غزة بين المقاومة والإبادة.. مناقشات قانونية وسياسية لمستقبل القضية الفلسطينية

في الرابع عشر من يونيو 2025، استضافت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة محمد الأول بوجدة، بالتعاون مع هيئة المحامين وجمعية اتحاد المحامين الشباب بالمدينة، ندوة وطنية بعنوان “الحرب على غزة: إبادة في وضع دولي بمعالم ملتبسة“. هذا الحدث، الذي جمع أكاديميين ومحامين ونشطاء حقوقيين، شكّل منصة لمناقشة الأبعاد القانونية والسياسية للصراع في غزة، مع التركيز على مسؤولية الكيان الصهيوني، شرعية المقاومة الفلسطينية، ومستقبل القطاع في ظل التحديات الإقليمية والدولية.
تناولت الندوة، عبر مداخلة الأستاذ العربي البويكري، موضوع “مساءلة مسؤولي الكيان الصهيوني عن الجرائم في غزة بين المحكمة الجنائية الدولية والقوانين الوطنية”. أكد البويكري أن الجرائم المرتكبة في غزة، التي تصنف كجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، تستدعي محاسبة عاجلة. ومع انضمام فلسطين إلى نظام روما الأساسي عام 2015، باتت المحكمة الجنائية الدولية مؤهلة لملاحقة مرتكبي هذه الجرائم، كما طالب المدعي العام للمحكمة بإصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت. لكن، كما أشار البويكري، تواجه هذه الجهود تحديات كبيرة بسبب غياب آليات تنفيذية دولية فعالة وتأثير الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن.
في السياق ذاته، سلطت مداخلات أخرى الضوء على “إفلات الإجرام الإسرائيلي من العقاب”، مشيرة إلى أن الاحتلال يمارس سياسات تهجير وتقتيل منهجية تندرج تحت تعريف الإبادة الجماعية. ومع ذلك، يبقى النظام القضائي الدولي عاجزًا عن مواجهة هذه الجرائم بسبب “ازدواجية المعايير” التي تمنح الكيان الصهيوني حصانة غير مبررة.
في مداخلته بعنوان “معركة طوفان الأقصى بين حق الدفاع عن النفس والعمل الإرهابي: مقاربة بين القانون والسياسة”، قدم الأستاذ عزيز هناوي، الكاتب العام لمجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، تحليلًا قانونيًا وسياسيًا لعملية “طوفان الأقصى” التي انطلقت في 7 أكتوبر 2023. أكد هناوي أن المقاومة الفلسطينية، بما فيها هذه العملية، تمثل حقًا مشروعًا مضمونًا بموجب القانون الدولي، وتحديدًا قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة مثل القرار 2787 لعام 1971، التي تؤكد حق الشعوب في النضال ضد الاستعمار.
ورفض هناوي بشكل قاطع تصنيف المقاومة كـ”إرهاب”، واصفًا هذا المصطلح بأنه “إيديولوجي” يُستخدم لتشويه النضال الفلسطيني وتبرير العدوان الإسرائيلي. وأشار إلى أن الاحتلال، بسياساته العنصرية وحصاره لغزة الذي وصفها بـ”سجن كبير بسماء مفتوحة”، هو الجريمة الأصلية التي أدت إلى تصاعد المقاومة.
في مداخلة بعنوان “إفاقة التحرر الوطني الفلسطيني في سياقات بؤس نظام العدالة الدولي”، قدم الدكتور لؤي عبد الفتاح نقدًا لاذعًا للنظام القضائي الدولي. أوضح أن العدالة الدولية، التي نشأت لمنع الإفلات من العقاب، فشلت في حماية الشعب الفلسطيني بسبب التأثيرات السياسية ومصالح الدول الكبرى. واعتبر أن صمود المقاومة الفلسطينية، رغم هذا “البؤس”، يمثل إفاقة للنضال الوطني، داعيًا إلى استراتيجية موحدة تستند إلى التنسيق ودراسة الواقع الجيوسياسي.
تناول الدكتور المصطفى بنموسى، في مداخلته “مستقبل غزة: الإبعاد والتأثيرات الإقليمية للخيارات السياسية”، التحديات التي تواجه القطاع. أشار إلى أن إسرائيل تسعى إلى تفريغ غزة ديموغرافيًا عبر التهجير القسري، وهي جريمة تطهير عرقي محتملة. كما ناقش التأثيرات الإقليمية للخيارات السياسية، محذرًا من سيناريوهات مثل الاحتلال العسكري المباشر أو فرض سلطة فلسطينية بديلة مرفوضة شعبيًا. وأكد أن صمود الفلسطينيين يبقى العامل الحاسم في مواجهة هذه المخططات.
كشفت الندوة عن تعقيدات الوضع في غزة، حيث يواجه الشعب الفلسطيني إبادة جماعية في ظل صمت دولي مريب. ورغم العجز الواضح للعدالة الدولية، أكد المتحدثون أن المقاومة الفلسطينية تمثل السبيل الوحيد لمواجهة الاحتلال. ومع استمرار النضال، تبقى القضية الفلسطينية اختبارًا للضمير الإنساني، يتطلب تضامنًا عالميًا وإعادة تقييم للنظام الدولي الذي يحمي المحتل ويعاقب الضحية.
رئيس الجلسة:
• ذ. حميد الربيعي: أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة، ورئيس الجلسة الافتتاحية والعلمية للندوة3. كما تم توجيه الشكر له بصفته “رئيس مختبر الدراسات الابحاث”.
أعضاء اللجنة المنظمة وبعض المشاركين المذكورين في السياق:
• عبد الله بن اجبارة: رئيس جمعية اتحاد المحامين الشباب بوجدة، وعضو في اللجنة المنظمة.
• الاستاذ المنكري: تم ذكره كشخص تابع وواكب تنظيم النشاط العلمي للندوة. (لم يتم تحديد مداخلة له كمتحدث رئيسي في الأجندة).
• عبد الله السقبني: تم ذكره من قبل أحد المتدخلين كـ “الاستاذ السي عبد الله السقبني منتصف المطار وفي علم الاجرام”، ولكن لم يذكر كمتحدث في برنامج المداخلات الرئيسي.
تُشير هذه الأسماء إلى الأكاديميين والمحامين والفاعلين الجمعويين الذين ساهموا في إثراء النقاش حول القضية الفلسطينية، خصوصاً في سياق حرب غزة وما تُوصف بأنها “إبادة” في وضع دولي “ملتبس”.
المتحدثون الرئيسيون وأصحاب المداخلات:
• العربي البوبكري: أستاذ بكلية الحقوق/جامعة محمد الأول، وجدة، وقد قدم مداخلة بعنوان “مساءلة مسؤولي الكيان الصهيوني عن الجرائم في غزة بين المحكمة الجنائية الدولية والقوانين الوطنية”.
• عزيز هناوي: الكاتب العام لمجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، وقد قدم مداخلة بعنوان “معركة طوفان الأقصى بين حق الدفاع عن النفس والعمل الإرهابي مقاربة بين القانون والسياسة”.
• لؤي الفلاح: أستاذ بكلية الحقوق/جامعة محمد الأول، وجدة، وقدم مداخلة بعنوان “آفاق التحرر الوطني الفلسطيني في سياقات بؤس نظام العدالة الدولي”.
• المصطفى بنموسى: دكتور في القانون العام والمدير التنفيذي للمركز الدولي للأبحاث والدراسات التربوية والعلمية، باريس، وقد قدم مداخلة بعنوان “مستقبل غزة والإبعاد والتأثيرات الإقليمية للخيارات السياسية”.
• زين العابدين حمزاوي: أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بوجدة، وقدم مداخلة بعنوان “إفلات الإجرام الإسرائيلي من العقاب: قراءة في الأسس والمسوغات”.
• محمد الإمام عاه المبينين: دكتور في القانون العام وعضو المجلس الإداري لمركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة، وقدم مداخلة بعنوان “دعوة لترحيل هجير سكان غزة: غطاء لإستنكال نهج نتنياهو في الإبادة الجماعية”.