بين وفاء النضال وريادة الدبلوماسية: وجدة تحتضن ندوة “عيد الوحدة” وتخليد ذكرى الشهيد عمر بن جلون

شهدت مدينة وجدة لقاءً فكرياً ونضالياً وازناً نظمته الكتابة الإقليمية لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بشراكة مع فعاليات من المجتمع المدني، تحت شعار “عيد الوحدة”. وجاء هذا اللقاء في سياق مزدوج يجمع بين استحضار الذاكرة التاريخية من خلال تخليد ذكرى الشهيد عمر بن جلون، وبين قراءة المكتسبات الدبلوماسية الراهنة التي حققها المغرب في ملف الصحراء المغربية،.

عمر بن جلون: مسار نضالي رسم مفردات المعارضة في مداخلة مؤثرة، استعرض الأستاذ لحبيب السهلي جوانب من حياة الشهيد عمر بن جلون، واصفاً إياه بأنه: “واحد ممن رسموا مفردة المعارضة بالمغرب، واحد من اليساريين الذين قبضوا على جمر الدفاع عن قضاياهم المبدئية في عهد كان النضال فيه يؤدي إلى السجن والتعذيب وربما الإعدام”. وأشار السهلي إلى أن بن جلون، الذي ولد في “عين بني مطار” بجرادة وتلقى تعليمه بوجدة، ضحى بالمسارات الوظيفية المريحة ليظل “إلى جانب الطبقة العاملة”، مبرزاً انضباطه الحزبي الكبير رغم اختلاف الآراء أحياناً،،. وانتهت حياته باغتيال غادر في 18 دجنبر 1975، ليظل ملفه “لغزاً محيراً” لكن اسمه دون بحروف من ذهب،.

الدبلوماسية الموازية والقرار الأممي: نجاعة حزبية ورؤية ملكية من جهتها، ركزت الأستاذة إسلام سعودي على أهمية الدبلوماسية الحزبية والموازية في نصرة القضية الوطنية. وأوضحت أن الاتحاد الاشتراكي كان سباقاً للتعريف بالقضية في المحافل الدولية مثل “الأممية الاشتراكية” و”منتدى البرلمانيين الشباب”، حيث ساهم الحزب في “رفع مجموعة من اللبس الذي كان يلتف بهذه القضية من خلال العدوان”. كما أكدت على أن النجاح السياسي الحالي هو ثمرة للسياسة الملكية الرشيدة التي جعلت دولاً وازنة تتبنى مقترح الحكم الذاتي.

وفي تحليل أكاديمي قانوني، قدم الدكتور محمد بوبوش قراءة في القرار الأممي رقم 2703 (المشار إليه في الوثيقة بـ 27 97)، معتبراً أن المغرب وفق بذكاء بين “حق تقرير المصير والوحدة الترابية”،. وأكد بوبوش أن: “الحكم الذاتي هو الخيار الوحيد للتفاوض تحت السيادة المغربية”، مشدداً على أن الأمم المتحدة أصبحت تتجه نحو “تحريم الانفصال” وتغليب الوحدة الترابية للدول،. كما أشار إلى دور القادة الاتحاديين تاريخياً، مستحضراً جولة الراحل عبد الرحمن اليوسفي في أمريكا اللاتينية التي “قصمت ظهر البعير” عبر سحب اعترافات دول عديدة بالكيان الوهمي،.

السيادة الوطنية: من الروح والفكر إلى الميدان وفي سياق متصل، تناولت السيدة نصيرة بنيوال مفهوم السيادة من زوايا متعددة، مؤكدة أن السيادة لا تقتصر على الحدود الجغرافية بل تشمل “سيادة الروح والإرادة الفردية”. وذكرت في مداخلتها أن: “المرأة المغربية بفضل الرؤية الملكية هي اليوم عمود السيادة وروحها النابضة”، مشيرة إلى أن مبادرة الحكم الذاتي ولدت من “موقع القوة” لتؤكد أن السيادة غير قابلة للتجزئة،.

كما شهد اللقاء مداخلة من الأستاذ عبد السلام موساوي (والتي تقاطعت مضامينها مع تعزيز مفهوم السيادة المتكاملة)، حيث تم التأكيد على أن المغرب انتقل من “الفتح السياسي” مع الملك محمد الخامس و”الفتح الترابي” مع الملك الحسن الثاني، إلى “الفتح الدبلوماسي والتنموي” في عهد الملك محمد السادس،. واختتم اللقاء بالتأكيد على أن تاريخ 31 أكتوبر يمثل منعطفاً حاسماً وتكريساً لـ “عيد الوحدة” الوطنية.

تجدر الإشارة إلى أن القرار الأممي الذي ناقشه المتدخلون هو القرار رقم 2703 الصادر عن مجلس الأمن في أكتوبر 2023، ويبدو أن الرقم “27 97” الوارد في النصوص الشفهية هو سبق لسان أو خطأ في التفريغ الصوتي، حيث أن قرارات مجلس الأمن بخصوص الصحراء المغربية تتبع تسلسلاً معيناً وصل حالياً إلى فئة الـ 2700. كما أن الإشارة إلى تاريخ 31 أكتوبر 2025 كعيد للوحدة قد تكون استشرافاً لمستقبل القضية في أفق العام المقبل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!