الفن إنتاج للجمال وعنوان للتسامح

عبد السلام المساوي
اصحاب الانغلاق والتعصب والتنميط ، دعاة الفتنة والتطرف والتخلف ، لا يجدون حرجا في أن يظهروا بوجهين – وذو الوجهين لا يكون عند الله وجيها – وجه يظهرهم مؤمنين بالديموقراطية والاختلاف والتسامح ، ومنهم من يحاضر في الموضوع ، ووجه يظهرهم متعصبين يعادون الاختلاف والتنوع ، والمسلمين وغير المسلمين ، ان هؤلاء ، شيوخ الانغلاق والعنف ، كشفوا عن الوجه الحقيقي وأسقطوا اقنعتهم عندما اباحوا لانفسهم تعطيل سنة الله في خلقه ، وركب الجهل والوقاحة ، وتأويل زيارة البابا للمغرب تأويلا سيئا ؛
المغرب كله كان فخورا ، وهو يرى المشهد الحضاري الكبير الذي شكلته زيارة البابا لبلادنا ، والمغرب كله كان اكثر من مفتخر بالصدى العالمي للزيارة ولنداء القدس ، ولكلمة جلالة الملك بأربع لغات الموجهة إلى العالم ، المبشرة بوجود شعوب وبلدان ودول لا زالت تؤمن بالسلام والتعايش قدرا قادما للإنسانية وسط ظلم الجهل والتقوقع والانكفاء المرعب على الذات .
المغرب كله ، أو تقريبا المغرب كله ، لأن فئة قليلة للغاية – شيوخ الفتنة والتخلف – وجدت في هاته الزيارة التي كانت تاريخية ومثالية بالفعل مشهدا صغيرا لم تنتبه أنه الاكبر والاجمل ، هو مشهد رفع الأذان لكي تعتبر انه مساس بركن من أركان الدين .
طبعا الناس لم تلتفت لخرافات وتفاهات هؤلاء ورأت فيها طريقة غير ذكية كثيرا لتوجيه انتقاد ما لهاته الزيارة لأن مشكلة هؤلاء هي بكل بساطة مع الأديان الأخرى ، وليست مع الأذان او اي طقس اخر من طقوس الدين ، سواء تم توظيفه في مشهد فني مقبول ، أو في أي مجال آخر .
مشكلة هاته القلة ، شيوخ التطرف والتخلف ، هي انها تعتقد أفضل من أجناس الله الأخرى ، لهذا تحتقر الديانات الأخرى ، وترى أصحابها كفارا وجبت محاربتهم اذا كانت لديها القدرة على ذلك ، أو وجبت معاداتهم وسبهم وشتمهم في حالة أضعف الإيمان ، الذي تعاني منه هذه القلة ….المشكلة تعيشها هذه القلة – شيوخ التعصب والتطرف – مع المسيحية ، وتعيشها بشكل أبشع مع العبرانية وتعيشها مع الديانات الأخرى …
وانا اقرا واستمع لهؤلاء ، شيوخ الانغلاق والتعصب ، اتساءل : هل لهؤلاء قرآن يستمدون منه غير القرآن الكريم الذي نعرفه ؟ وهل لهؤلاء سنة غير السنة النبوية الشريفة يعودون إليها ؟ فالذي يقره القرآن الكريم هو الاختلاف والتسامح والجدال بالحسنى ، والكلمة الطيبة ، والتعاون بين البشر ؛ الم يأت في في كلامه عز وجل : ” يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ، ان أكرمكم عند الله اتقاكم ” .سورة الحجرات الآية 13 وقوله : ” ادفع بالتي هي أحسن ، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ” سورة فصلت – الآية 33 .
والذي يظهر ان هؤلاء الأصوليين المتطرفين يجيزون لأنفسهم حق تعطيل هذه الآيات ، فينفرون المسلمين وغير المسلمين من الإقبال على الإسلام ، وكيف يقبل على الإسلام من يسمع هؤلاء الغلاة المتطرفين يزعمون أن الإرهاب منصوص عليه في الإسلام ، وحجتهم قوله تعالى : ” وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم .” سورة الأنفال – الآية 61 . فهل هناك اساءة الى الاسلام اكبر من هذه ؟! وهي آتية على لسان من يزعمون أنهم دعاة وشيوخ ، وينسى هؤلاء ، أو يتناسون ، القولة العظيمة : بشروا ولا تنفروا ، يسروا ولا تعسروا ….
والسنة النبوية الشريفة مجال آخر غاب عن هؤلاء المتطرفين ، فلو قرأوها وفهموها لاستحضروا سيرة الرسول المليئة بالقيم الاسلامية الرائعة ، فهو المؤمن بالاختلاف بمعناه الواسع ، فقد كان يتعامل مع غير المسلمين كاليهود وغيرهم من الأجناس ، أو لم يقل فيه القرآن …

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى