المغرب يعزز دوره العالمي في مكافحة الإرهاب بزيارة حموشي إلى فيينا

في خطوة تعكس التزام المغرب الراسخ بتعزيز الأمن الإقليمي والدولي، قاد المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، عبد اللطيف حموشي، وفدًا أمنيًا رفيع المستوى إلى العاصمة النمساوية فيينا، خلال الفترة من 6 إلى 8 ماي 2025.

هذه الزيارة، التي تأتي في إطار مشاركة المغرب في الاجتماع الإقليمي الثاني والعشرين لرؤساء أجهزة الاستخبارات والأمن بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلى جانب تركيا وباكستان، تؤكد مكانة المملكة كشريك استراتيجي في الجهود العالمية لمكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود.

مشاركة مغربية فاعلة في فيينا

استضافت فيينا، عبر مركزها الدولي، الاجتماع الإقليمي الذي نظمه فريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات التابع للأمم المتحدة، والذي شهد حضور قادة أجهزة أمنية واستخباراتية من دول المنطقة. شكلت مشاركة حموشي، على رأس وفد يمثل قطب المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، فرصة لعرض التجربة المغربية الرائدة في مكافحة الإرهاب، والتي تحظى بإشادة دولية واسعة. وفقًا لتقرير الأمم المتحدة لعام 2024 حول مكافحة الإرهاب، يُعد المغرب من بين الدول القليلة التي نجحت في تفكيك أكثر من 200 خلية إرهابية منذ عام 2003، مما ساهم في إحباط عشرات الهجمات المحتملة داخل المملكة وخارجها.

ركزت مناقشات الاجتماع على تطورات هياكل القيادة في تنظيمي “داعش” و”القاعدة”، خاصة بعد فقدان هذين التنظيمين لمعاقلهما التقليدية في سوريا والعراق، وتحول تركيزهما نحو الفروع الإقليمية الجديدة في إفريقيا وآسيا. واستعرض المشاركون تقييمًا شاملًا للتهديدات التي تشكلها هذه التنظيمات، سواء على المدى القريب أو المتوسط والبعيد، مع التركيز على آليات تمويلها، وصولاً إلى إخفاء وتشفير الأموال، وتطوير استراتيجياتها الإعلامية. وفي هذا السياق، قدم الوفد المغربي رؤى تحليلية حول كيفية رصد تحركات هذه التنظيمات، مستندًا إلى خبرة المملكة في مراقبة الشبكات الإرهابية عبر وحدات متخصصة مثل المكتب المركزي للأبحاث القضائية (BCIJ).

تعاون ثنائي مكثف

على هامش الاجتماع، أجرى حموشي مباحثات مكثفة مع رؤساء وفود أجهزة أمنية واستخباراتية من دول صديقة وحليفة، بما في ذلك قطر، تركيا، المملكة العربية السعودية، باكستان، والإمارات العربية المتحدة. تناولت هذه المباحثات التحديات الأمنية المشتركة، مثل تهريب الأسلحة، الاتجار بالمخدرات، والهجرة غير النظامية، إلى جانب تهديدات الإرهاب المتطورة. وأكدت هذه اللقاءات على أهمية تعزيز تبادل المعلومات الاستخباراتية والتنسيق الميداني لمواجهة الجريمة المنظمة العابرة للحدود.

تأتي هذه المباحثات في سياق تعاون أمني مغربي متميز، حيث أسهم المغرب في تقديم معلومات استخباراتية حاسمة لدول عديدة، مما أدى إلى إحباط هجمات إرهابية في أوروبا والمنطقة العربية. على سبيل المثال، كشف تقرير للإنتربول عام 2023 أن المغرب قدم معلومات ساهمت في تفكيك خلية تابعة لتنظيم “داعش” في إسبانيا، كانت تخطط لهجوم في مدريد. هذا الدور المحوري عزز مصداقية الأجهزة الأمنية المغربية، التي تُعتبر نموذجًا في الجمع بين الكفاءة التقنية والتعاون الدولي.

المغرب: شريك استراتيجي في الأمن العالمي

تؤكد زيارة حموشي إلى فيينا على المكانة المتميزة التي يحتلها المغرب في التعاون الأمني الدولي. فقد أصبحت المملكة، بفضل استراتيجيتها الاستباقية في مكافحة الإرهاب، مرجعًا إقليميًا وعالميًا. ويعود ذلك إلى نهج شامل يجمع بين تعزيز القدرات الأمنية، تحسين التشريعات، وتطوير برامج للوقاية من التطرف، مثل “برنامج مصالحة” الذي أطلقته الرباط عام 2017 لإعادة تأهيل المتطرفين العائدين من بؤر التوتر.

كما يبرز المغرب كفاعل رئيسي في مواجهة التحديات الأمنية الجديدة، مثل الجرائم السيبرانية المرتبطة بالإرهاب. وفي هذا الإطار، أطلقت المديرية العامة للأمن الوطني عام 2024 وحدة متخصصة في مكافحة الجرائم الإلكترونية، والتي نجحت في رصد حملات دعائية رقمية تابعة لتنظيمات إرهابية، مما ساهم في تحييد تهديدات محتملة.

مستقبل التعاون الأمني

تترجم هذه الزيارة التزام المغرب بتوطيد الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي. فمن خلال مشاركته في مثل هذه الملتقيات، يعزز المغرب دوره كحلقة وصل بين الدول العربية، الإفريقية، والغربية في مكافحة التهديدات المشتركة. كما تؤكد المباحثات الثنائية التي أجراها حموشي على إرادة المملكة في بناء شراكات استراتيجية طويلة الأمد، تعتمد على تبادل الخبرات والمعلومات.

في ظل تصاعد التهديدات الإرهابية، خاصة مع تنامي نفوذ فروع “داعش” في منطقة الساحل والصحراء، يظل المغرب في صدارة الدول التي تجمع بين الكفاءة الأمنية والرؤية الاستراتيجية.

زيارة عبد اللطيف حموشي إلى فيينا ليست مجرد مشاركة في اجتماع دولي، بل تأكيد على أن المغرب يواصل قيادته للجهود العالمية لضمان الأمن والاستقرار، متسلحًا بخبرة راسخة وإرادة صلبة لمواجهة التحديات المعقدة التي تهدد السلم الدولي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى