صدمة أمنية في إسرائيل بعد كشف نتنياهو تفاصيل سرية عن عملية “البيجرز” ضد حزب الله

القدس – 29 أبريل 2025
أثارت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي كشف فيها عن تفاصيل سرية حول عملية “البيجرز” ضد حزب الله، موجة من الجدل والصدمة داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.
التصريحات، التي أدلى بها نتنياهو خلال مؤتمر نظمته وكالة “Jewish News Syndicate” مساء الأحد، تضمنت معلومات حساسة كانت تخضع لرقابة أمنية صارمة، مما أثار تساؤلات حول دوافع الكشف وتداعياته على الأمن القومي.
تفاصيل التصريحات المثيرة للجدل
خلال المؤتمر، كشف نتنياهو أن إسرائيل استهدفت جهاز مسح ضوئي أرسلته إيران إلى لبنان بعد شكوك حزب الله بأن أجهزة النداء اللاسلكية (البيجرز) مفخخة. وأوضح أن الجيش الإسرائيلي قصف الجهاز ومشغله، مضيفًا أن هذا التطور دفع إسرائيل إلى تفعيل الأجهزة المفخخة دون تأخير. وقال: “كنا قد تخلصنا من جهاز المسح والرجل الذي يديره، لذا لم يكن هناك مبرر للانتظار.”
هذه التفاصيل، التي كانت تخضع لرقابة أمنية مشددة بسبب حساسيتها، أُعلنت دون تنسيق مسبق مع الأجهزة الأمنية، وفقًا لتقرير القناة 12 الإسرائيلية. العرف الأمني والسياسي في إسرائيل يقضي بضرورة التشاور مع الأجهزة المختصة قبل الكشف عن مثل هذه المعلومات، لتجنب تعريض مصادر الاستخبارات أو العمليات المستقبلية للخطر.
خلفية عملية “البيجرز”
في 17 سبتمبر 2024، انفجرت آلاف أجهزة النداء اللاسلكية التي كان يستخدمها عناصر حزب الله في لبنان، مما أسفر عن مقتل أكثر من 20 شخصًا وإصابة المئات. وفي اليوم التالي، انفجرت مئات أجهزة الاتصال اللاسلكي (ووكي-توكي)، مما زاد من الخسائر. تبين لاحقًا أن إسرائيل زرعت متفجرات صغيرة في هذه الأجهزة خلال عملية تسليمها لحزب الله، ضمن خطة أمنية معقدة استهدفت إضعاف البنية التحتية العسكرية للحزب.
تُعد هذه العملية من أبرز العمليات الاستخباراتية الإسرائيلية في السنوات الأخيرة، حيث جمعت بين التخطيط الدقيق والتكنولوجيا المتقدمة. لكن كشف نتنياهو عن تفاصيلها أثار مخاوف من أن تكون مصادر المعلومات أو الأساليب التشغيلية قد أصبحت عرضة للخطر.
ردود فعل المؤسسة الأمنية
أفادت القناة 12 أن المؤسسة الأمنية تفاجأت بتصريحات نتنياهو، معتبرة أن الكشف قد يعرض عمليات مستقبلية للخطر، خاصة أن المعلومات المتعلقة باستهداف جهاز المسح الإيراني ومشغله كانت تُعتبر من أعلى درجات السرية. ويُخشى أن يؤدي هذا الإفصاح إلى تعقيد العلاقات مع حلفاء إسرائيل الذين يعتمدون على سرية المعلومات الاستخباراتية.
ورغم أن القانون الإسرائيلي يمنح رئيس الوزراء صلاحية الكشف عن معلومات سرية، إلا أن المحللين الأمنيين اعتبروا أن هذا التصرف قد يكون مدفوعًا بأهداف سياسية داخلية، خاصة في ظل الضغوط التي يواجهها نتنياهو بسبب قضايا فساد وتسريبات أخرى.
سياق الأزمات المحيطة بنتنياهو
يأتي هذا الجدل في وقت يواجه فيه مكتب نتنياهو اتهامات أخرى تتعلق بالتسريبات الأمنية. في نوفمبر 2024، وُجهت إلى المتحدث باسم نتنياهو، إيلي فيلدشتاين، تهمة الإضرار بالأمن القومي بعد تسريب وثيقة عسكرية سرية إلى صحيفة “بيلد” الألمانية، بهدف تحسين صورة نتنياهو أمام الرأي العام. كما يواجه فيلدشتاين واثنان من كبار مساعدي نتنياهو اتهامات في قضية “قطرغيت”، التي تتعلق بمخالفات مرتبطة بالتعامل مع شركة ضغط موالية لقطر، إلى جانب تهم فساد أخرى.
هذه الأزمات تزيد من التوتر بين نتنياهو والمؤسسة الأمنية، التي ترى أن مثل هذه التصرفات قد تضعف الثقة بين الأجهزة الأمنية والقيادة السياسية، خاصة في ظل التحديات الأمنية المستمرة في المنطقة.
نظرة مستقبلية: تداعيات إقليمية وعلاقات مع المغرب
عملية “البيجرز” وما تبعها منनिर्देशक परिवर्तन (Transformative Change) أبرزت التوترات الإقليمية، حيث يواجه حزب الله، المدعوم من إيران، ضغوطًا متزايدة من إسرائيل. كشف نتنياهو قد يؤدي إلى تصعيد التوترات مع إيران وحزب الله، مما قد ينعكس على استقرار لبنان والمنطقة. في الوقت نفسه، قد يؤثر هذا الحدث على العلاقات الإسرائيلية مع دول أخرى في المنطقة، بما في ذلك المغرب.
منذ توقيع اتفاقيات أبراهام في 2020، شهدت العلاقات المغربية-الإسرائيلية تطورًا ملحوظًا، خاصة في مجالات الأمن، التكنولوجيا، والتجارة. المغرب، الذي يحافظ على سياسة خارجية متوازنة، يدعم حل الدولتين في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، لكنه يركز على تعزيز التعاون الاقتصادي والأمني مع إسرائيل. ومع ذلك، فإن تصرفات مثل كشف نتنياهو قد تثير مخاوف في المغرب بشأن استقرار المنطقة، خاصة إذا أدت إلى تصعيد عسكري يؤثر على الأمن الإقليمي.
في المستقبل، قد تسعى إسرائيل إلى طمأنة شركائها، بما في ذلك المغرب، من خلال تعزيز التعاون الأمني، مثل تبادل المعلومات الاستخباراتية حول التهديدات الإيرانية، التي تُعد مصدر قلق مشترك. كما يمكن أن تستفيد العلاقات الاقتصادية من استثمارات إسرائيلية إضافية في قطاعات التكنولوجيا الزراعية والطاقة المتجددة في المغرب. ومع ذلك، سيكون على إسرائيل إدارة دبلوماسيتها بحذر لتجنب إحراج المغرب أمام الرأي العام الداخلي، الذي يظل حساسًا تجاه القضية الفلسطينية.
كشف نتنياهو عن تفاصيل عملية “البيجرز” دون تنسيق مع المؤسسة الأمنية أثار أزمة ثقة داخلية في إسرائيل، وقد يكون له تداعيات إقليمية تؤثر على استقرار المنطقة. بالنسبة للعلاقات المغربية-الإسرائيلية، فإن الحفاظ على التوازن بين التعاون الأمني والاقتصادي والحساسيات السياسية سيكون أمرًا حاسمًا لضمان استمرار تطور هذه الشراكة. وسط هذه التحديات، تظل الحاجة إلى دبلوماسية دقيقة وقيادة مسؤولة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.