مملكة الفوتبول ( ثورة الفرجة )

كاسة البشير – Montpellier

ما يحدث على ارضية الملاعب ، و ما يحدث على مستوى الصورة السيميائية للملكة ، يصعب علينا الاعتماد على منهجية او نظرية في العلاقات الدولية لتحليل ما يحدث ، لوصف هذه الثورة الحقيقية بكل المقاييس . استحضر مقولة للمستقبلي المغربي المهدي المنجرة ابان تتويج المغرب بالذهب في الالعاب الاولمبية ، كي تنتصر في الميادين الرياضية عليك ان تنتصر في المعارك الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية الكبرى .
منذ مناظرة الداخلة بعد 1998 حول مستقل كرة القدم في المغرب ، حددت المملكة المغربية استراتيجية ورؤية واضحة لمستقبل هذه الرياضة ، من رصد مجموعة من الوسائل المحددة للمستقبل ، على انه مفتوح وممكن ومتكاتف ، منها الرؤية الثقافية ، الوفرة والاستقلالية المالية ، الجمالية ، العقل الاجتماعي والجمعي للدولة و القرار السياسي .
تلى هذا التصور السيميائي لمستقبل كرة القدم في المملكة ، إرساء مجموعة من المؤسسات ذات الوزن العالمي الكبير ، أكاديمية محمد السادس ، دمقرطة الرياضة ، الفصل الفني بين السلطات والتخصصات داخل الأكاديمية ، الارتكاز على الكفاءة ، التعدد و الثقافة الإجابية المنتجة للفعل ، جعل كرة القدم ثقافة شعبية بامتياز عن طريق بناء ملاعب القرب بالاحياء والمدن ، وربط مستقبل كرة القدم بالحالة الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية للمملكة.
اهم عامل محدد وفاعل في هذه الثورة السيمياءية ، الدياسبورة المغربية بالخارج والتي جعلت من عملية التلاقح الحضاري و انصهار الانتماء السياسي والثقافة ، عوامل منتجة للاقتصاد ومدعمة للاجتماع السياسي ، وان الدولة لا تحددها الجغرافية وانما الامتداد الحضاري والفرحة والفرجة ، باختصار الحق في الفرحة أداة سياسية وحضارية وثقافية في بناء دولة المستقبل .
الانجاز المغربي في منافسة كأس ألعالم بقطر خلق ثورة كروية على مستوى العالم ، التنافس لم يعد مقتصرًا على الغرب المسيحي ، لم يعد منحصرا في قارتين ، وانما اصبح مفتوحا على كل القارات وكل الدول ، وان التنافس على كأس ألعالم اصبح مرتبطا بالتوازنات الاقليمية والدولية. وما تحققه هذه المنافسة من عائدات إقتصادية وسياسية وتواصلية رهيبة و موثرة على الميزان التجاري للدول .
منذ 1930 حتى النسخة الاخيرة بقطر لم تعد منافسة كأس ألعالم اداة للهيمنة الغربية وإهانة الشعوب . ان متابعة الرئيس الاميركي جون بايدن برفقة رئيس الحكومة المغربية لمبارة المغرب وفرنسا يفسر اهمية كرة القدم في العلاقات الدولية.

مونبليي 20/12/2022
يتبع

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى