فرنسا : العنف والصراع على القمة

إبان الحرب العالمية الاولى سال جورج كليمونسو عن برنامجه السياسي فاجاب على مستوى السياسة الداخلية الحرب اما على صعيد السياسة الخارجية الحرب كذللك ،فرنسا عرفت حروبا كبرى مثل حرب ماىءة سنة ضد الإنجليز والحروب الدينية الدموية والحرب مع ألمانيا البيسماركية والنازية والحرب مع اسبانيا والحرب مع روسيا القيصرية والحروب الاستعمارية في الشرق واضطهاد الأجانب الإيطاليين كما يجب التاكيد على الحدث الأكثر تأثيرا على علاقات الحرب والسلام في فرنسا اي الثورة الفرنسية بكل الوانها من جاكوبيين وطوباويين وفوضوين …حيث في لحظة وعي وعزم على تغيير علاقات السلطة وارساء الحرية والاخوة والمساواة قطع راس الملك لويس السادس عشر
وخنق اخر إقطاعي وقسيس …ثم الحروب الأهلية وعودة العسكر للحكم مع نابوليون وثورات 1830 و 1848 و 1871 و 1968 …
ما يجتر من وراء الصورة السيمياءية ان الفرنسيين اللاتين لا يحلون أزماتهم ومشاكلهم السياسية بعلاقات السلم اذ ان فلسفة الاستقرار والديمومة في المؤسسات النظامية تكاد تكون منعدمة وان ليس هناك الا النذر القليل من الحركات الإصلاحية والنظريات السلامية وان عقدة العنف تكاد تكون سمة بيداغوجية لكل مولود فرنسي .
ما يحدث حاليا في شوارع فرنسا من مواجهة بين الشرطة واصحاب الخوداة الصفر ما هو الا تعبير عن توجهات فكرية تتبنى العنف والاستعداد للحرب الأهلية في فرنسا كمنظمة اتاك Attaque وBlack Bloc وحليقوا الرؤوس …وما تبقى من رواسب العنف عند بعض الأحزاب السياسية .
الدولة الفرنسية تعيش اصعب ازماتها السياسية الكبرى بين مشروع أوروبي سلمي التوجه واندماجي اجتماعيا واقتصاديا رغم الفوارق الدينية واللغوية والعرقية ونزوع داخلي نحو العنف والتغيير الجدري .
الأشكال في اعتقادنا ان الفرنسيين لم يحسموا في وزنهم الدولي وما يريدون ان تكون عليه دولتهم ،الريادة او قوة متوسطة او التبعية للإمبريالية الامريكية ومن ثم السقوط ، مع الإشارة الى البدائل الاستراتيجية الكبرى لفرنسا :ساكنة نشيطة ومتعلمة ،اعلى معدل خصوبة في أوروبا ،مجال فرنكوفونيي تعداده 700 مليون نسمة،جغرافيا جد منظمة ومتصلة ومرتبة عبر الإنترنيت والشبكة السريعة للقطارات والمطارات والطرق السريعة للسيارات والمعلومات connecté ،صناعة عسكرية ومدنية قوية ،صناعة غذائية كبيرة،
قوة عسكرية مهنية وترسانة نووية عسكرية ومدنية ،مصنع عالمي للسيارات والطيران المدني …
فهي بالكاد تذوذ عن مكانتها داخل أوربا وتوصد ابوابها امام اليمين المتطرف فهي الحصن المنيع ، كما انها غارقة في إقناع مواطنيها بالتوجه الأوربي ولا محيد عن ذلك ،انها مسالة وجودية وحيوية لمستقبل فرنسا.
اما المفارقة الثانية فهي المعالجة والتعاطي السياسي مع المشاكل الكبرى للدولة بمنطق الموجة الزمنية الاجراءية القصيرة courte terme اي التحيين الانتخابي للقضايا الاستراتيجي الصلبة.

كاسة البشير . مونبليي 03/12/2018

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى