تصريحات المستشار الأمريكي مسعد بولس حول الصحراء المغربية.. خطوة نحو تعزيز الشراكة المغربية-الأمريكية

في تصريح حصري أدلى به مسعد بولس، المستشار الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشؤون الإفريقية، لقناة “ميدي 1 تيفي” وإذاعة “ميدي 1” يوم 19 أبريل 2025، أكد أن الإدارة الأمريكية تعمل على تنفيذ رؤية مشتركة بين الرئيس ترامب والملك محمد السادس لحل قضية الصحراء المغربية، مع تعزيز العلاقات الثنائية بين المغرب والولايات المتحدة. هذا التصريح، الذي جاء في سياق التحضير لزيارة مرتقبة إلى المغرب، أثار اهتمامًا واسعًا نظرًا لتجديده التأكيد على الموقف الأمريكي الداعم للسيادة المغربية على الصحراء. فما هي دلالات هذا التصريح؟ وكيف يمكن أن يؤثر على مسار القضية والعلاقات الثنائية؟

سياق التصريح: تجديد الموقف الأمريكي

جاءت تصريحات بولس في أعقاب بيان صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية في أبريل 2025، أكدت فيه أن الولايات المتحدة لا تزال تعتبر مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية “الحل الوحيد العادل والواقعي” لنزاع “الصحراء الغربية”. هذا الموقف، الذي تبنته إدارة ترامب الأولى في ديسمبر 2020، يعكس التزامًا مستمرًا بدعم المغرب كشريك استراتيجي رئيسي في المنطقة. وأشار بولس إلى أن هذا الموقف “صريح ولا يحتمل اللبس”، مؤكدًا أن الإدارة الأمريكية ستعمل على مناقشة تفاصيل الحل مع الأطراف المعنية خلال زيارة مرتقبة إلى المغرب.

التصريح يعكس أيضًا حرص الولايات المتحدة على تعزيز الشراكة مع المغرب، الذي وصفه بولس بـ”الشريك الرئيسي” في شمال إفريقيا. ويأتي هذا في وقت تشهد فيه المنطقة توترات متزايدة، سواء على المستوى السياسي أو الأمني، مما يجعل المغرب حليفًا محوريًا لتثبيت الاستقرار.

دلالات التصريح: دعم سياسي ودبلوماسي

  1. تعزيز مقترح الحكم الذاتي: إعادة التأكيد على دعم المقترح المغربي للحكم الذاتي تعكس استمرارية السياسة الأمريكية تجاه القضية، رغم التغيرات في الإدارات الرئاسية. هذا الدعم يمنح المغرب دفعة دبلوماسية قوية في المحافل الدولية، خاصة في ظل الجهود المغربية لتوسيع الاعتراف الدولي بسيادته على الصحراء.
  2. تكريس الشراكة الاستراتيجية: تصريح بولس يبرز أهمية المغرب كحليف اقتصادي وأمني. فمنذ توقيع اتفاقيات أبراهام عام 2020، التي تضمنت الاعتراف الأمريكي بالصحراء المغربية، شهدت العلاقات الثنائية تطورًا ملحوظًا، بما في ذلك تعزيز التعاون العسكري وزيادة الاستثمارات الأمريكية في المغرب.
  3. رسالة إلى الأطراف الأخرى: التصريح يحمل رسالة ضمنية إلى جبهة البوليساريو والدول الداعمة لها، مثل الجزائر، بأن الولايات المتحدة ملتزمة بدعم الحل المغربي. هذا قد يؤثر على ديناميكيات المفاوضات تحت إشراف الأمم المتحدة، التي لا تزال تعاني من الجمود.

تداعيات محتملة

  • على المستوى الدولي: دعم الولايات المتحدة قد يشجع دولًا أخرى على تبني مواقف مماثلة، خاصة في ظل تزايد عدد الدول التي فتحت قنصليات في مدن الصحراء المغربية، مثل الداخلة والعيون. هذا قد يعزز موقف المغرب في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.
  • على المستوى الإقليمي: التصريح قد يزيد من التوتر مع الجزائر، التي تُعد الداعم الرئيسي لجبهة البوليساريو. في الوقت نفسه، قد يعزز التعاون بين المغرب ودول أخرى في المنطقة، مثل إسرائيل والإمارات، في إطار تحالفات استراتيجية أوسع.
  • على المستوى الاقتصادي: الزيارة المرتقبة التي أشار إليها بولس قد تفتح الباب أمام استثمارات أمريكية جديدة في المغرب، خاصة في القطاعات المتعلقة بالطاقة المتجددة والتكنولوجيا، مما يعزز التنمية في الأقاليم الجنوبية.

تحديات وتساؤلات: رغم الإيجابيات، يثير التصريح بعض التساؤلات:

  • مدى التزام إدارة ترامب: هل ستبقى هذه السياسة ثابتة في حال تغيرت الظروف السياسية الداخلية في الولايات المتحدة؟ خاصة أن إدارة بايدن السابقة حافظت على الموقف دون تفعيله بنفس الحماس.
  • ردود الفعل الإقليمية: كيف ستتعامل الجزائر والبوليساريو مع هذا التأكيد؟ وهل سيؤدي إلى تصعيد دبلوماسي أو عسكري في المنطقة؟
  • دور الأمم المتحدة: هل ستتمكن الولايات المتحدة من دفع الأمم المتحدة نحو تبني مقترح الحكم الذاتي كإطار نهائي للحل؟

خاتمة: نحو مرحلة جديدة من التعاون

تصريحات مسعد بولس تمثل تأكيدًا قويًا على الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والولايات المتحدة، مع التركيز على حل قضية “الصحراء الغربية” وفق الرؤية المغربية. الزيارة المرتقبة إلى المغرب قد تكون فرصة لترجمة هذه التصريحات إلى خطوات عملية، سواء على المستوى الدبلوماسي أو الاقتصادي.

ومع ذلك، يبقى نجاح هذه الجهود مرهونًا بالقدرة على تجاوز التحديات الإقليمية والدولية، وتكريس الحل المغربي كخيار واقعي وعادل يحقق الاستقرار في المنطقة. في نهاية المطاف، يظل المغرب يراهن على دبلوماسيته النشطة وحلفائه الدوليين لتعزيز مكانته كقوة إقليمية رائدة.


المصادر:

  • تصريح مسعد بولس لقناة “ميدي 1 تيفي” وإذاعة “ميدي 1″، 19 أبريل 2025.
  • بيان وزارة الخارجية الأمريكية، أبريل 2025.
  • منشورات متداولة على منصة إكس، 19 أبريل 2025.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى