“لا يتعلم الديمقراطية إلا من مارسها”*… في حديث عن نقابة الصحافة على هامش نقاش التنظيم الذاتي

Sami Elmoudni

في المؤتمر الأخير للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، قدم الزميل الأحرش الشرقي في لجنة القوانين، مقترحا لإدخال تعديل على القانون الأساسي يقضي بانتخاب الرئيس مباشرة من المؤتمر (يتكون من منتدبين عن التنسيقيات والقطاعات والفروع..) وليس من أعضاء المجلس الوطني (كما هو معمول به سابقا).

هذا التعديل استند إلى عدة تعليلات، من أبرزها منح سلطة معنوية لمؤسسة الرئاسة وتهيئة الأجواء في المستقبل للصراع بين البرامج والمشاريع للمترشحين لمنصب “نقيب” الصحافيين وقبل هذا وذاك أن ندرب أنفسنا كصحافيين على العملية الديمقراطية داخل نقابتنا، ولم لا نصوت مستقبلا على رئيس نقابتنا ومكتبه التنفيذي مباشرة من طرف المنخرطين في النقابة الوطنية للصحافة المغربية، كما هو الحال في التجربتين المصرية والتونسية، وهي الفكرة التي علق عليها أحد القياديين “واش نتوما حماق بغيتو تعطيو للبقالي سلطة الانتخاب من المؤتمر وإذا بغينا نحيدوه خاصنا مؤتمر استثنائي؟”.

رغم رمزية هذا المقترح وعدم ارتباطه بأي حسابات انتخابية، إلا أن مجرد عرضه للتصويت، جوبه بمعارضة شديدة من طرف الزميل رئيس اللجنة، لكن وبعد إصرار قوي لعدد من الزملاء يتقدمهم أساسا الشرقي الأحرش وMeryem Boutouraout ومحمد الغازي ومحمد فرنان..، سوف يعرض للتصويت ليحصل على 8 أصوات أو أقل حسب ما أتذكره، وهو المصير نفسه الذي لقيته كل مقترحات تعديلاتنا، في حين لم يصوت عليه عدد كبير جدا من زملائنا لاعتبارات شتى لا داعي للتفصيل فيها، رغم المجهود الكبير الذي بذله الزميلات والزملاء في الصياغة والتدقيق والاقتراح مع التعليل، وتقديمها في شكل وثائق مطبوعة لرئاسة اللجنة القانونية.

أتذكر هذه التجربة اليوم في سياق مرتبط بالنقاش الحاد الدائر حول التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة لاستخلاص عبرة رئيسية بالأساس، وهي أن النوايا الديمقراطية الحسنة أو احتجاج قلة عبر الفيس بوك غير كافي لإحداث التغيير، وإنما العمل النضالي الجماعي لإسماع صوتنا كصحافيين بدل الارتكان إلى السلبية أو التشكيك في نوايا كل صاحب رؤية أو مبادرة أو رأي مخالف.

كنت ومازلت سأبقى مدافعا داخل النقابة من موقعي كعضو على التنظيم الفيدرالي كنموذج تنظيمي يجب أن ننتقل إليه بدل المركزية المفرطة وعلى آلية الاقتراع الفردي المباشر كشكل من أشكال اختيار ممثلينا. بنفس المنطق، أدافع على اختيار ممثلي الصحافيين في المجلس الوطني للصحافة عبر الانتخاب المباشر وأرفض تعويضه بآلية الانتداب بحجة أنها “مضمونة النتائج”، فصحيح أن للديمقراطية كلفة يجب تحملها ولكن كلفة ديمقراطية ناقصة أو منعدمة تكون أكبر بكثير.

  • الراحل عبد الرحيم بوعبيد: “لا يتعلم أي شعب الديمقراطية إلا إذا مارسها”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى