الاحزاب السياسية ما بين الدور الاجتماعي وتوجيهات النظام

أبو أسامة – الدار البيضاء

لماذا يتجه النظام منذ زمن بعيد إلى خلق آليات جديدة لتدبير الشأن العام، بعيدا عن النسق السياسي الطبيعي. وذلك عبر إسناد مهام التفكير وإعداد الخطط والبرامج والتصورات ، الى لجان يشكلها على المقاس، ومجالس تخضع مباشرة لتوجيهاته، وهو ما ينسجم ظاهريا مع فلسفة البحث عن كفاءات قادرة على تشخيص المشكلات وحل المعضلات، وتحييد الأحزاب التي أبانت عن عجزها وتهافتها. ولا شك أن هذه السياسة تستحضر ضعف الوسائط دون استحضار دور النظام في تكريسه وتعميقه. لدرجة أصبحت معها المؤسسات الحزبية مشاتل لتربية الطفيليات وكوادر السباق نحو المناصب والمكاسب. وتم بذلك افراغها من روح المبادرة والمغامرة اللتين تعتبران مبرر وجودها أصلا.

أصبحت الأحزاب مغلوبة على أمرها، تقاتل من أجل الاستمرار بأي ثمن.وتقدم من التنازلات ما جعلها مجرد هياكل متآكلة، تعيد انتاج الخطاب الرسمي بنفس المفردات والمعاني.وتجتهد في تسويقه دون أن تجرؤ على مناقشته حتى.او إبداء الرأي في مدى قدرته على رسم ملامح محسوسة لبرامجه وتطلعاته المستقبلية.

يقول النظام بفشل النموذج التنموي فتبارك، دون أي تشخيص للأسباب والعوامل، ودون أية دعوة لمحاسبة المسؤولين عن الفشل، لأنها تعلم أنها تتحمل نصيبا من هذه المسؤولية.يقول النظام بضرورة صياغة نموذج جديد، دون ملامح واضحة،سوى أن يكون من خارج الصناديق، فتبارك، وهي تعلم انها مستهدفة ولا تبدي أية مقاومة مهما صغر حجمها.وكأنها بذلك تعلن عن موتها السريري، وقبولها بأن تبقى على قيد الوجود ب”السيروم”.

موت السياسة في البلد صار واضحا للعيان، كما صار واضحا التحاق مناضلي الاحزاب بجحافل التكنوقراط، ليس في مدارج الخبرة والكفاءة، وانما فقط في التبرؤ من الهواجس السياسية التنظيمية.رغم ان الجميع يدرك بأن التكنوقراط لا يشتغلون بدون رؤية، أو بدون أفق سياسي،تتم صياغته بعقول غيرهم، ليقتصر دورهم على التنفيذ.أليس هذا هو ما صارت البه أحزابنا،وهي راضية عنه؟ويحق للنظام بعد ذلك أن يسعى الى تهميشها وعدم ائتمانها على أي شيء، سوى أن تكون لتزيين المشهد.وان تحصر وظيفتها في الصراع (انتخاببا لا غير) ، لمعرفة من يخدم أحسن،في كل مرحلة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى