرى، أما المرفق العمومي الصحي هو آخر مايتم التفكير فيه،

-وزير الصحة والحماية الاجتماعية يحاول بعثرة الأوراق وتسريع تطبيق مقتضيات الحماية الاجتماعية والصحية دون رؤية واضحة أو إنتاج مؤشرات، خاصة مشاريع القوانين والمراسيم التي تم إعدادها هي  نسخ طبق الأصل  لقوانين تم إعدادها مع حكومة عباس الفاسي وبقيت في الرفوف مع تسجيل تراجعات كبرى عن مضامينها مع الحكومة الحالية الذي يسكنه هاجس وحيد وأوحد هو الزج بالوجوه القديمة ورموز الفساد في قطاع الصحة لتدبير هذا الورش الملكي، وهذا تهديد حقيقي ثاني

3- مغرب اليوم في حاجة الى إشارات ورجات قوية:

 إن إعادة بناء الثقة المفقودة وإنهاء الزواج الغير الشرعي بين المال والسياسة هو مرتبط في بداياته بإعطاء إشارات حقيقية لربط المسؤولية بالمحاسبة عبر:

1-3-جيل ونفس جديد للمسؤولين الترابيين على مستوى الجهات والأقاليم:

حيث أن  السؤال الشائع بين المغاربة وحتى في صالونات النخب:

هل أصبح بعض الولاة والعمال ورجالات الإدارة الترابية يشكلون دولة في وسط دولة بالمغرب من دون حسيب ولارقيب، ألا تشكل تجاوزاتهم وفسادهم وغطرستهم تهديد حقيقي لإستقرار البلد والمس بثوابث الأمة؟

التاريخ علمنا أن من قادوا إنقلاب 71و72،كان يصعب إنتقادهم خلال الستينات وبداية السبعينات من القرن الماضي وحتى النبش في أسمائهم كان يؤدي إلى دهاليز دار المقري ودرب مولاي شريف، أبانت التجارب ودروس التاريخ أن أكبر المخلصين للملكية ليسوا من المأجورين لخدمة ذلك و المستفيدين من إقتصاد الريع،  كما قال ماكيافيل في كتابه “الأمير” “أكبر المخلصين للملكية هم من ساهموا معها في بناء الأمل والإستمرارية و الإنتقال السلس في زمن الأسئلة الصعبة وفي مغرب مفترق الطرق”.

واهم من يعتقد أنه فوق المساءلة والمحاسبة،لانه:

“إذا كان الركوب على أزمات الغير يدخل في خانة المقرف فإن إمتطاء الجثامين يتجاوز القرف بكثير”

الوطني أو الملكي أو تمغربيت اليوم أو أو أو…. “هو من يستمع إلى الناس، ويركب افكارهم، ثم يعيدها إليهم في شكل مقترحات يعمل على اقناع اغلبهم بها،  وان لم يفلح عدلها … وهكذا دواليك”

2-3-المشهد الإقتصادي في حاجة إلى رجة للبنية الإقتصادية السائدة وإلى إعادة البناء:

-تنفيذ كل مخرجات المناظرة الوطنية للضرائب وسن عدالة ضريبية مع الرفع من الرسوم الجمركية إلى 300٪ على إستيراد مواد الترفيه والسيارات النفعية التي تتجاوز قيمتها مليون درهم،

-القيام بحملة تطهير حقيقية واسعة لمهربي الأموال إلى الخارج والمتهربين من أداء الضرائب،

-وقف الإستثمارات العمومية الغير المنتجة،وإيقاف المهرجانات والتطاهرات؛ومصاريف التنقل ووووو،

– تقليص إلى النصف ميزانيات الصناديق السوداء والتسيير وشراء سيارات الخدمة،

 – إلغاء ميزانيات الدراسات والخبرات والتتبع والمواكبة

 وللإدارات العمومية مايكفي من الأطر للقيام بذلك؛

–  فرض الضريبة على الثروة، تتراوح مابين 0.5٪ إلى 1٪ من الثرواث المنقولة والغير المنقولة،بالنسبة للثروات التي تتجاوز 10 مليون درهم؛

-إيقاف تصدير المنتجات الفلاحية التي تشكل العمود الفقري للأمن الغذائي للمغاربة،

-إيقاف وإلغاء كل أشكال دعم الإستثمار الموجه للرأسمال الأجنبي أو الوطني، إلا في القطاعات المبتكرة و المستدامة، في ظل تصاعد أصوات عالمية وفي السياق الحالي بضرورة عودة الصناعات القومية مع جاذبية كبرى لبرامج ونحفيزات إعادة التوطين التي تفوق بكثير ماتقدمه وزارة التجارة والصناعة عبر مؤسساتها المختصة والمجالس الجهوية عبر صناديق دعم الإستثمار المحدثة بالمراكز الجهوية للإستثمار،لا يعقل في مغرب الأزمات الكبرى أن تصل مبالغ الدعم الإستثمار لتشغيل يد عاملة واحدة بين 30 ألف درهم و02 مليون درهم يجب القطع مع عقلية “اللعاب إحميدة والرسم احميدة”، في وقت يجب توجيه هذا الدعم للنساء والشباب المغربي ومواكبتهم  وإعادة تنظيم القطاع الغير المهيكل ليس عبر مقاربة الضبط بل عبر مقاربة مدمجة مع تشجيع المقاولات الناشئة

– الإعلان عن نهاية عمل بعض الوكالات والمؤسسات العمومية التي إستنفدت شروط وجودها.

اليوم يسود إنطباعا عاما لدى الجميع، أننا نتجول بين عالمين،أحدهما ميت والآخر عاجز أن يولد،كما أن أسس العدالة المجالية والإجتماعية ومحاربة الفقر بمغرب اليوم يجب أن تبنى على تعديل الكفة،كما لا يستقيم بناء شروط المرحلة الحالية والمقبلة دون رسائل إطمئنان مدخلها إنفراج سياسي حقيقي،لأن التدبير الهش والترقيعي للأزمة هو مبنى للمجهول.

عادل راشدي

وجدة في 15 أبريل 2023

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى