رسالة باريس زكـــزل ..ذاكــــرة قـــريـــة صامــــدة

الأحمادي عبد الــــرزاق.
عندما أتذكر أيام الطفولة وأنا أزور وأمر بقريتي الجميلة الساحرة ” زكزل ” مسقط رأسي والتي ترعرعتُ فيها، وتعلمت القراءة والكتابة في كتاتيبها القرآنية على يد المرحوم والدي والذي كان إماما وخطيبا بمسجدها الذي يحمل اسم ” المولى إدريس الأكبر تيمنا وتبركا به.
في قريتي ” زكزل” عشت الحلو والمر، حياة لا يعرفها إلا من ولد في هذه القرية التي تنتمي إلى ما اصطلح عليه ” المغرب غير النافع” من وطننا الحبيب، وهكذا تحركت في داخلي ” نوستالْجيا” ألتمس فيها ذكريات طفولتي التي لن أنساها أبدا .
تجولت في قريتي أطلع فيها على التغيرات وما تبقى فيها من الزمن الجميل : البيوت الصغيرة والضيقة، والكبيرة المبنية من مواد بدائية ( حجر خشن مغبر ) يسكنها فلاحون صغار بسطاء… تولد عنهم شخصيات فاعلة ومؤثرة على الصعيد الوطني في بناء وتشييد الوطن ، وما زلت أتذكر الكثير من الأصدقاء الذين تربيتُ معهم في القرية والكُـتَّاب والمدرسة والثانوية ( ثانوية ابن رشد ببركان 1966)، كل هذا شكل لي جوا من الخلفيات وأيقظ في نفسي حافز الكتابة والتدوين ، حتى أحتفظ بشيء من حتى وجزء من الأشياء القديمة والتي اذا تلاشت وضاعت ضاعت معها الذاكرة …
” زكزل” القرية الوديعة الهادئة والتي يوجد بها مغارة الجمل، والزاوية الأحمدية الحمداوية ،وقبة الولي الصالح الشريف مولاي أحمد بن العياشي والذي يتصل نسبه بالمولى إدريس الأكبر، بها مياه متدفقة وبساتين خضراء، و .. الهواء الطلق، منطقة سياحية بامتياز، فقد زارها المغفور له السلطان محمد الخامس طيب الله ثراه سنة 1934 ضمن سلسلة زيارات للمنطقة الشرقية للمملكة المغربية الشريفة ، والتي مرت في أحسن الظروف من حيث الاستقبالات والأفراح التي خص بها المغاربة سلطانهم الغالي رغم تضييقات سلطات الحماية الفرنسية .
والجدير بالذكر أن المناضل والكاتب والمؤرخ قدور الورطاسي تحدث عن هذه القرية وتطرق إلى تاريخها و عن رجالاتها وشرفائها في كاتبه الذي صدر بالرباط سنة 1972 تحت عنوان ” معالم من تاريخ وجدة ” ، هذه القرية التي قدت الدعم والمساندة للمقاومين وجيش التحرير هي الآن تعاني من التهميش والعزلة ، وهي تستغيث ُ فهل من مــــغــيث ؟
- ابن القرية الأحمادي عبد الرزاق