وقفة احتجاجية لقدماء المحاربين والعسكريين المتقاعدين في المغرب: صرخة من أجل الحقوق والكرامة

في الخامس من يونيو 2025، خرج قدماء المحاربين والعسكريون المتقاعدون وأرامل الشهداء إلى الشوارع في عدة مدن مغربية، من بينها تاوريرت ووجدة ومكناس وكرسيخ وتازة، للتعبير عن غضبهم العارم ومطالبتهم بحقوقهم الأساسية التي يرون أنها سُلبت منهم.

هذه الوقفة الاحتجاجية، التي استندت إلى الفصل 29 من الدستور المغربي الذي يكفل حق التظاهر السلمي، لم تكن مجرد مظاهرة عابرة، بل صرخة مدوية ضد التهميش والإهمال الذي تعانيه هذه الشريحة التي قدمت تضحيات جسيمة في خدمة الوطن.

معاشات هزيلة ومعاناة يومية

تتمحور مطالب المحتجين حول معاشاتهم المتدنية التي لا تكفي لتغطية أبسط متطلبات الحياة. في كلمات مؤثرة، عبّر السي مولاي احمد الغزال عن واقع مرير يعيشونه، حيث أشار أحدهم إلى أرملة تتقاضى 11 درهمًا شهريًا، مبلغ لا يكفي حتى لتغطية تكلفة التنقل لاستلامه. وفي مثال آخر، ذُكر متقاعد يبلغ من العمر 90 عامًا يعاني من معاش زهيد لا يمكّنه من تحمل تكاليف علاجه. هذه الأمثلة تعكس عمق الأزمة التي تواجهها هذه الفئة، التي أصبحت، حسب وصفهم، “مواطنين من الدرجة العاشرة“، يعيشون الفقر والتهميش رغم سنوات خدمتهم الطويلة.

تضحيات منسية وشعور بالظلم

تحدث المحتجون، بقيادة أسماء بارزة مثل مولاي أحمد الغزال وعبد الإله العرج، عن التضحيات الكبيرة التي قدموها، بما في ذلك المشاركة في حروب ومعارك قاسية، وتحمل ظروف غير إنسانية مثل شرب البول للبقاء على قيد الحياة في أوقات الحرب. “عطينا الغالي والنفيس وضحينا بكل ما نملك“، هكذا وصفوا خدمتهم، ليتبع ذلك شعور بالخيبة من تجاهل الدولة لهم. وأعربوا عن استيائهم من معاملتهم كـ”منسيين” في “قبر منسي“، بينما يواجهون الفقر وغلاء المعيشة دون أي دعم حقيقي.

اتهامات بالفساد وسياسة التعتيم

لم يقتصر خطاب المحتجين على مطالبهم الاجتماعية، بل وجهوا اتهامات صريحة للمسؤولين والبرلمانيين بالفساد ونهب ثروات البلاد. تحدثوا عن اختلاسات وتزوير شهادات وتوريث المناصب، في الوقت الذي تُهمل فيه شريحة قدماء المحاربين التي ساهمت في تحرير المناطق الجنوبية. “خيرات المغرب تضاهي خيرات أوروبا بأكملها، لكن هذه الشريحة هُمّشت“، هكذا عبّر أحد المتحدثين عن إحباطه من توزيع الثروة غير العادل. كما انتقدوا سياسة التعتيم التي يتبعها المسؤولون، مشيرين إلى أن صوتهم لا يُسمع وأن مطالبهم لا تُنقل إلى صانعي القرار.

نداء إلى جلالة الملك محمد السادس

في لحظة مؤثرة، وجه المحتجون نداءً مباشرًا إلى الملك محمد السادس، مطالبين إياه بالتدخل لإنصافهم. أكدوا أن المعلومات المغلوطة التي تصل إلى الملك تمنع معاناتهم من الظهور بوضوح. “لو وصلت معاناتنا إلى جلالته، لحُلّت مشكلتنا“، قال أحدهم، معبرًا عن ثقتهم في عدالة الملك وحرصهم على إيصال صوتهم إليه.

مقارنة مع دول أخرى واستمرار النضال

قارن المحتجون بين وضعهم في المغرب ووضع قدماء المحاربين في دول أخرى مثل الجزائر، التي يرون أنها تعتني بمحاربيها بشكل أفضل. “حتى دولة الكراغلة التي لا تملك الكثير تهتم بمحاربيها، بينما نحن هُمشّنا“، قال أحد المتحدثين بحسرة. ومع ذلك، أكد المحتجون عزمهم على مواصلة النضال، معلنين أنهم سيظلون في الشوارع حتى تحقيق مطالبهم، مهما طال الزمن أو كثرت التحديات.

خاتمة: صوت لا يمكن تجاهله

إن وقفة قدماء المحاربين والعسكريين المتقاعدين ليست مجرد احتجاج عابر، بل هي صرخة من أجل العدالة والكرامة. هؤلاء الذين قدموا أرواحهم وسنوات عمرهم في خدمة الوطن يطالبون اليوم بحقوقهم الأساسية:

معاشات تكفي للعيش الكريم، وتكريم يليق بتضحياتهم.

نداؤهم إلى جلالة الملك محمد السادس وإصرارهم على مواصلة النضال يعكسان إيمانهم العميق بحقهم في العيش بكرامة. فهل ستُسمع هذه الصرخة، وهل ستتحقق مطالبهم؟ هذا ما ستكشفه الأيام المقبلة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!