المغرب-اسبانيا وعبقرية الجغرافيا

كاسة البشير مونبليي

وجنتاك فلقة رمان وعيناك زلافة ماس، اشتم راءحة جلدك ووديان خمورك ،
تعالي حبيبتي نلعب في الحقول ونبيت في القرى و هناك اعطيك حبي .
(مستوحاة من سفر نشيد الإنشاد )

بعدما غادرها ابا عبديل مهزوما ذليلا ، لم تقف ازابيلا وفرناندو على شاطىء المتوسط تودع اخر عربي ، جلس دقائق في الاندلس ثم انصرف ، واضرم ثورة ثقافية وطفرة علمية لم يعرف تأريخ اوروبا لها مثيلا ، بل استودعت ما جال في عقلها الاستراتيجي ومخيالها الثقافي ، لمن ياتي بعدها ، ان قوة اسبانيا من ضعف المغرب ، وقوة المغرب من ضعف اسبانيا ، بعضكم لبعض عدو .
ان مفهوم السلام والجوار ليس له مقابل وترجمة في المخيال الثقافي الأسباني وان المغرب والجغرافيا يشكلان مصدر تهديد دائم لمستقبل ووجودية اسبانيا ، من اعماق هذا المخزون الثقافي المتمركز حول عقيدة الاسترداد (نظرية دينية كاثوليكية) تشكل الموقف الاستراتيجي والجيوبولتيكي لهذه الدولة على الحدود الشمالية للمملكة .
كانت مملكة قشتالة ترى تواجدها المتقدم على التراب المغربي واستعمارها لاطرافه الساحلية لمن الاهمية بما كان لضمان عدم عودة هذا الاخر الثقافي على اراضيها ، لانهم لم يستوعبوا ان بإمكان حفنة من الامازيغ امكن بناء اكبر حضارة علمية عرفتها البشرية في اوروبا ، وأن مجيء هولاء للاندلس لم يكن غزوًا عسكريا بقدر ما كان عقيدة سياسية تحررية جديدة ،اتت على ممالك القوط الضالمين واصبحت كالصريم . هذه العقيدة السياسية نسجت ورسمت مواقفها وتحركاتها سواءا في اوروبا او في المحيطات ، وكذا تخوفها من القوة العسكرية العثمانية ، دفعها الى الاستدارة نحو راس الرجاء الصالح و المحيط الاطلسي والهادي والهندي للالتفاف على الطرق التجارية وتفادي المواجهة مع الاسطول العثماني . فكانت قوة الارتكاز الاولى لمحاصرة الدولة العثمانية داخل بحيرة البحر المتوسط ، والالتفاف عليها من الخلف ، وتهديد الأسطول البرتغالي للمدينة المنورة وقبر الرسول الكريم ، والتوجه بالتجارة الدولية راسا الى القارة الاميركية او العالم الجديد ، . واحتدام الصراع بين اسبانيا والبرتغال وانكلترا .

هناك اشارتين تاريخيتين تفسر عدوانية وكراهية الاسبان للاخر الثقافي ، اولها الوحدة بين العرش البرتغالي والاسباني عن طريق الزواج والتناسب ، والانقضاض على التراب المغربي باحتلال شواطىءه ، وخوض حرب استنزاف ضده
– الحرب المغربية-الإسبانية (1859)
– حرب الريف الأولى (1893)
– حرب الريف الثانية (1909)
– حرب الريف الثالثة (1920)
– حرب سيدي إيفني (1957)
– المسيرة الخضراء (1975)
– حرب جزيرة ليلى (2002)
شيء من نبش الذاكرة قليلا الى الوراء ، المغرب عانى من انهيار التركيبة السكانية ، بعد معركة العقاب في اسبانيا ، لدرجة ان بعض المؤرخين اشاروا الى ان المغرب أفرغ من غالية سكانه من الرجال ، الامر الذي دفع سلاطين المغرب الى إستقطاب قبائل بنو هلال للاستيطان. كذلك معركة الملوك الثلاثة بوادي المخازن.
فلولا انهزام الأسطول الاسباني امام الأسطول الانكليزي ،لاكلت اسبانيا الناس .
يؤرخ المثقفون الاسبان للابادات البشرية القشتالية للمسلمين الاندلسيين ابان محاكم التفتيش ، واكبر وافضع حملات تهجير واقتلاع ثقافي لشعب الاندلس وحضارته وتاريخه .ثم يليها ابادة شعوب إمريكا بمباركة الكنيسة وملوك أروبا ، ونهب ثرواتهم وتكديسها في اسبانيا ، الأمر الذي ادخل اسبانيا في حرب اهلية عرفت باسم لعنة الذهب.
هذه الاحداث التاريخية الكبرى مهدت لمجيء الهولنديين ، وادخلت العالم عهد العواصم المطلة على البحر والموانئ التجارية
وبناء التصورات الايدلوجية الاستعمارية الجديدة و التي ستدخل العالم دوامة العنف المحقق ، مدعومة من المثقفين الاوروبيين والكناءس،
كاسة البشير مونبليي/04/2022

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى