تركيا تفتح جبهة قانونية جديدة: مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ومسؤولين إسرائيليين بتهمة الإبادة في غزة

إسطنبول – 7 نوفمبر 2025

في خطوة جريئة تعكس تصعيداً في التوترات الإقليمية، أصدر مكتب المدعي العام في إسطنبول اليوم الجمعة مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وعدد من كبار المسؤولين الإسرائيليين، متهماً إياهم بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة. هذا الإجراء، الذي يشمل 37 مشتبهاً به، يأتي في سياق متسارع من الاتهامات الدولية ضد القيادة الإسرائيلية، ويُعدّ إشارة واضحة إلى التزام أنقرة بدعم القضية الفلسطينية، وسط مخاوف من تصعيد دبلوماسي مع تل أبيب.

وفقاً لبيان رسمي صادر عن النيابة العامة في إسطنبول، فإن المذكرة تشمل نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس، بالإضافة إلى مسؤولين عسكريين وسياسيين آخرين، بتهم تتعلق بـ”الإبادة الجماعية” من خلال قصف مكثف للغزة، وعرقلة توصيل المساعدات الإنسانية، واستخدام التجويع كسلاح حرب. وأكد البيان أن هذه الاتهامات مدعومة بأدلة تشير إلى “أعمال منهجية” أدت إلى مقتل نحو 69 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، وإصابة أكثر من 170 ألف آخرين منذ أكتوبر 2023.

وشددت النيابة على أن “الجناة سيُحاسبون يوماً ما أمام القانون”، في إشارة إلى التعاون المحتمل مع منظمات دولية.

سياق دولي: تتويج لمذكرات المحكمة الجنائية الدولية

لا يأتي هذا الإجراء التركي في فراغ، بل يعزز قرارات سابقة من المحكمة الجنائية الدولية (ICC). في 21 نوفمبر 2024، أصدرت الدائرة التمهيدية الأولى في المحكمة مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت – الذي أقاله نتنياهو لاحقاً – بتهم “جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”، بما في ذلك “القتل والاضطهاد” و”الأعمال اللاإنسانية”. ورفضت المحكمة الالتماسات الإسرائيلية السابقة، مما يعني أن نتنياهو وغالانت محظوران الآن من زيارة أي من الـ120 دولة الموقعة على معاهدة روما، التي تشكل أساس عمل المحكمة.

كان طلب مدعي عام المحكمة، كريم خان، في سبتمبر 2024، قد دفع نحو تسريع هذه المذكرات، رغم الضغوط الدولية التي تعرض لها لعدم إصدارها. وفي تصريح للصحافة، أوضح خان أن “الضغوط من قادة عالميين لم تمنع العدالة”. اليوم، يبدو أن إسطنبول تتبنى هذا النهج، مستفيدة من استقلاليتها القضائية لتعزيز موقفها السياسي، خاصة بعد أن أصبحت تركيا مركزاً للدعاوى القضائية ضد إسرائيل في قضايا مثل أسطولة غزة.

التحليل السياسي: رسالة إلى واشنطن وتل أبيب

سياسياً، يُقرأ هذا الإجراء كجزء من استراتيجية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتعزيز صورته كمدافع عن القضية الفلسطينية، في وقت يشهد فيه الرأي العام التركي غضباً متزايداً من العمليات الإسرائيلية. ومع ذلك، يثير تساؤلات حول التنفيذ العملي: فمذكرة إسطنبول لا تملك قوة دولية تلقائية، لكنها قد تعزز الضغط على إسرائيل داخل الأمم المتحدة أو في محافل أوروبية. كما أنها تأتي في ظل تدهور العلاقات التركية الإسرائيلية، التي شهدت انقطاعاً في الاتصالات الدبلوماسية منذ أكتوبر 2023.

من جانبها، نفت إسرائيل الاتهامات فوراً، واصفة الإجراء التركي بـ”السياسي المعادي”، وفقاً لتقارير من “يديعوت أحرونوت”. وفي تغريدة على منصة إكس (تويتر سابقاً)، وصف ناشطون التركيون الخطوة بـ”الانتقام الطائفي”، معتبرين إياها استغلالاً للقضية الفلسطينية لأغراض داخلية.

أما في واشنطن، فمن المتوقع أن يدين الإدارة الأمريكية الإجراء، معتبرة إياه “غير ملزم”، في خط موازٍ لدعمها المستمر لإسرائيل.

الجهةالرد المتوقع/الفعلي
تركياتعزيز الدعم لفلسطين، ربما من خلال حملات دبلوماسية جديدة في الأمم المتحدة.
إسرائيلإدانة فورية، مع تهديدات بإجراءات تجارية أو دبلوماسية.
الولايات المتحدةرفض الاتهامات، مع دعوة إلى “الحوار” لتجنب التصعيد.
المحكمة الجنائية الدوليةمراقبة الإجراء كدعم محتمل لتحقيقاتها الجارية.

نحو عدالة دولية أم تصعيد إقليمي؟

مع اقتراب الذكرى الثانية لهجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، يُعدّ إصدار مذكرة إسطنبول تذكيراً بأن النزاع في غزة لم ينتهِ، بل تحول إلى معركة قانونية عالمية. إذا نجحت تركيا في حشد دعم إقليمي – كما في حالة جنوب أفريقيا التي رفعت دعوى الإبادة – فقد يصبح نتنياهو “مطلوباً” في المزيد من الدول. لكن التحدي يكمن في التنفيذ: هل ستكون هذه المذكرة رمزية، أم خطوة نحو محاسبة حقيقية؟

في الختام، يبقى السؤال مفتوحاً: هل ستدفع هذه الخطوة التركية نحو سلام عادل، أم ستغذي دورة جديدة من التوترات؟ العالم يراقب، والغزيون ينتظرون العدالة.كتب هذا المقال بناءً على بيانات النيابة العامة التركية وتقارير دولية حديثة. لمزيد من التفاصيل، يُرجى متابعة التطورات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!