مصطفى الرابحي يرثي الفقيد حرزني: في رحيل أحمد حرزني… السجن والشجن و أشياء أخرى.

عديد التحايا الروحانية تناثرت في الأجواء على روح الفقيد أحمد حرزني . توزع التأبين بين ألم الموت الذي ينفذ فداحته بتبختر على وجوه جيل مميز وبين وقع الفراق مع أحد رموز دفتر يساري رواته كثيرون و قراؤه قليلون .

تشرح لي اللحظة بجلاء تضخم الرواة مقابل ندرة القراء وهو مايضع الميزان الثقافو – سياسي في حالة عجز . لذلك فالمشهد مثقل بنهج مزمن يؤديه اليساريون بالتواتر ، اسمه ” تعذيب الأهل “.

الكلام في حضرة الموت محشرج بدهشة الرحيل. و النبش في السير لابد وأن يكون مشمولا بالاحترام الواجب للغائب. الرجل أغمض عينيه و سيرته في كنف التاريخ .

بداية سنة ال 2000 كان التحضير لبناء مجمع سياسي كبير . مدة العامين قبل تأسيس ” اليسار الاشتراكي الموحد ” اقتربت فيها من الرجل رفقة كتلة من الرفاق . والحق أنه كان أحد المهندسين المحترمين للعملية الوحدوية حينذاك .

في خاطري عرض انطباعات سريعة في حق شخصية دفعت بأوراقها بقناعة وعناد أنيق . انطباعات تلزمني ( على كل حال ) .
أحمد حرزني منتج أفكار قوتها في سلاستها . يخرجها بلغة دافئة سخية في فتح هواءات التحليل . عباراته جاذبة للانصات ولا يركب التراكيب الصخرية الجافة .
الرجل كان شديد الحرص على نشر الطمأنينة المتبادلة بين الأطراف حيال شرحه لعملية الانتقال الديمقراطي . صرح في إحدى اللقاءات اليسارية التي حضرتها بمدرسة المعادن بالرباط العام 2001 ” .. وجب علينا جميعا مد جميع المغاربة بالماء قبل مدهم بالاديولوجيا.. ” . كان شديد التحذير الدائم من تفشي مرضية “الثورة اللفظية “
لم يبرح في كل حين صيانة المقاربات داخل الفهم السوسيولوجي الشجاع .

في كل الأحوال ، قدم الرجل تصوراته ورافع عنها من دون اندفاع سلبي . اعتبرها البعض إشراقات لها أشعتها و تحفظ عليها البعض . وبعض البعض اختار إخراج البنادق للرشق .
حاول عراب ” القطب الديمقراطي ” صياغة أطروحة حوارية جديدة داخل شَعْب اليسار و شُعَبه . لم يلتئم الحوار و لم تلتئم الأطروحة جراء تواجد العباسيين و الأمويين في نفس الزمن .
للرجل احترامه لأنه ظل وفيا لخريطة النسق الذي يفكر به . ولم يلزم أحدا باعتماد معادلة ” الحمائم ” و ” الصقور ” التي دافع عنها أيما دفاع .

لدي ارتسامات أخرى في حق شخصية لها تقديرها ولها صداها . سأكتفي غبنا بالقول أن الفواكه الناضجة لاتكون دائما من حظ أصحاب الحقل . قد يكون هناك من يقطفها من مراقب ماكر يوجد خارج الحقل .

رحم الله أحمد حرزني .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى