ندوة علمية بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة

ميلود بوعمامة

في بادرة اعتبرت هي الأولى من نوعها بجهة الشرق، و احتفاء باليوم العالمي لحرية الصحافة والاعلام الذي يصادف 03 ماي من كل سنة ، نظمت مؤسسة مسار بتعاون مع مركز الإمتياز للتدريب الترابي بجهة الشرق في إطار مبادرة “انخراط” يوم الجمعة 03  ماي الحالي بمركز الدراسات و البحوث الإنسانية والإجتماعية في وجدة ، ندوة علمية حول موضوع:” في ظل التطورات الجديدة..أية تحديات تواجه إعلام القرب و الصحافة الجهوية “، بمشاركة ثلة من الإعلاميين والصحافيين، والأساتذة الباحثين و الطلبة الدارسين بمعهد الصحافة والاعلام .

هذا، وتخللت الندوة  العلمية مجموعة من المداخلات المهمة و الرصينة، و التي جاءت انسجاما و الوضعية التي يعرفها مناخ الحريات ببلادنا ،و وبالتالي وضعت الأصبع على مكامن العلل  التي بات تنخر المجال الإعلامي بجهة الشرق من جهة  ، و  يعرفها القطاع الإعلامي والصحفي بالمغرب من جهة ثانية ،و ذلك عبر مقاربات قانونية، و تجارب ميدانية، وتطلعات تنظيمية جادت بها قريحة ثلة من  الخبراء و المهتمين و الحقوقيين.

وجاءت مداخلة الدكتور مصطفى اللوزي في بداية الندوة مركزة،  في موضوع:” الصحافة المغربية بين التطلع للحرية و تقييد القانون “، مشيرا في ذلك،إلى  مسألة الدينامية المتسارعة التي يعرفها القطاع الإعلامي والصحفي عموماببلادنا ، إن على مستوى القوانين و الإجراءات الحازمة التي اعدمت العديد من المنابر الإعلامية الإلكترونية بدعوى الملائمة حسب رأيه ، و وبالتالي القضاء على عدد من الصحافيين والإعلاميين الممارسين للمهنة ،و كانوا يشتغلون بهذه المواقع و يتقاضون أجروا نظير  ذلك ، وتحدث اللوزي باءسهاب عن الإجراءات القانونية المجحفة في مسار تأسيس منابر إعلامية إلكترونية جديدة أو تحيين قانونيتها،و اعتبر هذا الأمر، كأداة جامحة لحرية التعبير والصحافة ببلادنا ،و تخوف اللوزي   من عودة السلطة لممارسة أشكال مختلفة للهيمنة والضغط المؤدي للتعسف و المتابعات والمحاكمات بالقانون الجنائي بدل القوانين المنظمة لمهنة الصحافة و النشر، وعدم تمكين الفضاء الصحافي والإعلامي من شروط توفير حق المواطن في الخبر والاخبار و باقي حقوقه المرتبطة بالقطاع.

وفي مداخلة رشيد زمهوط،الصحفي بهياة تحرير جريدة “العلم “،و مدير مكتب الجريدة بوجدة وعضو المجلس الوطني الفدرالي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، ضمنها بكلمة مقتضبة بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، وأشار بالمناسبة أنه لا يمكن أن نحتفي بهذه الذكرى وزملاء لنا  قابعين بالسجون، بسبب نشرهم لأخبار صحيحة وآخرين لأسباب مختلفة ، و حكموا بقانون خارج القانون المعروف، و هذا ما أعتبره زمهوط ضرب صريح و في الصميم  لحرية الصحافة والتعبير و النشر ببلادنا، بعدما قطعنا اشواطا مهمة في الدفاع عن حرية الصحافة، و حتى لانبقى بأي سبب من الأسباب صحافيون مواطنين مدانين مع وقف التنفيذ يضيف زمهوط.

بينما جاءت مداخلة الدكتور زهرالدين طيبي الأستاذ الجامعي والخبير الإعلامي  في موضوع:” من معركة الورقي إلى الحضور الإلكتروني – تجربة جريدة الحدث الشرقي الرائدة،-نموذجا “، تناول فيها مسألة القانون الجديد الذي يتم بموجبه إحداث المواقع الإلكترونية والجرائد الجهوية، الذي هو واحد حسب تعبيره، والإجراءات القانونية والإدارية والتنظيمية لمسألة الملائمة ،وذكر بالحرف هذه الإجراءات ، و شدد طيبي على ضرورة دخول اي صحافي  مجال الصحافة و الاعلام يجب أن يكون لديه مستويات ثقافية وعلمية عالية،  حتى يواكب الصحفي مجريات الأحداث، وطبيعة و سيرورة المجتمع ،من ثقافة واسعة ودراية واطلاع مهمين ، قبل أن يعرج طيبي على الدعم الهزيل الذي تتلقاه الصحافة الورقية الجهوية التي لا تغطي مع الأسف الشديد حتى مصاريف الطبع  حسب رأيه ،معتبرا ذلك مجحفا في ظل غياب مطابع محلية و جهوية، بالإضافة لغياب  الدعم العمومي للصحافة الجهوية ، وهي المسألة التي لا يمكن من خلالها نجاح أي تجربة في إطار الجهوية الموسعة التي نادى بها صاحب الجلالة،  مؤكدا على أن الصحافة الجهوية شريك أساسي في التنمية في شموليتها و أهدافها الآنية والمستقبلية، و “تيرمومتر ” تقاس به مستويات التطور السياسي و الديمقراطي بالبلاد ، و أشار زهرالدين إلى مسألة مهمة ،وهي مسألة توزيع الإشهار بشكل عادل و شفاف و في إطار من الوضوح و الديمقراطية، دون التطبيل والتهليل لأي جهة من الجهات، على حساب جهة دون أخرى ، في إطار من المسؤولية و المقاربة التشاركية  التي تربط صاحب المقاولة الصحفية و المسؤولين الترابيين و غيرهم ، قبل أن يختتم مداخلته بذكر عدد من الاكراهات التي تواجه مديري النشر بمختلف المنابر الإعلامية المكتوبة -الوطنية و الجهوية،موازاة مع القانون الجديد للصحافة والنشر ، والمرتبطة أساسا  بالمسؤولية و المهنية، و إحترام أخلاقيات مهنة الصحافة، التي تجر في أحايين عديدة للمضايقات والملاحقات والعقوبات القانونية، و هي طبعا تندرج في السياق العام الذي يعرفه القطاع عموما من  إنتهاكات جسيمة تتعرض لها حرية الصحافة والتعبير ببلادنا.

في الإطار نفسه،اكد الأستاذ عبد  العالي الجابري الخبير في الإعلام الإلكتروني، والاستاذ بالمعهد الدولي للصحافة والاعلام – اوبرا وينفري والمدير العام للجريدة الالكترونية جيل24، في مداخلته القيمة في موضوع:” الإعلام الإلكتروني من الفوضى إلى التنظيم-نظرة خبير ” إلى مسألة حضور الإعلام الإلكتروني في وقتنا الراهن،الذي جاء  ليس كبديل للورقي، ولكن كجهاز مؤثر لصحافة القرب والخبر الآني و  السريع،  الذي تتناقله وسائل الإعلام والصحافة بشكل عام ، عكس الورقي المرتبط بالقيمة  الزمنية والمهنية للمشتغلين به،و أشار الجابري،  إلى قضية مهمة للغاية في الإعلام الإلكتروني الحاضر الآن بقوة على مستوى العالم، حتي أضحت معه الكرة الأرضية قرية صغيرة جدا ،لكن ما يعاب على هذا الإعلام أنه أصبح سلعة سهلة بين أيدي الممارسين  حتى أضحى الخبر تتادوله العديد من المواقع الإلكترونية الأخرى و في وقت وجيز، بطريقة بليدة حسب رأيه، عن طريق ما يعرف ب “الكوبي كولي “، وحتى الصحافي في هذه المسألة أصبح كسولا و الآلة تفعل كل شيء (من تسجيل وتصوير و تفريغ..)، وهو الأمر الذي غيب لمسة الإعلامي والصحفي المهني الميداني، زد على ذلك مواقع التواصل الإجتماعي التي غزت كل الآفاق دون حسيب ولا رقيب، لكن مع ظهور قانون التصوير والتسجيل الفديو الجديد ،المنظم للفضاء الأزرق الصادر مؤخرا، سيلجم و يحد من تطاول العديد من المواطنين، الذين اعتبروا انفسهم صحافيون مواطنين، بحكم جسامة الاحكام وقوة القانون المؤديان للسجن.

بعد ذلك، وزعت شهادات و دروع التكريم على عدد من الزملاء الصحافيين والإعلاميين الممارسين نظير ما اسدوه من خدمات جليلة للمجال الإعلامي والصحفي بجهتنا  التي تعد من الجهات الأكثر دينامية في القطاع.

وفي اختتام الندوة الفكرية و العلمية،قدمت الفرق الصحفية الشابة  الثلاث ، انتاجات أعمالها الصحفية المختلفة والتي ينظمها مركز الإمتياز الترابي بجهة الشرق في إطار مبادرة” انخراط”، أمام لجنة تحكيم رفيعة المستوى، ابانت عن علو كعب صحافيين شباب في هذه المسابقة الإعلامية والصحفية،و التي لامست عن قرب أجناسا  صحفية مهمة،  وبالمناسبة تم تكريم وتوشيح عدد من الزملاء الصحافيين والإعلاميين الممارسين للمهنة بوجدة، في إطار  خصال الإعتراف والتقدير لهؤلاء، و لما اسدوه من خدمات جليلة للمجال الإعلامي والصحفي بجهة الشرق، إن على مستوى الممارسة اليومية للقطاع أو على مستوى التأطير والتكوين المستمر للصحافيبن و الطلبة المهتمين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى