هيئة المتقاعدين المغاربة: استراتيجية نضالية لإنصاف فئة منسية

وجدة، 21 يونيو 2025 – حوار : ذة. منى مريمي

في لقاء تواصلي نظمته هيئة المتقاعدين المغاربة بغرفة التجارة والصناعة والخدمات بوجدة تحت شعار “في خدمة المتقاعدة والمتقاعد… آفاق وتطلعات”، في حوار مع الجريدة كشف السيد أحمد عُماري، عضو المجلس الوطني للهيئة، عن استراتيجية شاملة للدفاع عن حقوق المتقاعدين، وهي فئة وصفها بـ”المهمشة فعلاً” في المجتمع المغربي. يأتي هذا اللقاء في سياق جهود الهيئة لتوحيد المتقاعدين ومواجهة التحديات التي تعيق تحقيق مطالبهم العادلة.

من التهميش إلى التوحيد: رؤية الهيئة

يعاني المتقاعدون المغاربة من ظلم اجتماعي واقتصادي واضح، يتجلى في جمود معاشاتهم منذ ما يقرب من عقدين ونصف، في وقت ترتفع فيه تكاليف المعيشة بشكل مطرد. يرى السيد عماري أن هذا الوضع يمثل “حيفًا كبيرًا” بحق فئة ساهمت في بناء الوطن وضحت بالكثير، لكنها اليوم تعيش في ظروف صعبة، تتسم بالفقر والمرض والإحباط.

للخروج من هذا الواقع المرير، تعتمد هيئة المتقاعدين المغاربة استراتيجية متعددة المحاور، تبدأ بـ”جمع شمل المتقاعدين” لإنهاء حالة التشتت والفئوية التي كانت تفصل بينهم بناءً على قطاعاتهم (التعليم، الصحة، السكك الحديدية، القطاع العام والخاص).

وقد تجسد هذا الهدف في قرار تاريخي اتخذ خلال المؤتمر الأخير للهيئة يومي 25 و26 أبريل 2025، حيث تم تغيير اسمها من “هيئة المتقاعدين المدنيين” إلى “هيئة المتقاعدين المغاربة”، لتشمل المدنيين والعسكريين والمتقاعدين المقيمين خارج الوطن، في خطوة تهدف إلى بناء كيان موحد وقوي.

خطوات عملية لتحقيق المطالب

تعتمد الهيئة على ثلاث ركائز أساسية لتحقيق أهدافها:

  1. فتح حوارات مع الصناديق الاجتماعية: تخطط الهيئة لعقد لقاءات متتالية مع الصناديق المعنية بمعاشات المتقاعدين، مثل منظمة الاحتياط الاجتماعي (CNOPS)، والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد (CIMR)، والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية (IRCAM). ستشارك في هذه اللقاءات كافة فئات المتقاعدين “بشكل قوي ودون استثناء”، بهدف الضغط لتحسين المعاشات وتفعيل الحقوق الاجتماعية.
  2. تنظيم محطات نضالية قوية: بعد استكمال مرحلة جمع الشمل، ستدخل الهيئة في مرحلة نضالية مبرمجة تشمل تحركات محلية، جهوية، ووطنية. هذه المحطات تهدف إلى إيصال صوت المتقاعدين إلى الجهات المسؤولة، مع التركيز على مطلب رفع المعاشات وإنهاء التهميش.
  3. مطالبة الدولة بالإنصاف: يؤكد المتقاعدون أن تحقيق مطالبهم ليس مستحيلاً، مشيرين إلى أن الدولة تمتلك الموارد الكافية لتلبية حقوقهم. وبدلاً من فرض ضرائب إضافية، يطالبون بتخصيص هذه الموارد لتحسين أوضاعهم المعيشية، معتبرين أن ذلك واجب أخلاقي وقانوني تجاه من ساهموا في بناء المغرب.

دعوة إلى العدالة الاجتماعية

يشدد السيد عماري على أن المتقاعدين ليسوا مجرد أرقام في سجلات الدولة، بل هم أشخاص قدموا خدمات جليلة للوطن، ويستحقون عيشًا كريمًا في “المحطة الأخيرة من حياتهم”. وفي هذا السياق، يدعو إلى تضافر الجهود بين المتقاعدين والمجتمع المدني والدولة لتصحيح هذا الظلم التاريخي.

يختتم اللقاء التواصلي بتأكيد على أن هيئة المتقاعدين المغاربة لن تتوقف عند الشعارات، بل ستستمر في النضال حتى تحقيق العدالة الاجتماعية للمتقاعدين. ومع اقتراب المحطات النضالية المبرمجة، يبقى السؤال: هل ستستجيب الدولة لهذا النداء العاجل، أم سيتواصل تهميش فئة كانت يومًا عماد الوطن؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!