أسرة خالية من العنف دعامة أساسية لمجتمع آمن” – خلاصة اللقاء النصف السنوي للجنة الجهوية للتكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف

وجدة، 17 سبتمبر 2025

في بادرة تعكس التزام السلطات القضائية والقطاعات الشريكة بمعالجة ظاهرة العنف ضد النساء والأطفال، عقدت اللجنة الجهوية للتكفل القضائي بالنساء والأطفال ضحايا العنف لقاءها النصف السنوي تحت شعار “أسرة خالية من العنف دعامة أساسية لمجتمع آمن”. استضافت المحكمة العتيدة بوجدة هذا الاجتماع الذي جمع ممثلين عن السلطة القضائية، المصالح الخارجية، المجتمع المدني، ووسائل الإعلام، بهدف استعراض حصيلة الأنشطة المنجزة خلال النصف الأول من عام 2025، وتدارس التحديات، وتعزيز سبل التعاون المشترك .

أسرة خالية من العنف دعامة أساسية لمجتمع آمن” – خلاصة اللقاء النصف السنوي للجنة الجهوية للتكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف插图

افتتاح بتأكيد على الشراكة والوقاية

افتتح السيد الوكيل العام للملك اللقاء، مؤكداً على سعي الخلية الجهوية لتفعيل المخطط الاستراتيجي المتفق عليه في بداية العام، والذي يغطي محاور صحية، نفسية، اجتماعية، اقتصادية، قانونية وتوعوية. وشدد على أن العنف ضد النساء والأطفال يشكل تحدياً يستوجب تضافر جهود جميع الفاعلين.

تلاه السيد الرئيس الأول للمحكمة، الذي عبر عن شكره للسيد الوكيل العام على تنظيم هذا “اللقاء الثقافي المتميز”. وأوضح أن المشرع المغربي منح النيابة العامة صلاحيات جوهرية لحماية الأسرة والمجتمع، وأن قانون محاربة العنف ضد النساء يشكل إطاراً قانونياً خاصاً يجرم أفعالاً كالتحرش الجنسي ويفرض تدابير حماية كإبعاد الزوج المعتدي. كما أشار إلى أن العدالة الصديقة للأطفال ترتكز على مقاربة تربوية تأديبية وليست زجرية. ودعا إلى مقاربة تشاركية، وتغيير العقليات، وتشجيع ثقافة الصلح، مؤكداً أن المنظومة القانونية وحدها لا تكفي.

أسرة خالية من العنف دعامة أساسية لمجتمع آمن” – خلاصة اللقاء النصف السنوي للجنة الجهوية للتكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف插图1

استعراض شامل للجهود والمحاور الاستراتيجية

شهد اللقاء تقديم أربع مداخلات رئيسية سلطت الضوء على مختلف جوانب الموضوع:

1. “حصيلة النصف سنوية للخلية الجهوية القضائية للتكفل بالنساء والأطفال” قدمت الأستاذة فتيحة النجاري، نائبة الوكيل العام للملك المكلفة بالخلية القضائية، عرضاً مفصلاً لحصيلة عمل الخلية خلال النصف الأول من عام 2025 . تمحور العرض حول خمسة محاور استراتيجية:

    ◦ المحور القانوني: شمل التعريف بمفهوم التكفل القضائي، المشاركة في أيام دراسية (كمدونة الأسرة وظاهرة تشغيل الأطفال)، التنسيق مع الشبكة البلجيكية للعدالة والديمقراطية، تسريع البت في الشكايات والمحاضر (31 شكاية عنف ضد النساء، 55 ضد الأطفال؛ 29 محضراً عنف ضد النساء، 73 ضد الأطفال، بنسب إنجاز عالية)، والتنسيق مع الضابطة القضائية وخلية التكفل الصحي بمستشفى الفارابي .

    ◦ المحور النفسي والاجتماعي: تضمن لقاءات مع مديري مستشفى الصحة النفسية ومركز طب الإدمان لتعزيز العمل المشترك. تم الاتفاق مع الأخصائي النفسي السريري وائل بنا لتقديم حصص دعم نفسي، وشاركت الخلية في دورات تكوينية للمساعدين الاجتماعيين [59، 60]. كما تم تتبع حالات نفسية صعبة لضحايا العنف .

    ◦ المحور التربوي: شمل اجتماعات مع ممثلي الجمعية الخيرية الإسلامية لتدارس إشكاليات التكفل الاجتماعي بالأطفال، والتنسيق مع الأكاديمية الجهوية للتعليم لمكافحة الهدر المدرسي وتسهيل تمدرس الأطفال، وتتبع تسوية الوضعيات القانونية للأطفال المهملين .

    ◦ المحور الاقتصادي: ركز على إعادة الإدماج وتمكين بعض الفئات من النساء والأطفال، من خلال لقاءات مع المنسق الجهوي لمؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء لتوفير مصادر دخل للسجينات السابقات (تم تسليم شقة لإحداهن). وتم التنسيق مع جمعية الشبيبة لذوي الاحتياجات الخاصة وأصدقائها لتشغيل النساء ضحايا العنف وتوفير تكوين مهني للفتيات والفتيان مع تحفيز مالي .

    ◦ المحور الصحي: تضمن لقاءات لتعزيز الصحة العامة للأسر الهشة، وتوفير فحوصات دورية ومجانية للمصابين بأمراض مزمنة ولأطفال النساء ضحايا العنف . بلغ إجمالي الأنشطة المنجزة من قبل الخلية الجهوية حوالي 50 نشاطاً .

2. “دور منظومة التربية والتكوين في خدمة الطفل” قدم السيد جمال كمكامي (جمال جمالي)، رئيس مصلحة الشؤون القانونية والتواصل والشراكة بالمديرية الإقليمية بوجدة أنجاد، عرضاً ربط فيه منظومة التربية والتكوين بموضوع اللقاء . أشار إلى عمل المنظومة مع 7 ملايين متمدرس وطنياً، وتطبيق مقتضيات الدستور والقوانين، بالإضافة إلى تنزيل القانون الإطار 51.17 واتفاقية مع رئاسة النيابة العامة لمكافحة الهدر المدرسي. كشف السيد جمالي عن رقم “مهول” وهو مغادرة 300 ألف تلميذ للفصول الدراسية سنوياً وطنياً، فيما تبلغ نسبة الهدر المدرسي بوجدة أنجاد 3.45%، وهي الأدنى جهوياً. وتناول تعميم التعليم الأولي (953 قسماً، يستهدف 90% هذا الموسم) وبرامج الدعم الاجتماعي (12 داخلية، أكثر من 65 حافلة للنقل المدرسي) وتمدرس الأطفال في وضعية خاصة، مؤكداً على توقف فصل التلاميذ الأقل من 16 عاماً .

3. “دور إعادة الإدماج في بناء أسرة آمنة” عرضت السيدة حنان المحب، مرافقة اجتماعية بمؤسسة المصاحبة وإعادة الإدماج بوجدة، أهمية إعادة إدماج المفرج عنهن كركيزة لبناء أسرة آمنة [14، 54]. تطرقت للتحديات التي تواجه المرأة بعد الإفراج (الوصم الاجتماعي، الأعباء النفسية، التحديات الاقتصادية). وسلطت الضوء على دور مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء عبر محورين:

    ◦ المحور الاجتماعي: يتضمن الدعم النفسي والاجتماعي، الرعاية الصحية (5 قوافل طبية في سجون الجهة الشرقية استفاد منها 1822 سجيناً منهم 125 سجينة في 2024)، والدعم الإداري والقضائي (توجيه 481 مستفيداً منهم 30 امرأة في 2024) . كما تحدثت عن برنامج “مفتاح الكرامة” لتوفير سكن آمن للنساء الهشات، وتسليم شقة لإحدى المستفيدات هذه السنة .

    ◦ المحور الاقتصادي: يشمل التكوين والتمكين الاقتصادي في مجالات مثل الحرف التقليدية والخياطة والطبخ، وتوفير فرص الشغل ودعم المشاريع المدرة للدخل . أشارت إلى شراكات مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (614 مستفيداً منذ 2011)، وعمالة إقليم جرادة، وجماعة وجدة لبرامج اجتماعية وثقافية وصحية .

4. “أسرة آمنة مجتمع خال من المخدرات” تناول السيد أمين الملكي، مساعد اجتماعي بوزارة الصحة ومركز طب الإدمان، دور الأسرة الآمنة كخط دفاع أول ضد الإدمان . قدم تعريفاً للإدمان وأنواعه (سلوكي، جسدي، نفسي) وأنواع المواد المخدرة (طبيعية، تخليقية، نصف تخليقية) . وشرح تعاطي المخدرات كتفاعل ثلاثي بين الفرد والمادة والمحيط. استعرض مؤشرات اكتشاف المدمن (تقلب المزاج، طلب المال، الهدر المدرسي) والأخطار الصحية والاجتماعية والاقتصادية للإدمان . وشدد على دور الأسرة في الوقاية (القدوة الحسنة، الحوار، التنشئة السليمة) والمدرسة . كما بيّن دور مركز طب الإدمان بقطبيه الطبي (التشخيص والعلاج) والاجتماعي (الاستقبال، التوجيه، المصاحبة، الوساطة الأسرية، الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني) . وذكر أن متوسط عمر المدمنين 35 سنة، وأن الكنابيس والهيبنوتيك والكحول والكوكايين هي المواد الأكثر استهلاكاً.

أسرة خالية من العنف دعامة أساسية لمجتمع آمن” – خلاصة اللقاء النصف السنوي للجنة الجهوية للتكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف插图2

تعقيبات وتوصيات

شهد اللقاء تفاعلاً بين المتدخلين والحضور، حيث رد السيد جمالي على تساؤلات حول استقبال التلاميذ، مؤكداً أن التسجيل يمر عبر المديرية الجهوية. كما أشادت السيدة حنان المحب بتعاون مؤسسة محمد السادس مع المجتمع المدني، وطلبت تحديث خريطة المتدخلين. وأوضح السيد أمين الملكي العلاقة بين الكحول والتأثيرات النفسية، مثمناً الالتقائية بين الجهود.

في الختام، قدم السيد الرئيس الأول المحترم خلاصة أكد فيها أن “إصلاح المجتمع يمر عبر إصلاح الأسرة الذي يبتدئ من الزواج” المبني على المودة والرحمة، واختيار الزوجين على أساس الدين والأخلاق والتربية . ودعا إلى أهمية الصلح كوسيلة بديلة لحل النزاعات، مشيراً إلى أن المدونة الجنائية القادمة ستمنح صلاحيات كبرى للنيابة العامة في هذا الإطار .

اختتم السيد الوكيل العام للملك اللقاء بتثمين “الدور المحوري للمجتمع المدني” في الجهة، ووصفه بالمسؤول والواعي. وأشار إلى تصاعد ظاهرة الجريمة في الجهة الشرقية (خاصة الجرائم الماسّة بالأموال والأخلاق) لأسباب اقتصادية واجتماعية. مؤكداً أن “المقاربة الزجرية وحدها لا تحل المشكل”، وأن السياسة الجنائية تتجه نحو العقوبات البديلة للاعتقال. ودعا إلى التنسيق والتواصل والعمل المشترك بين جميع القطاعات لضمان حماية مثلى للفئات الهشة، وذلك تنفيذاً لتوجيهات صاحب الجلالة ورئاسة النيابة العامة .

أسرة خالية من العنف دعامة أساسية لمجتمع آمن” – خلاصة اللقاء النصف السنوي للجنة الجهوية للتكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف插图3

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!