بعد استقالة وتراجع… تويمي بنجلون محمد يربك الأحزاب برسالة وطنية قبل 2026
الدار البيضاء: افتتاحية جريدة "جيل" المصطفى العياش

في الأيام الأخيرة، أثارت استقالة النائب البرلماني تويمي بنجلون محمد، ثم تراجعه عنها، اهتمام الرأي العام والفاعلين السياسيين على حد سواء. المقال السابق لجريدة جيل حول هذا الموضوع، والذي لقي تجاوبًا واسعًا ونقلته أغلب الجرائد الوطنية، لم يكتفِ بسرد الوقائع، بل فتح نافذة لفهم أعمق للمسؤولية الوطنية داخل المشهد الحزبي المغربي.
هذه التجربة تعكس حقيقة مفادها أن السياسة ليست مجرد مناورات إعلامية أو شعارات انتخابية، بل مسؤولية يومية تتطلب الصدق مع الذات والمواطن، والقدرة على المراجعة والعمل من داخل المؤسسات لإحداث التغيير.
تويمي بنجلون محمد، المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة، اتخذ قراره بالاستقالة انطلاقًا من شعوره بالمسؤولية تجاه المواطنين، قبل أن يعود ويعدل موقفه بطريقة استراتيجية، تؤكد أن الإصلاح الحقيقي لا يبدأ بالانسحاب بل بالاستمرار والمثابرة داخل المؤسسات.
العبرة للأحزاب قبل انتخابات 2026
التجربة تحمل رسالة واضحة لكل الأحزاب: التزكية لم تعد حقًا مطلقًا لكل مرشح.
المواطن المغربي أصبح أكثر وعيًا واطلاعًا، ولن يقبل إلا بمن يمتلك الحس الوطني ويضع مصلحة الشعب فوق أي اعتبار حزبي أو شخصي.
الأحزاب مطالبة بوضع معايير صارمة للترشيح، لضمان أن من يمثلها قادر على خدمة الوطن والمواطنين بصدق والتزام، بعيدًا عن الانتهازية أو المصالح الضيقة.
النقد البنّاء والاختيار الواعي
موقف تويمي بنجلون محمد يظهر أيضًا أهمية النقد البنّاء والعمل الإصلاحي من داخل الحزب.
أي حزب لا يطبق هذا المنطق سيكون معرضًا لفقدان ثقة المواطنين، فالانتخابات القادمة لن تمنح فرصة ثانية لمن يفتقر للمسؤولية الوطنية أو يتحرك وفق مصالح بعيدة عن نبض المجتمع.
السياسة مسؤولية قبل أن تكون منافسة
الدرس الأعمق هو أن السياسة ليست مجرد منافسة على المقاعد أو شعارات انتخابية، بل التزام يومي تجاه الوطن والمواطنين.
الأحزاب التي ترغب في البقاء وبناء مصداقية حقيقية يجب أن تجعل من مصلحة المواطن معيارًا للترشيح، ومن النزاهة والالتزام مبادئ أساسية لكل من يمثلها.
وفي هذا السياق، يقدم تويمي بنجلون محمد نموذجًا سياسيًا نادرًا في المشهد الحزبي الراهن؛ نموذجًا يجمع بين الجرأة في اتخاذ الموقف والقدرة على مراجعته بوعي ومسؤولية.
فقبل انتخابات 2026، على جميع الأحزاب أن تدرك أن القدرة على الإصلاح وخدمة الوطن أهم من الأسماء التي تتحرك وفق الانتهازية أو المصالح الشخصية الضيقة.
السياسة، كما جسّدها تويمي بنجلون محمد، ليست انسحابًا عند أول خلاف، بل التزامًا مستمرًا داخل المؤسسات من أجل التغيير الفعلي وخدمة المواطن.