فرحة وطنية غامرة في الرباط: الجماهير تحتفل بـ”أشبال الأطلس” أبطال كأس العالم تحت 20 سنة

الرباط – 22 أكتوبر 2025 (عباس عيادة لجيل 24)

أعادت شوارع العاصمة الرباط، مساء اليوم الأربعاء، إلى الأذهان ذكريات ملحمة مونديال قطر 2022، حيث غمر موج من الفرح الوطني الشعبي أعضاء المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم لأقل من 20 سنة، في احتفاء جماهيري حاشد بتتويجهم التاريخي بكأس العالم لهذه الفئة، التي أقيمت في تشيلي. هذا الإنجاز غير المسبوق، الذي يُعد الأول لمنتخب عربي في تاريخ المنافسة، رسم خارطة ريادية جديدة للمغرب في عالم كرة القدم، وأشعل حماسة الأمة من طنجة إلى كويرة.
اصطفت عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال، من مختلف الأعمار والمناطق، على جنبات شارعي محمد الخامس والحسن الثاني، والساحات الرئيسية المحيطة بهما، في انتظار مرور “أشبال الأطلس” على متن حافلة مكشوفة مُزيّنة بالأعلام الوطنية. ارتدى المواطنون قمصان المنتخب الأحمر، رافعين لافتات تعبر عن الاعتزاز بهذا الفوز الساحق، الذي جاء بعد انتصار بطولي على المنتخب الأرجنتيني في النهائي، مُبرزًا تفوق الشباب المغربي أمام أقوى المنتخبات العالمية.
انفجر الفرح في الشوارع بالشماريخ والألعاب النارية، مع أهازيج وطنية وزغاريد تعلو السماء، في تعبير عفوي عن البهجة الغامرة التي أدخلها هؤلاء الأبطال في كل بيت مغربي. “كتبوا اسم المغرب بأحرف من ذهب”، هكذا أجمع المواطنون الذين استطلعت آراءهم وكالة المغرب العربي للأنباء، مؤكدين أن هذا الإنجاز رفع الراية الخضراء خفاقة في سماء تشيلي، وأضاف صفحة مشرقة إلى سجل الرياضة المغربية.
في تصريحات حية من قلب الحشود، عبر عثمان (31 سنة)، القادم من تطوان، عن مشاعره قائلاً: “ما عشناه عندما رفع الأشبال كأس العالم هو لحظة وطنية خالصة. أشبال الأطلس هم فخر المغرب، لكونهم دَوَّنوا صفحة مشرقة في سجلنا الرياضي الحالي والمستقبلي”. أما نورة (13 سنة)، الفتاة الحماسية من مراكش، فقد صاحت بصوت مفعم بالعاطفة: “جئت مع أسرتي من مراكش لنقول شكرًا لجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، وشكرًا لهؤلاء الأبطال. أدخلوا فرحة عارمة في البيوت المغربية من طنجة إلى كويرة، وأثبتوا أن المغاربة قادرون على الفوز مهما كانت المسافة أو الصعوبة”.
لم يقتصر الاحتفاء على السكان المحليين، إذ انضم إليهم كريم (13 سنة) من سلا، الذي أبدى ارتياحه قائلاً: “اليوم شعرت أنني جزء من هذا الفوز، وأفتخر بكوني مغربيًا. سأتذكر هذا اليوم طويلاً، لأنه جعلني أحلم بارتداء قميص المنتخب يومًا ورفع الكأس مثلهم”. ومن بعيد، عاد حسن (53 عامًا)، المهاجر المغربي المقيم في ألمانيا، خصيصًا ليشارك في الفرحة، متشحًا بالعلم الوطني، ويؤكد: “فرحت كثيرًا بهذا الإنجاز التاريخي لكرة القدم المغربية، خصوصًا بعد إشادة الصحافة الألمانية بما حققه المنتخب المغربي”.
وفي سياق آخر، أعربت ريم (18 سنة)، الطالبة بكلية الطب من مدينة الخميسات، عن سعادتها بإنجازات أبناء المدرب محمد وهبي، مشيرة إلى أنها سافرت إلى الرباط “لرؤية أشبال الأطلس الذين أسعدوا المغاربة بعد تتويجهم التاريخي بكأس العالم في تشيلي”. أما الصيدلانية منى (43 سنة)، التي عادت من فرنسا للاحتفال، فقد وزّعت قطع الحلوى على الجمهور، وصرحت: “المغاربة قادرون على تحقيق إنجازات تاريخية. حرصت على السفر إلى المغرب لمشاهدة أشبال الأطلس، الذين وصفتُهم بسفراء السعادة”.
مع تفرق الحشود تدريجيًا في أجواء من الحماس المتواصل، واصلت مجموعات أخرى الاحتفاء في أرجاء شارع محمد الخامس على إيقاعات أغاني شعبية مرتجلة، مُعززةً من الروابط الاجتماعية التي تخلقها الرياضة. هذا الاحتفال الشعبي، الذي يأتي عقب الاستقبال الملكي الذي ترأسه صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن صباح اليوم، يُجسّد الوحدة الوطنية والاعتزاز بالإنجازات الشبابية، ويُذكّر بأن “أشبال الأطلس” ليسوا مجرد لاعبين، بل رموز للأمل والمثابرة في بناء مغرب قوي ومتميز.
بهذا الحدث، يُؤكد المغرب مرة أخرى أن الرياضة ليست مجرد لعبة، بل أداة لتعزيز التماسك الاجتماعي والفخر الوطني، مُمهّدًا الطريق لمزيد من الإنجازات في المستقبل القريب.