من الشغف إلى التأثير: شباب المغرب يسطرون فصولاً جديدة في “مغرب الثقافات”

احتضن مسرح محمد السادس بوجدة مساء اليوم، 13 دجنبر 2025، فعاليات الدورة الثانية للمسابقة الوطنية لصناع المحتوى التي نظمها reportrs نادي طلبة المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بوجدة. جرت هذه المسابقة تحت شعار “مغرب الثقافات”، وجاءت تأكيداً على أن صناعة المحتوى تعتبر اليوم أداة للتأثير والوعي.
واختار المنظمون، الذين عملوا على إنجاح الحدث لأكثر من سنة، موضوع “مغرب الثقافات” إيماناً منهم بأن التنوع الثقافي مصدر قوة. وأشاروا إلى أن تنظيم هذه الفعالية هو ثمرة تعب وسهر وعمل متواصل، ومظهر للروح الجماعية التي قررت تحويل الفكرة إلى حقيقة. كما أكدوا على أن النادي ليس مجرد تجمع للطلبة، بل يؤمن بأن الاختلاف مصدر قوة وأن الثقافات المتعددة هي سر القوة الحقيقية ومرآة للإبداع.
تنوعنا هو مصدر قوتنا
انطلق الحدث من قناعة راسخة: التنوع الثقافي هو مصدر قوة، وأن الطريق الحقيقي نحو الإبداع والتميز يمر عبر العمل المشترك،،. لقد تجسدت هذه القناعة في جهود الفرق المشاركة التي أظهرت أن النجاح لا يأتي عن طريق الصدفة، بل هو ثمرة التحدي والسهر والعمل لساعات إضافية،. وكما صرح أحد منظمي ملتقى، فإن الهدف كان جعل العالم الرقمي يخدم الثقافة، لا العكس.
إن روح هذا الحدث تتجذر في الهوية المغربية العميقة التي تعترف دستورياً بكل من العربية والأمازيغية كلغات رسمية، وتؤكد على ضرورة التسامح والتعايش كأسس للعيش في سلام وأمان،.
قصص النجاح: الإبداع يجمع طنجة ووجدة
لقد أثبتت الفرق الفائزة أن الشباب يستخدمون الأدوات الرقمية الحديثة لسرد قصص قديمة جداً، عبر مقاربات مختلفة وعميقة:
المركز الأول: “مجموعة لينز” (وجدة)
فازت “مجموعة لينز” بتبنيها نهجاً جريئاً يؤكد أن “تنوع الثقافات لا يعني الاختلاف”. لقد غاصوا في الثقافة المحلية لمدينة وجدة، مقدمين رموزاً ثقافية عميقة مثل القفطان كبصمة هوية للمغربيات، والبلوزة التقليدية التي أصبحت جزءاً أساسياً من هوية المنطقة الشرقية، بالرغم من أصولها العثمانية،. كما أبرزوا التناغم الموسيقي في وجدة، التي “تتحدث لغتين”؛ المتمثلة في الطرب الغرناطي الرفيع، جنباً إلى جنب مع الأصوات الشعبية المحلية، مجسدين بذلك فلسفة “التوليف” بين التأثيرات الخارجية وجعلها جزءاً أصيلاً من الهوية.
المركز الثاني: “346” (وجدة)
قدمت فرقة “346” فيديو بعنوان “نبض الحياة”، ركز على الدار البيضاء كمركز ثقافي واقتصادي يجمع كل ألوان المغرب (الريفي، الأمازيغي، العربي). كان أبرز ما في عملهم هو التناقض البصري الذكي الذي يعكس التعايش: تصوير البلغة التقليدية (رمز الذاكرة) بجوار أحذية رياضية عصرية، في لقطة واحدة ترمز إلى التعايش بين الذاكرة والحداثة. لقد شعر المشاهدون بأن المدينة، رغم كل قصصها المتدفقة، لا تزال تبدو “كدار واحدة”،.
المركز الثالث: “إنسات برس” (طنجة)
اتخذت فرقة “إنسات برس” من طنجة مقاربة مختلفة، حيث ركزت على عملية الإبداع نفسها. إذ أوضحوا أن مشروعهم “ولد من رحم تحدي الزمن القصير”، وتحدثوا عن الليالي التي سهروا فيها،. والأهم من ذلك، أظهروا كيف أن أعضاء الفريق، الذين جاؤوا من خلفيات متعددة وآراء متباينة، ذابت كل فروقهم تحت ضغط الهدف المشترك،. لقد كان العمل الفني شاهداً على أن التعاون هو سر القوة الحقيقية.
أعمال متنافسة تعكس الهوية المغربية
شهدت المسابقة عرض أعمال متنوعة ركزت على إبراز غنى الهوية المغربية. من بين المشاركين، قدم فريق عمل فيديو بعنوان “نبض الحياة” الذي تناول مدينة الدار البيضاء (كازا) كنموذج يمثل جميع الثقافات المغربية، حيث يلتقي فيها الريفي والشلح والعروبي، وتتعايش فيها الثقافات. وشدد المشاركون في هذا العمل على أن “مغرب الثقافات” يظهر بوضوح حيث تتوحد البلاد رغم الاختلاف في القصص.
كما قدم فريق آخر فيديو يمثل جمال الثقافة المغربية الأصيلة، واختصروا فيه إظهار مدينة وجدة لتمثل المغرب بأكمله. وسلط هذا العمل الضوء على المدينة القديمة بوجدة، وعلى القفطان الذي يمثل جمال المغربيات وهو بصمة هوية. كما أشاروا إلى أن الشاي هو المشروب الذي يتواجد في كل بيت مغربي، ويعكس الدفء واللمة بين العائلة.
إعلان النتائج وانطباعات الفائزين
الحدث، عرف تكريم مجموعة من الاساتذة والمبدعين وهلى رأسهم الأستاذ أحمد طنطاوي، الأستاذ بجامعة محمد الأول والمختص في التراث الأدبي الأندلسي والمغربي، تقديراً لمساهمته الفنية في مجال الموسيقى الأصيلة (الطرف الناقي وفروعه). وأكد المنظمون على شكرهم لجميع الحضور، متمنين أن يكون هذا الملتقى قد ارتقى إلى مستوى التطلعات.
رسالة إلى كل مبدع شاب:
إن ما قدمه هؤلاء الشباب هو دليل ساطع على أن العمل الثقافي ذي المغزى العميق يتطلب التضحية والشغف الخالص،. فإذا كان هدفك هو الارتقاء بالمحتوى الرقمي من مجرد الترفيه إلى الحفاظ على الجذور وخدمة الوعي الثقافي، فإنك مدعو للمضي قدماً في طريق التحدي.
استمدوا قوتكم من التنوع، واعملوا بروح جماعية، ففي كل مدينة وزقاق في هذا الوطن، هناك قصة عريقة تنتظر منكم أن ترووها بأدوات عصركم. تذكروا دائماً: الاختلاف مصدر قوة، والإبداع الحقيقي ينبع من وحدة الهدف.









