الــجـزائــر : ” الــكـاسْــكـيـطَــة ” والـسـيـاسي والانتهازي.. عــنــدما تجاهــل ” بــســاط الـريـــح ” ســمــاء الـجـزائــر

وجـــدة .مــحــمـد سـعــدونــي.

هناك نكتة متداولة في الجزائر تقول : ”  لكل دولة جيش إلا في الجزائر فإن للجيش  دولة ” ، هذه القناعة الجماعية أصبحت أكثر من مؤكدة بعدما رفع الحراك الجزائري من سقف شعاراته 🙁 الشعب يريد الاستقلال!!!)، والأخطر في هذه الشعارات : المخابرات جهاز إرهابي، والجنرالات ( كبرانات فرنسا عصابة إجرامية )، وبين هذا وذاك تبقى النخبة السياسية والمثقفة والمعارضة (…) تتأرجح بين الانتهازية وقبضة الكاسكيطة ( العسكر) ، وبين مطالب الشعب الجزائري الذي مازال ينشد التغيير من عهد بوخروبة إلى  ” تبون ” الذي يرفضه الشارع الجزائري أكثر من أي رئيس سابق، تبون ولكي ” يكسب بعض الشرعية المفقودة و “يُدَوخَ ” الحراك ويلتف عليه، ولكي يُــفَــرْملَ حركة 22 فبراير الاحتجاجية المتنامية من جمعة إلى جمعة دعــا إلى انتخابات بلدية  وتشريعية مبكرة، مستعينا في هذا بأحزاب كرتونية  ووجوه من فلول  بوتفليقة ( وحتى قبله)، لتلميع صورته وصورة النظام العسكري،  وكسب بعض الشرعية التي بعثرها وسفهها  “حراك الجُـمُعات “رغم سياسات الترغيب ( تسليم السلطة للشباب)،  والترهيب : نزع الجنسية الجزائرية عن المعارضين واتهامهم بالخيانة العظمى …

لقد اتضح جيدا أن الرئيس الجزائري تبون (…) ما هو إلا بديل فاشل لنكبات الشعب الجزائري بآليات كبرانات فرنسا، وبسياسي ماكر، ووزير انتهازي فاسد،  ورجل أعمال  لص وسارق، وهو ما وشت به عهدة بوتفليقة الذي بَذَّر فيها  1500   مليار دولار في ظرف  20 سنة ،  ورث وزرها عبد المجيد تبون ، حتى استفاق الجزائريون على حالة عــفنة  من الفساد والظلم “والحكرة ” لا تبشر بالخير، وعلى صراع داخل مؤسسة  ” كبرانات فرنسا” الجلادين، ووزراء انتهازيين ، وآخرين من درجة رئيس حزب أو والي من طينة عبد القادر زوخ …، كلها مسميات لرؤوس  الانتهازية والفساد والنهب.

الـجـزائــر ..كالــعـاهــرة الــتـي لا تــخـجـل إلا مــن وحــدتها

يقول مثل فرنسي :” العاهـرة لا تخجل إلا من وحدتها “، وهذا المثل ينطبق تماما على النظام العسكري الجزائري، فكل البلاد العربية لها تاريخ تليد  وتراث وتقاليد خاصة بها، جلها في اتصال مع بعضها البعض، حافظت علي شخصيتها وهويتها رغم تأثرها  بالاستعمار الغربي في الثقافة واللغة ونظم الحكم، إلا الجزائر “( …فالرئيس المقبور بوخروبة حرم الجزائريين من الهوية الوحيدة التي حافظوا عليها بعد 130 عاما من الاستعمار، وهي الإسلام، حيث أنه لم يكن هناك تعليم ديني، … وتم حظر كل جمعيات العلماء، وبذلك فهم الشعب الجزائري أنه بصدد فقدان ما تبقى له من هويته التي صمدت 130 عاما في وجه فرنسا / الأسبوع الصحفي ).

بوخروبة ( هواري بومدين ) وبعد انقلابه على بن بلة، اختار النهج الاشتراكي والاقتصاد الموجه متأثرا بالنظم الشيوعية لبناء دولة الحديد والصلب بدون رؤى أو تخطيط مستقبلي، وأهمل الحقل الديني واللغة العربية، وحارب الزوايا ونكل بشيوخها، لأنها تذكره بإمارة المؤمنين في المملكة المغربية، وهكذا أصبحت الجزائر تعيش أزمة هوية، وعزلة ثقافية مع العالم العربي، و بما أن الشيء بالشيء يذكر، كان لا بد من أن نستحضر الغضبة الجزائرية على الفنان المصري الراحل فريد الأطرش عندما تغنى بالبلاد العربية في  أغنيته الشهيرة  ” بساطُ الريحْ ” الذي رفض  فيها الهبوط في محطة الجزائر.

 فالنظام الجزائري في داخله يعيش صراعا حادا : كيف يمكن له أن يوقف بين علاقاته مع الجيران والبلدان العربية الأخرى وبين نهجه السياسي والاقتصادي الفاشل، العسكر  الجزائري بنرجسيته وتعاليه الخاوي على جيرانه  فقد كل أصول اللباقة والتفاهم والتواصل والحوار مع الآخر، وهكذا أدخل شعبه في عزلة قاتلة، الجزائر دولة نفطية وغازية لكنها لا تقارن بدول الخليج النفطية الغازية ( نسبة إلى الغاز)، وهكذا دخل في صدام دائم مع الجيران خاصة مع المغرب بسبب الحقد الدفين لأن الجزائر كانت جزءا من الإمبراطوريات المغربية، وبسبب الغيرة المشتعلة في نفوس  “كبرانات فرنسا ” الفاقدين للهوية وللشرعية التاريخية، فالمغرب هو الأصل ( أكثر من 12 قرنا من التاريخ والوجود ) والجزائر تقليد وخليط نطف تركية وفرنسية …

وللتنفيس على كبتهم  وعلى النقص النفسي لجأوا إلى تضخيم”الأنــا” في الشخصية الجزائرية التي هزمت فرنسا (…) ، وأن الجزائر هي قبلة الثوار، وبدل من أن يهتم النظام البوخـروبي  بتكوين وتنمية الإنسان الجزائري، لجأ إلى غسل دماغه بالإشاعات والأكاذيب وتدجينه حتى لا ينتبه إلى ما يدور حوله، عليه  – فقط – أن يفهم شيئا واحدا : وهو أنه مستهدف من الخارج لأن الجزائر قوة إقليمية تخشاها الأمم والجيوش ، وأن عدوه الكلاسيكي – كما قال بَـوّالْ الأركان – شنقريحة هوالمغرب.

ماعدا قلة قليلة من عقلاء الجزائر من نخب سياسية وثقافية وإعلامية، فالأغلبية من الجزائريين أصابتهم لوثة عقدة اسمها المغرب، حتى أصبح اسم ” المرّوك  أوالمرّوكي ” في الجزائر وفي إعلامها  مرادفا للشر والدس والمؤامرة، فالجزائري المغفل والمطحون في قوته وحقوقه يصدق غزو الكيف المغربي لبلاده ، لكنه لا يجرؤ أن يتكلم  عن كوكايين خالد تبون ( ابن رئيسهم الذي عينته الكاسكيطة ) ولا عن ” قرقوبي ”  الجنون والهلوسة المصنوعة في معامل بوتفليقة في وهران لتصديرها إلى المغرب.

فـي الــجــزائـر .. لــكـل جــنــرال وزيــــر

لقد ازدادت خسة ودناءة العسكر الجزائري  حدة اتجاه المغرب بعد تعيين تبون رئيسا للجزائر،  والذي  لا هم ولا شغل له سوى استفزاز المغرب بلغة خشبية غير مسؤولة فاقت كل التوقعات، صحيح أنه معين من طرف العسكر مثله مثل  كل الوزراء والبرلمانيين  والولاة … فكل وزير له مهمة منوط بها في خدمة جنرال من الجنرالات، يؤديها في الوقت والمكان المناسب، فوزيرة الأسرة في الجزائر تتهم المغرب بسرقة أكلة الكسكس من الجزائر، ووزير الثقافة يطالب باسترداد طارق بن زياد وابن بطوطة  – على سبيل المثال- من المغرب لأن أصلهما الحقيقي جزائري … إنها منتهى الضحالة السياسية والفكرية والثقافية .  الرئيس تبون (…) يردد ما يمليه عليه “شنقريحة” من خطابات وتصريحات  فيما يخص ملف الصحراء المغربية، بخرجات وشطحات بالية لم تعد تقنع أحدا لا في أفريقيا ولا في الأمم المتحدة ، كلها ممزوجة بالاستفزاز الصبياني والاتهامات الباطلة، ” تبون ” حطم الرقم القياسي في هدم ما تبقى من جسور وقنوات الحوار والتواصل للحفاظ على حد أدنى من التفاهم مع المغرب … والأخطر أن الوقاحة والدناءة وصلت  “بنظام الكاسكيطة ” إلى حد التعرض والتطاول على شخص العاهل المغربي على الهواء مباشرة في قنوات العسكر الجزائري، في محاولة  لخق شرخ بين المؤسسة الملكية والشعب المغربي، وصنع خلاف حدودي جانبي مع المغرب ( قضية العرجة )، لتحويل  الشعب الجزائري عن الحراك، ولو أدى بهم الأمر إلى إشعال حرب حدودية مع المغرب كما وقع في حرب الرمال سنة 1963.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى