مجلس جماعة وجدة : تصدع داخل الأغلبية وبداية بلوكاج جديد

عزالدين عبد الكريم عماري.

فشل رئيس جماعة وجدة في رص أغلبيته لعقد الدورة الاستثنائية التي كان مقررا إجراؤها صباح الأربعاء المنصرم 20 يوليوز.

انقسام فريق الرئيس بجماعة وجدة يؤكد بالملموس أن حزب التجمع الوطني للأحرار يعيش وضعا تنظيميا غير مستقر وأن بدايته المتعثرة كانت بعد حملة الإستقطابات التي عرفها الحزب عشية انتخابات شتنبر الماضي والتي لم تتأسس على فكرة الانتماء بقدر ما كانت حركة ارتماء.

انضباط فريق الأصالة والمعاصرة وحضوره أشغال الدورة يحمل أكثر من تفسير فيما غياب فريق حزب الاستقلال المستفيد الأكبر من كعكعة المجلس يطرح كثيرا من الاستفهام.

تحالف مؤقت وهجين.

ظهر جليا أن التحالف الثلاثي الذي يسير جماعة وجدة لن يصمد طويلا وأنه مع مرور الوقت ستطفو على سطحه أسباب الجمود لاسيما وأنه تحالف مفروض على مستوى القيادات الحزبية.

الجميع يتذكر إستقواء حزب التجمع الوطني للأحرار على حلفائه بجهة الشرق خلال تشكيل الغرف المهنية التي استحوذت عليها الحمامة ومنعت الجرار والميزان من الجلوس على كرسي إحدى الغرف المهنية الثلاثة.

تأخر أعضاء من حزب التجمع الوطني للأحرار عن حضور الدورة الاستثنائية وإن كانت مبرراته قد كشفها التقرير الذي رفعه فريق الحزب بجماعة وجدة إلى المنسق الجهوي للحزب والذي اطلعت عليه جيل 24 إلا أن شراراته الأولى قد أشعلها مناضلو الحزب منذ بداية الولاية الحالية بسبب ما اعتبروه تهميشا للهياكل الحزبية ولمناضلي الحزب.

وقد راجت في أجواء العيد رسالة واتسابية تجمعية تقول: “فرحة العيد لن تثنينا عن البرنامج النضالي الذي نحن بصدد التهيء له ندعو كل مناضلي التجمع بوجدة أن يكونوا على أهبة الاستعداد من أجل انقاذ مايمكن انقاذه بعد الخذلان وعدم الالتزام بميثاق الشرف الذي ناضلنا من أجله سواء من طرف القادة المحليين للحزب او المسؤولين عن الشأن المحلي”.

مما يدل على أن رئيس الجماعة يواجه معارضة من مستشاري الحزب بالمجلس ومن القاعدة الحزبية التي تصر على التصعيد.

ومن المؤكد أن الحزب التجمعي جلب مرشحين في لائحته الانتخابية من خارج البيت التجمعي لضمان فرص أكثر للفوز، وما لبث أن تخلى عن بعض الأعضاء الفائزين بنفس المنطق ليجلب “حلفاء” من خارج البيت التجمعي، والتحالف الثلاثي، وبشكل مفاجئء، وبضربة مقصية أقصى “الحليف الجديد” من التفويض.

“علاش مشيتي يا حجلة، وعلاش رجعتي بالعجلة؟”.

وبنفس المنطف تحالف اليوم المقصي الأول مع المقصي الثاني ليضربوا “سروال علي” في مقاسه ويعطونا مكونا هجيبا لم نجد له ذكرا في كل الكتب والمراجع والطلاسيم وتجارب الأمم.

عدم حضور فريق حزب الإستقلال الدورة الاستثنائية المستفيد الأكبر من تركيبة مكتب المجلس بالنظر إلى عدد المقاعد المحصل عليها ( نيابتان وتفويضان وكتابة المجلس بالإضافة إلى تمثيلية داخل إدارات جماعية ) هو الحدث الأبرز الذي يؤكد أن ثمة وجبة على نار هادئة تطبخ للحكومة الحالية إذا نحن استحضرنا ما حدث بجماعة زواغة مولاي يعقوب بفاس ومجلس مدينة الدارالبيضاء.

وحده حضور فريق حزب الأصالة والمعاصرة الذي برع، خلال الولاية السابقة التي كان يرأسها الاستقلالي عمر حجيرة، في البلوكاج يطرح أكثر من سؤال لكنه لن يخرج عن التفسير التالي:

استمرار الأصالة والمعاصرة خلال هذه الولاية في الدفع بعدم عقد دورات المجلس إلى حين انعقادها بمن حضر كما كان الشأن مع عمر حجيرة تهمة مؤكدة بسبق إصرار وأن البلوكاج صناعة “بامية” هدفها عرقلة السير العادي للجماعة الترابية وما يترتب عنها من عدم المصادقة على الميزانية الشيء الذي سيتجاوزه البام خلال هذه الولاية ولن تقبل قيادته بالإستمرار.

وارتباطا بنفس الموضوع فالأمر يتعلق بحزب رئيس الحكومة وهو ما تخشاه القيادة الجهوية للبام من دخولها في صراع مع عبد العزيز أخنوش الذي يقود القطب المالي والاقتصادي في مواجهة القطب الاداري والسياسي وبالتالي فإن البام بجهة الشرق وجماعة وجدة في غنى عن هذه الصراعات لاسيما وأنه لم يعد الحزب القوي ولا يتوفر حاليا على قيادة وطنية لها امتداد أفقي وعمودي.

بداية متعثرة بتسمية التفويضات.

قسمت مسألة التفويضات ظهر مكتب مجلس جماعة وجدة بعدما تأخر الرئيس في تمكين نوابه من التفويضات تنزيلا لمبدأ تقاسم المهام.

ظل الرئيس يحوز جميع التوقيعات ولم يتمكن من حسم الموضوع الذي عرف اجتماعات ماراطونية مع منسقي أحزاب التحالف الثلاثي إلى أن استقر بعد شهور على توزيعها دون تمكين نائبين منها ( الأصالة والمعاصرة والحركة الاجتماعية الديمقراطية ) وتعالت أصوات منتقذة للرئيس الذي قبل بلائحة النواب دون شروط إلا أنه رفض بعد ذلك تمكينهما من التفويض.

ومازاد من استصعاب المهمة أكثر هو احتجاج نواب حزب الرئيس (التجمع الوطني للأحرار) على نوعية الأقسام المفوض لهم فيها والتي وصفت ب “التفويضات المعاقة” بأقسام ومصالح غير ذات أهمية لاسيما وأن قدماء حزب الحمامة من خارج جماعة وجدة ظلوا ينتقدون الرئيس ويتهمونه بتهميش هياكل الحزب ومنتسبيه.

معارضة برأسين وانسجام في الطريق الصحيح.

كشفت دورات مجلس الجماعة في الولاية الحالية عن شبه انسجام بين فرق المعارضة وذلك من خلال رفضها تمثيل فريق من رئاسة لجنتها علما أن هذا الفريق (حزب الحركة الشعبية) صوت مع الأغلبية خلال انتخاب الرئيس وبدا واضحا أن المعارضة وإن كانت تسير برأسيين (الاتحاد الاشتراكي، العدالة والتنمية، فدرالية اليسار والحزب الاشتراكي الموحد) وفي جانب آخر بقية الأحزاب الأخرى إلا أنها لم تشكل خطرا على الأغلبية، لكن مع مرور الوقت استمال الرئيس بعضا منها وذلك بتمكينها من تمثيلية من داخل بعض لجان التتبع مثلا؛ كما ضمن تصويتها على بعض النقاط (هذا موضوع آخر).

خلال الدورة الاستثنائية الحالية رصت المعارضة صفوفها وامتنعت عن حضور الجلسة الافتتاحية للدورة الاستثنائية وهو ما قد يقوي عضضها بعدما استفاد جزء منها من عضوية لجان التتبع على سبيل المثال.
وباستحضارنا للهشاشة التي بدأت تدب في جسم الاغلبية فإن فريق المعارضة سيتجه أكثر إلى إضعاف الرئاسة وهو السيناريو الذي سيجعلنا نعيش بلوكاجا من نوع آخر قد يصل إلى حد الامتناع عن التصويت عن الميزانية.

أغلبية رهينة بمستقبل الحكومة.

مقاطعة فريق حزب الاستقلال للدورة الاستثنائية وإن اعتبرها البعض قرارا من خارج هياكل الحزب وهي مبادرة فردية إلا أن نسبة صحة هذا الرأي ضئيلة بالنظر إلى أن حزب الاستقلال هو المستفيد الأكبر وبالتالي فإن تأخر الفريق قد يكون بتوصية من القيادة الحزبية التي وجدت نفسها داخل تجربة حكومية ستنعكس على شعبيتها بشكل كبير وخاصة وأن الأمين العام للحزب نزار بركة يواجه معارضة شرسة يقودها أقطاب الأقاليم الجنوبية المغربية.
في جميع الأحوال فإن جماعة وجدة دخلت منعطفا جديدا بعد انقسام فريق حزب الرئيس التجمع الوطني للأحرار واصطفاف فريق الاستقلال إلى جانبه مع إعادة رص صفوف المعارضة ويبقى حضور البام غير كافي لانعقاد الدورات في آجالها القانونية وضمان تصويت مريح على ميزانية الجماعة.

عود على بدء.

إذا، من الذي يقود هذه الحركة الجديدة ؟ وهل الأمر يتعلق ببلوكاج قد يأتي على الأخضر واليابس؟. ولمصلحة من هذا البلوكاج؟ وماذا ستستفيد منه المدينة؟ وهل هو ذوق فردي يريد التغلب على المنطق العمومي وتصفية حسابات شخصية على حساب المصلحة العامة للمدينة والمواطنين ؟ وما دور الاحزاب المكونة للمجلس؟.
هل تحتاج الأغلبية إلى إعادة ترتيم ضمانا لحسن سير أشغال المجلس ولجانه؟ ومن هي الشخصية القادرة على لعب هذا الدور ؟
تمرين آخر وامتحان جديد نعيشه في انتظار نتائجه في مستقبل الأيام.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى